أقوى 10 دول تمتلك القدرات الصاروخية في العالم
السياسية: رصد
“العالم يتوجه نحو نهضة الصواريخ الباليستية”، هكذا وصف أحد الخبراء العسكريين المشهد الحالي الذي لا تتزايد فيه عدد الدول المالكة للصواريخ الباليستية فقط بل إن مدى صواريخها يطول بشكل غير مسبوق موسعاً دائرة التهديدات لخصومها.
رغم القيود الدولية الواسعة عبر ترتيبات واتفاقات لمنع تصدير الصواريخ وتكنولوجياتها، (وهي أغلبها غير إلزامية)، فإن هذا لم يمنع تبادلاً واسعاً بين الدول لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية مع بعض الحالات التي تم فيها تصدير صواريخ كاملة وليس مجرد تكنولوجيا (أشهرها شراء السعودية لصواريخ باليستية صينية)، وأدى هذا إلى نمو مطرد في قائمة الدول المالكة للصواريخ الباليستية والأهم في نوعية قدراتها.
ورغم تطور أنظمة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، كما ظهر في حرب تحرير الكويت، فإن منتجي الصواريخ الباليستية يواصلون تطوير سرعات صواريخهم، ونطاقاتها وزيادة أعدادها بل إكسابها القدرة على المناورة للتغلب على الأنظمة الدفاعية.
كما أن دولة فقيرة مثل كوريا الشمالية تطور صواريخ متعددة الرؤوس مثل تلك المملوكة لروسيا وأمريكا ما يجعلها عملياً صعبة إن لم تكن مستحيلة الاعتراض، مثل صاروخها الجديد الصاروخ هواسونغ-16.
سلاح الفقراء
وتعد الصواريخ الباليستية أيضاً سلاح الفقراء، إلى حد كبير، إذ تستطيع دول كوريا الشمالية وإيران وحتى الهند وباكستان، تعويض تأخرها التكنولوجي أمام الغرب والصين وروسيا عبر الصواريخ الباليستية.
يقول إيان ويليامز، المدير المساعد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي كان يجمع البيانات حول برامج الصواريخ في بلدان مختلفة: “نعتقد أننا ندخل في نهضة صاروخية”، حسبما ينقل عنه تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
وتمثل كوريا الشمالية نموذجاً واضحاً لذلك، فقد ارتفعت التقديرات، بشأن أقصى مدى لصواريخها من 745 ميلاً في عام 1990 إلى أكثر من 8000 ميل الآن. هذا يكفي لضرب حوالي أكثر من نصف العالم، بما في ذلك البر الرئيسي للولايات المتحدة. (خلال نفس الفترة، اكتسبت كوريا الجنوبية القدرة على ضرب أي مكان في كوريا الشمالية فقط).
الصواريخ التي تنتجها كوريا الشمالية هي أمثلة على مدى صعوبة منع الصواريخ من الانتشار.
الصاروخ هواسونغ-16 العملاق التي تمتلكه كوريا الشمالية
على الرغم من عقود من العقوبات، طورت البلاد عائلة من الصواريخ الباليستية باستخدام الدروس المستفادة من سكود. تم بيع بعض من أنواعها إلى دول أخرى.
محاولة منع انتشار تكنولوجيا الصواريخ صعبة للغاية. إذ يكاد يكون من المستحيل إيقاف التجارة في الأجزاء الصغيرة، مثل أنظمة التوجيه والمحركات، فضلاً عن نقل الخبرة البشرية. يمكن أن يحمل محرك أقراص محمول واحد للكمبيوتر العديد من الأسرار.
وفي بعض الأحيان، يمكن أن تكون قطعة واحدة حافزاً لتحقيق اختراق: يُعتقد أن تصميم المحرك السوفييتي القوي الذي حصلت عليه كوريا الشمالية هو المحرك الرئيسي للتطورات الأخيرة التي حققتها البلاد.
