السياسية: رصد

علّقت صحف عربية ومصرية على تعثر جولة المفاوضات الأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي التي عُقدت في عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية كينشاسا.

وتحدث كُتّاب عن الخيارات المتاحة أمام مصر والسودان للتعامل مع الأزمة بعد انهيار مفاوضات “الفرصة الأخيرة”، مع وجود تباين بين دولتي المصب مصر والسودان بشأن الخيار العسكري.

“الفرصة الأخيرة”

تقول صحيفة “العرب” اللندنية: “يسود ترقب محلي وإقليمي بشأن الخطوات القادمة التي ستتخذها مصر بعد فشل المفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، وهي المفاوضات التي وصفتها سابقا بـ’الفرصة الأخيرة’ ملوّحة بالخيار العسكري”.

وترى الصحيفة أن الخيارات المتاحة حاليا تنحصر بين “القيام بعملية عسكرية سريعة قبل الملء الثاني أو تمرير وجهة النظر الإثيوبية التي بمجرد إقدامها عليه سوف يكون السد أمرا واقعاً قد يصعب استخدام القوة العسكرية معه، وهي الفرضية الأقرب خاصة مع عدم إبداء السودان تأييده للتلويح المصري بذلك”.

وتنقل الصحيفة عن متابعين قولهم إن هناك انقساما في السودان، حيث “فريق يرى في استمرار التنسيق مع مصر وسيلة ضغط على إثيوبيا لضبط مسار المفاوضات وحثها على حل الأزمة الحدودية، بينما يرى فريق آخر أن التنسيق المتزايد يحمّل السودان فاتورة أجندة مصرية ويؤثر على علاقات الخرطوم الإقليمية والدولية ويضعها في ورطة سياسية”.

وتقول: “يميل السودان إلى التمسك بالمسار السياسي مهما بلغ التعنت الإثيوبي، ولم يلوّح في أيّ مرحلة سابقة بالتصعيد لحل أزمة سد النهضة، عكس مصر، لكنه لجأ إليها لتثبيت أوضاعه في الأزمة الحدودية مع إثيوبيا”.

ويعلق عبد الباري عطوان، رئيس تحرير “رأي اليوم” الإلكترونية اللندنية، على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي إلى قناة الجزيرة القطرية وقال فيها إن “من حق إثيوبيا بيع المياه الفائضة عن حاجتها بعد الملء الثّاني لخزان سد النهضة”.

ويقول عطوان إنها “لم تكن زلة لسان، وإنما جاءت مدروسة جيدا وتحديدا لمصر والسودان معا، واستفزازا لقيادتي وشعبي البلدين”.

ويعلق الكاتب على معاودة مفتي الاتصال بالقناة لنفي التصريحات وقوله إنها أُخرجت عن سياقها، قائلا: “الصورة لا تكذب، ومن غير المستبعد أن يكون تعرّض إلى تأنيب من قيادته لكشفه ‘المستور'”.

ويقول: “اتضحت النوايا الحقيقية للسلطات الإثيوبية ومخططاتها بعيدة المدى بدعم إسرائيلي، أي ‘تدفيع’ مصر والسودان ثمن مياه النيل، وإيصال ‘الفائض’ منه إلى الدولة العبرية التي تعاني من نقص كبير في مصادر المياه”.

ويؤكد عطوان أن تصريحات المسؤول الإثيوبي “صادمة وخطيرة، وتجعل احتمالات الحرب أقوى من أي وقت مضى، وربما في غضون أسابيع، فموعد بدء المرحلة الثانية من الملء للخزانات في تموز (يوليو) المقبل باتت وشيكة، وأي ضربة للسد ربما تكون قبلها”.

“الخط الأحمر”

ويقول عماد الدين حسين، رئيس تحرير “الشروق” المصرية: “وجهة نظري الشخصية، أن مصر كان يفترض أن تعلن خطها الأحمر وتوقف مهزلة المفاوضات العبثية فى اللحظة التى هربت فيها إثيوبيا من التوقيع على الاتفاق المبدئى في واشنطن فى فبراير [شباط] قبل الماضى”.

ويضيف: “لا أملك جميع المعلومات والتقديرات، التى جعلت مصر تتأخر كل هذا الوقت فى إعلان خطها الأحمر، والمهم بالنسبة لى أن نحافظ على حقوقنا المائية”.

لكنه يؤكد أنه “حينما تعلن مصر خطها الأحمر، فالمؤكد أن لديها جميع المعلومات والبيانات والآليات والقدرات التى تطبق هذا الكلام عمليا على الأرض. والمؤكد أيضا أننا وقبل أن نعلن هذا الخط الأحمر قد درسنا جميع الاحتمالات والسيناريوهات وردود الفعل المتوقعة من كل القوى سواء فى القارة الأفريقية أو الإقليم أو القوى الكبرى”.

ويرى أن كلام الرئيس السيسى عن حقوق مصر المائية “فى منتهى الأهمية، وننتظر اليوم الذى تتم فيه ترجمته عمليا، أو نصل إلى حل سلمى عادل وملزم بعد أن أوصلنا رسالتنا لإثيوبيا”.

ويقول أحمد جمعة في “اليوم السابع” المصرية: “يبدو أن القاهرة مقبلة على معركة دبلوماسية حامية الوطيس مع الجانب الإثيوبي في مجلس الأمن الدولي، ويمكن أن يكون هذا التحرك آخر الأوراق الدبلوماسية التي تملكها الدولة المصرية ضد التعنت الاثيوبي، وهو ما يحتاج لاصطفاف عربي خلف مصر في هذا الملف وحشد الموقف الدولي الداعم للرؤية المصرية في هذا الصدد”.

ويرى أن الجولة الأخيرة من المفاوضات التي جرت في الكونغو “تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجانب الأثيوبى لا يريد التوصل لاتفاق مع مصر والسودان حول قواعد الملء والتشغيل، ولم تحقق تقدما ولم تفض الجولة الأخيرة لاتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات”.

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع بي بي سي ولاتعبر عن رأي الموقع