بعد إلغائه الانتخابات، عباس قد يشكل حكومة مع الفصائل لإقصاء منافسيه داخل فتح.. فهل توافق حماس؟
السياسية:
أحدث قرار تأجيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الانتخابات الفلسطينية العامة والرئاسية أثار استياءً في العديد من الأوساط الفلسطينية وسط محاولات السلطة لإيجاد بديل يعطي الشرعية للحالة السياسية التي خلفها القرار.
وأثار قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأجيل الانتخابات العامة التي كانت مُقرَّرة في 22 مايو/أيَّار 2021 حتى ضمان إجرائها في القدس موجة من الرفض، باعتباره “غير مخول” بذلك دستورياً، في حين أشار مسؤولون إلى أن وجود الاحتلال وغياب المجلس التشريعي “يتيح له ذلك”.
لكن وزير العدل الفلسطيني، محمد شلالدة، شدد على حق الرئيس عباس في التأجيل، بسبب ترؤسه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وغياب المجلس التشريعي، واستمرار الانقسام، ورفض إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس، مضيفاً: “عباس يتمتع بسلطة تقديرية تتيح له تأجيل الانتخابات، بسبب استحالة إجرائها في الأراضي الفلسطينية كافة”، حسبما نقلت عنه صحيفة إندبندنت عربية.
ولم يشمل التأجيل الانتخابات التشريعية فقط، لكن الرئاسية التي كانت مقررة في يوليو/تموز المقبل، في ظل رغبة الرئيس عباس في الترشح لها، بحسب مقربين منه، إضافة إلى عزم القيادي في حركة مروان البرغوثي الترشح لها أيضاً.
خيارات السلطة الفلسطينية
وبدأت الفصائل الفلسطينية تتحدَّث عن مشاوراتٍ جديدة للخروج من الأزمة القانونية والسياسية، دون أيِّ رؤيةٍ واضحة لما قد يحدث. وستجري المرحلة المقبلة وسط مخاوف من استئناف الاتِّهامات المُتبادَلة بين فتح وحماس وتبدُّد آمال المصالحة، حسبما ورد في تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.
وقال المتحدِّث باسم عباس، نبيل أبو ردينة، في مقابلةٍ إذاعية بُثَّت في 2 مايو/أيَّار الجاري إن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو أحد الإجراءات المُتوقَّعة للفترة المقبلة بعد تأجيل الانتخابات، إضافةً إلى تعزيز منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية وإمكانية دعوة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية للانعقاد من أجل صياغة سياساتٍ مُحدَّدة.
وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لصحيفة “الأيام” في 1 مايو/أيَّار، إن الاتصالات مع مُختَلَف الفصائل الفلسطينية ستبدأ لمحاولة تشكيل حكومة توافقية.
موقف حماس
لكن موسى أبو مرزوق، نائب رئيس حركة حماس في الخارج، قال لشبكة قدس الإخبارية في 2 مايو/أيَّار إن حماس لن توافق على تشكيل حكومة بدون انتخابات.
وقال الناطق باسم حماس، فوزي برهوم، لموقع Al-Monitor الأمريكي، إن “الساحة الفلسطينية تشهد تعطيلاً غير مسبوق للمؤسَّسات السياسية والدستورية، وإنه يجب إطلاق حملة إستراتيجية لترتيب الوضع الداخلي بدءاً من الحوارات مع باقي الفصائل والدعوة إلى لقاء وطني شامل للخروج من الأزمة، إلى إنهاء احتكار عباس لصنع القرار الفلسطيني”.
وأضاف: “حماس انضمَّت إلى العملية الانتخابية لإعادة بناء المؤسَّسات الفلسطينية على أسسٍ ديمقراطية، واليوم نحن مُطالَبون بمواجهة قرار عباس بتعليق الانتخابات من أجل مصلحةٍ حزبية ضيِّقة، ومخاوفه من أن تخسر فتح أمام حماس. لكننا نلوم إسرائيل أيضاً على التدخُّل في الشؤون الفلسطينية”.
الفصائل الأخرى متحفظة
لم تكن حركة حماس هي الوحيدة التي رفضت تشكيل حكومة وحدة وطنية. إذ قالت عدة مصادر من مُختَلَف الفصائل الفلسطينية إنهم يعتقدون أن تشكيل مثل هذه الحكومة أمرٌ غير مُرجَّح، حسب موقع Al-Monitor.
واعتبروا أن الدعوة إلى تشكيل مثل هذه الحكومة ليست جادة ومُقدَّر لها الفشل. وقالوا إن الدعوة إلى تشكيل حكومة في ظلِّ الثقة المُحطَّمة بين حماس وفتح لا معنى له، وإن حماس لن تقبل حكومة ترضخ لشروط اللجنة الرباعية المختصة بشؤون الشرق الأوسط. وتشمل هذه الشروط الاعتراف بإسرائيل.
