هل يتخلص تبون من بعض إرث بوتفليقة بتقزيم أكبر الأحزاب وتقوية الموالين؟
السياسية:
رفضت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر ملفات ترشح شخصيات ثقيلة في أحزاب كبيرة للانتخابات التشريعية، المزمع إجراؤها في 12 يونيو/حزيران القادم.
واستندت معظم علل الرفض على المادة 200 من قانون الانتخابات الجديد، والتي تنصّ على رفض ملف كل من له “صلة مشبوهة بأصحاب المال الفاسد، وكان قد أثر سلباً على العمليات الانتخابية السابقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”.
ومن بين الشخصيات الكبيرة التي تم إقصاؤها من المشاركة في الانتخابات التشريعية الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الذي كان يملك الأغلبية في البرلمان المحلول أبو الفضل بعجي، إضافة إلى حوالي 20% من قوائم الحزب، فضلاً عن العشرات من القيادات في حزب التجمع الوطني الديمقراطي وبعض الشخصيات في حزب حركة مجتمع السلم.
عزل سياسي غير معلن
يرى مراقبون للشأن السياسي الجزائري أن عملية الإقصاء الكبيرة للمرشحين، خاصة في أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وبصفة أقل حركة مجتمع السلم (إسلامي)، هي مواصلة لعملية العزل السياسي غير المعلنة التي بدأها تبون بعد أن أقرّ مادة في قانون الانتخابات تمنع ترشح النواب المخضرمين الذين فازوا بولايتين متصلتين أو منفصلتين في السابق.
المحلل السياسي نور الدين ختال قال إن “السلطة تتجه إلى إعطاء مصداقية أكبر لتشريعيات من خلال إبعاد كل الأسماء التي أسهمت من قريب أو من بعيد في الفساد الذي انتشر بشكل واسع خلال مرحلة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، كما أن إبعاد شخصيات محسوبة على المولاة يؤكد على استقلالية قرار السلطة المستقلة للانتخابات”.
ويرى ختال في تصريح لـ”عربي بوست” أن “إقصاء عدد كبير من المرشحين له تأثير سلبي على أحزاب الموالاة التقليدية، مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، التي اعتادت على الاستفادة من كونها مقربة من السلطة” .
وفيما يخصّ تأثير ذلك على العملية الانتخابية يعتقد ختال أنه لن يؤثر، حيث إن المقاطعين سيقاطعون في كل الأحوال، كما أن المشاركين حسموا أمر المشاركة منذ استدعاء الهيئة الناخبة.
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس حركة السلم عبد الرزاق مقري (صفحة رئاسة الجمهورية)صناعة موالاة جديدة
مما لا شك فيه أن عملية الإقصاء الكبيرة التي باشرتها السلطة المستقلة للانتخابات على ملفات ترشح الأحزاب التقليدية تصبّ في صالح القوائم الشبابية المستقلة التي تدعمها الدولة بالمال.
كما تستفيد بطريق أو بآخر الأحزاب الصاعدة، مثل حركة البناء وجبهة المستقبل وجيل جديد، المقربة من الرئيس تبون، والمتوقع أن تتحالف معه لتشكيل الحكومة في حال حصولها على الأغلبية البرلمانية.
المحلل السياسي نور الدين ختال في حديثه مع “عربي بوست” اعتقد أن المستفيد الأول من عملية إقصاء الرؤوس الكبيرة من طرف سلطة الانتخابات هي “أحزاب الموالاة الجديدة”، وهي حركة البناء وجبهة المستقبل وجيل جديد، لاسيما أن تعويض القوائم وإعادة ترتيبها من طرف الأحزاب التقليدية لن يكون سهلاً.
رفض ترشيحات أحزاب سياسية في الجزائر
بعد أن تمكن تبون من إقصاء الشخصيات المعمرة في البرلمان، أو من يطلق عليهم اسم “الديناصورات” في الجزائر، بحرمانهم من الترشح بمادة صريحة في قانون الانتخابات، انتقل إلى المرحلة الثانية التي تشبه إعادة تصفية ثانية، إذ أقصى كل من يمكن أن يكون منافساً شرساً للأحزاب المقربة منه، والقوائم الحرة تعد صناعة أمنية في الغالب، على حدّ تعبير رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، وهذا لتشكيل برلمان على المقاس للمرحلة القادمة.
وقال مقري إن هناك قوى إدارية وأمنية شكّلت قوائم حرة للمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، للسيطرة وضمان الأغلبية لتشكيل الحكومة بسهولة.
وانتقد رئيس أكبر حزب إسلامي في ندوة صحفية، يوم الإثنين الماضي، الاتجاه نحو ما سماه تكريس المجتمع المدني والقوائم الحرة كبديل للأحزاب السياسية، والعمل على تسيير المستقلين كآحاد بإرادة فوقية.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن رأي الموقع