العديد من الدول تتعلم الآن أسرار علم الصواريخ وكيفية صنع نماذج أكثر تهديداً بشكل تدريجي. الهند، على سبيل المثال، تعمل على صاروخ يمكن أن يمكّنها من ضرب ما يقرب من نصف الكوكب، حسب The New York Times.
كيف يمكن تقييم القدرات الصاروخية لأي دولة؟
عند الحديث عن القدرات الصاروخية لأي دولة يجب مراعاة أربعة عوامل:
الأول: عدد الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي تمتلكها الدولة.
الثاني: المدى الأقصى للصواريخ التي تمتلكها الدولة.
الثالث: دقة الصواريخ التي تمتلكها الدولة ومدى قدراتها على اختراق دفاعات الخصوم.
الرابع: الموقع الجغرافي ومنصات الإطلاق (قواعد ثابتة أو متحركة محمية جيداً أم لا، غواصات وهي المنصات الأكثر قدرة على النجاة).
أقوى 10 دول تمتلك صواريخ باليستية
هناك خمس دول قادرة على استهداف أي مكان في العالم بلا استثناء (سواء عبر صواريخ تطلق من الأرض أو البحر)، حسب تقرير The New York Times.
وهي وروسيا، وأمريكا والصين وبريطانيا، وفرنسا، بالترتيب، ويمكن اعتبارها الفئة الأولى من الدول المالكة للصواريخ الباليستية مع تميز واضح في الكم والكيف لصالح أمريكا وروسيا، وخاصة الأخيرة.
وهناك دولة واحدة قادرة على الوصول لمعظم مناطق العالم وهي كوريا الشمالية (باستثناء أمريكا الجنوبية).
أما الفئة الثالثة فتضم أربع دول تستطيع استهداف محيطها بشكل متزايد.
وهي بالترتيب:
– إسرائيل التي تستطيع صواريخها أن تطول كل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأغلب قارتي أوروبا وإفريقيا، ووسط وجنوب وشمال غربي آسيا (بما في ذلك إيران وغرب روسيا وباكستان ومعظم الهند).
– الهند وتستطيع صواريخها الوصول لمعظم مناطق آسيا وأقصى شرق إفريقيا وتخوم أستراليا.
– السعودية تستطيع عبر الصواريخ التي اشترتها من الصين الوصول لكل مناطق الشرق الأوسط وصولاً إلى ليبيا، وكذلك جنوب شرق أوروبا والقوقاز وباكستان وأقصى غرب الهند، وشرق إفريقيا حتى السودان وإفريقيا الوسطى وإثيوبيا وكينيا.
– إيران: تستطيع صواريخها الوصول إلى مدى أقل قليلاً من الصواريخ السعودية، بما في ذلك الشرق الأوسط كله، وأقصى جنوب شرق أوروبا وجنوب روسيا والقوقاز وباكستان وشمال وشرق الهند، وكذلك أقصى شرق إفريقيا.
وهناك دولة أخرى مثل باكستان وكوريا الجنوبية وتايوان تطور قدرات صاروخية كبيرة، ولكن تظل أقصر في المدى من الدول العشر السابقة، حسب تقريرThe New York Times.
وإن كانت باكستان تعد الأقرب من حيث المستوى للدخول في قائمة الدول العشر الأولى، خاصة من حيث مدى صواريخها، وهي تغطي معظم شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، وبالكاد يصل مداها لإسرائيل.
توازن القوى بين الدول المالكة للصواريخ الباليستيةالمواجهة بين روسيا وأمريكا
عززت روسيا تفوقها في مجال الصواريخ الباليستية بتطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات فائقة صوتية (أي أسرع من الصوت عدة مرات)، لتصبح سلاحاً قادراً على تدمير أمريكا دون وجود أي وسيلة لإسقاطه في المدى المنظور.