وقال طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: “اتَّخَذَ عباس قرار تأجيل الانتخابات دون مراعاةٍ لتداعيات هذا التأجيل. لا يمكن أن يستمر الوضع الفلسطيني على هذا النحو بقراراتٍ ومراسيم رئاسية تصدر دون التشاور مع بقية الفصائل”.
وأضاف: “لدينا عدة خيارات للردِّ على قراره. والأهم أننا سنشكِّل جبهةً وطنيةً واسعة تجعل عباس يتراجع عن القرار، ولاتِّخاذ خطواتٍ جادة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني. وسندعو مرةً أخرى لاجتماعٍ عاجل لمسؤولي الفصائل الفلسطينية. إن تشكيل حكومة الوحدة لن يحقِّق لنا شيئاً. والأزمة تتطلَّب إطاراً أوسع للتعامل مع الوضع، إذ من غير المُرجَّح أن تنهي مثل هذه الحكومة الانقسام”.
وأفادت صحيفة “الأيام” الفلسطينية في 3 مايو/أيَّار بأن المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يعمل على إرساء رؤيةٍ عملية لمعالجة القضية الفلسطينية، بحيث لا تقتصر هذه الرؤية على معالجة مسألة الانتخابات المؤجَّلة، بل تسعى أيضاً إلى تحقيق التوافق الوطني الشامل للتعامل مع الأزمة وإنقاذ المشروع الوطني من التجزئة والانقسام عبر خطواتٍ عملية.
ضغوط لإجراء الانتخابات
وقال كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن “تأجيل الانتخابات أحدث أزمةً عميقةً على الساحة السياسية الفلسطينية. لم يحظ القرار بموافقةٍ لأنه يعني تعطيل الحياة السياسية الفلسطينية. وأسرع خيار للتعامل مع ما يحدث هو دعوة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد والاتفاق على انتخاب أعضائه وتجديد هيكل منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة تأكيد دورها بعد إهمالها وإضعافها”.
وقال إن “كلَّ وسائل الضغط” يجب أن تُمارَس على عباس من أجل “حلِّ الأزمة الداخلية”. وأضاف أن الضغط يجب أن يشمل عقد مؤتمرٍ وطنيٍّ عام.
وفي 3 مايو/أيَّار، أعلنت 22 قائمة انتخابية، في مؤتمرٍ صحفي متزامن في غزة ورام الله، تشكيل “المجلس التنسيقي للقوائم الانتخابية”، واتفاقهم على خطواتٍ لمواصلة الضغط على عباس لإجراء الانتخابات.
دعوة لإحياء النضال
وقال أحمد المدلل، القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، إن تأجيل الانتخابات “يتطلَّب من القوى الفلسطينية التفكير في برنامج وطني لمواصلة القتال ضد قوات الاحتلال، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة في فبراير/شباط، حتى لا يُعمَّق الانقسام الفلسطيني.
واعتبر أن الانتخابات ليست الحلَّ الحقيقي لإنهاء الانقسام، لكنه انتقد عباس قائلاً إنه يواصل احتكار صنع القرار”.
وأضاف: “من الضروري تشكيل قيادة وطنية مُوحَّدة لإطلاق انتفاضةٍ شاملة ضد قوات الاحتلال”، حسبما نقل عنه Al-Monitor.
المشاورات تستبعد القدوة ودحلان المنشقيْن عن فتح
وقال مسؤولون كبار في فتح لصحيفة القدس العربي في 2 مايو/أيَّار إن المشاورات الجارية لبحث الوضع الفلسطيني بعد قرار تأجيل الانتخابات لا تشمل القائمتين الانتخابيَّتين المنشقتين لفتح بقيادة ناصر القدوة ومحمد دحلان.
وقال دحلان في بيانٍ صدر في 30 أبريل/نيسان إن قرار تأجيل الانتخابات غير قانوني وصادر عن رئيسٍ فَقَدَ شرعيته ويعرِّض مستقبل الفلسطينيين للخطر. وطالَبَ المجتمع الدولي بالتوقُّف عن توفير الغطاء الدبلوماسي والمالي لما وصفه بالديكتاتورية الفاسدة.
وقال القدوة، زعيم قائمة الحرية، في مؤتمرٍ صحفي في 1 مايو/أيَّار في غزة، إنه من الضروري تشكيل حكومة كفاءات من مُختَلَف الفصائل لمواجهة التحديات، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد، وتغيير الأطر السياسية القائمة، وإنشاء هيئة سياسية جديدة، ورفض أيِّ حلولٍ فارغة لمعالجة الأزمة.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن رأي الموقع