إذ إن الصواريخ الروسية الباليستية العابرة للقارات الفائقة الصوتية تجمع بين السرعة العالية والقدرة على المناورة السريعة يمكن أن تجعل من الصعب جداً مواجهة الأنظمة التقليدية المضادة للصواريخ، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
ومن أبرز هذه الصواريخ Avangard: وهو صاروخ يطير 27 ضعف سرعة الصوت ولديه قدرة هائلة على المناورة.
ويقول محللون إن تطوير ونشر الصواريخ فائقة الصوتية، لن يغير التوازن الحالي بين القوات الدفاعية الأمريكية والهجوم الروسي؛ حيث إن الولايات المتحدة لا تستطيع الدفاع ضد الرؤوس الحربية الموجودة حالياً على الصواريخ الروسية، ناهيك عن الصواريخ الأكثر تقدماً مثل Avangard.
القوى الصاروخية المتوسطة تتوسع
العديد من الدول المالكة للصواريخ الباليستية التي يمكن وصفها بالقوى الصاروخية المتوسطة مثل إيران وكوريا الشمالية وباكستان لديها برامج قوية لتطوير الصواريخ، ويشير تشابه بعض صواريخها إلى أنها تعاونت لمشاركة التكنولوجيا.
بدأت باكستان في الاستثمار بشكل أكبر في برنامجها الصاروخي في التسعينيات ويعتقد أنها تعاونت أيضاً مع الصين، بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان لدى باكستان القدرة على ضرب معظم الهند، منافستها الإقليمية الرئيسية، ولدى إيران برنامج يثير قلق الغرب ودول الخليج وإسرائيل، بنى هذا البرنامج بالأساس رداً على البرنامج العراقي الذي كبد الإيرانيون خسائر فادحة أتثاء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن العشرين خاصة خلال ما عرف بـ”حرب المدن” بين البلدين؟
بالإضافة إلى ذلك، تعمل كل من الهند وكوريا الشمالية على صواريخ تطلق من الغواصات، والتي ستمكن البلدين من إخفاء صواريخهما بشكل أفضل لاستخدامها في الرد لأنه يمكن للصواريخ المحملة على غواصات النجاة من أي هجوم نووي مباغت.
السعودية وإيران.. من أقوى؟
عكس الشائع فإن مدى الصواريخ السعودية أطول من نظيراتها الإيرانية ولكن ليس بفارق كبير.
لكن الفارق الأساسي أن طهران تتنج صواريخها محلياً بدعم من كوريا الشمالية على الأرجح، فيما السعودية اشترت صواريخها الباليستية من الصين بتنسيق أمريكي في بعض المراحل (لضمان عدم قدرتها على حمل أسلحة نووية).
فبعد حرمان الرياض من الحصول على الصواريخ الباليستية الأمريكية، طرقت السعودية باب بكين– التي أثبتت في السابق استعدادها لتصدير الأسلحة إلى إيران عندما رفضت موسكو وواشنطن القيام بذلك.
وفي عام 1987، نقلت الصين ما بين 30 إلى 120 صاروخاً باليستياً متوسط المدى من طراز دونغ فنغ (رياح الشرق) من نوع DF-3A والذي يبلغ طوله 24 متراً إلى جانب 12 شاحنة من وحدات النقل والنصب والقذف.
بمجرد ملء تلك الصواريخ بالوقود السائل، تستطيع تلك الصواريخ إصابة أهداف على بعد 2700 ميل- على الرغم من أنها تتطلب منصات إطلاق خاصة. شكلت المملكة العربية السعودية قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية لتشغيل الأسلحة، مما أثار انزعاج واشنطن.
نظراً للضعف الشديد لدقة الصواريخ السابقة، توجهت الرياض مرة أخرى إلى الصين- هذه المرة للحصول على صواريخها طراز DF-21 IRBM التي تتسم بتوجيهٍ أدق، والذي يبلغ الخطأ الدائري المحتمل بها 30 متراً فقط (حتى إن الصين طورت نموذجاً موجهاً طراز DF-21D لضرب السفن الكبيرة في البحر).
رغم قصر مداه البالغ 1100 ميل، يُعَدُّ هذا الصاروخ الذي يبلغ وزنه 30 طناً مناسباً تماماً لضرب أهداف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسيكون من الصعب اعتراضه حيث يندفع نحو هدفه بعشرة أضعاف سرعة الصوت.
مصر وتركيا لاعبان مهمان ولكن غير مشهورين
هناك لاعبون مهمون بين الدول المالكة للصواريخ الباليستية ولكن لا يظهرون في الصورة كثيراً مثل مصر التي لديها برنامج قديم للصواريخ يعود لعهد الرئيس جمال عبدالناصر، ويعد من أقدم برامج الصواريخ في العالم.
ولكنه تطور ببطء جراء خليط من الأزمات الاقتصادية ومشكلات البيروقراطية، والضغوط الخارجية، ويرجح أنه ازدهر في فترة الثمانينات بالتعاون مع العراق في عهد صدام حسين. ويعتقد أن استبعاد الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك لوزير الدفاع المصري الشهير عبدالحليم أبو غزالة من منصبه في الثمانينات جاء بسبب ضغوط أمريكية بسبب برنامج الصواريخ المصري، بما في ذلك عمليات تجسس في أمريكا لتطوير هذا البرنامج.
تتكون ترسانة الصواريخ الباليستية في مصر بالكامل من صواريخ قصيرة المدى، مما يعكس الطبيعة الإقليمية لتصوراتها للتهديدات، تنشر مصر حالياً صواريخ (R-300 Elbrus (R-17 سابقًا المعروفة باسم سكود بي وصواريخ مدفعية صقر 80.
يبلغ مدى الصاروخ R-300 Elbrus من 275 كيلومتراً إلى 500 كيلومتر، ويوجهه نظام بدائي بالقصور الذاتي، تمتلك مصر القدرة الأساسية على إنتاج R-300، ولكنها تعتمد على الدول الأخرى للحصول على المساعدة والمكونات المتقدمة، تشير التقديرات حالياً إلى وجود ما يقرب من 100 صاروخ من هذا النوع في ترسانة مصر. وهناك صاروخ Project T، الذي تم تطويره أيضاً بالاشتراك مع كوريا الشمالية، وهو تطوير لصاروخ سوفييتي R-300 Elbrus بمدى 450 كم.
في المقابل، فإن البرنامج الصاروخي التركي بدأ بعد مصر بعقود، حيث إن هناك تقارير عن مشروعات تركية لإنتاج صواريخ باليستية، تعود بدايتها لتسعينات القرن العشرين بالتعاون مع باكستان والصين.
وتفيد تقارير بأن أنقرة لديها نظام صاروخي باليستي يدعى J-600T Yıldırım المصمم لمهاجمة أهداف عالية القيمة مثل منشآت الدفاع الجوي للعدو ومراكز C3I والخدمات اللوجستية ومرافق البنية التحتية، بالإضافة إلى توفير الدعم الناري للمدفعية الصديقة عن طريق توسيع منطقة التأثير.
ويعتقد أن هذا الصاروخ به عدة نسخ عاملة مداها بالترتيب 150 كم، و300 كم، و900 كم، إضافة إلى نسخة قيد التطوير تحاول أنقرة الوصول بها إلى مدى 2.500 كم.
اللافت أن العديد من الدول التي استثمرت بكثافة في الصواريخ خلال العقدين الماضيين موجودة في مناطق ساخنة معروفة في آسيا والشرق الأوسط.
وكثيراً ما كان هدف الدول التي تستثمر في الصواريخ ردع الخصوم الإقليميين. لكن آثار سباق التسلح هذا تنتشر في جميع أنحاء العالم.
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن رأي الموقع