السياسية: رصد

أثار الوزير ورئيس الديوان الملكي السابق في الأردن، باسم عوض الله، جدلا كبيراً عندماألقي القبض عليه مع الشخصيات السياسية المتهمة بالتآمر على البلاد.

لكن الجدل الذي يحيط بشخص عوض الله ليس بجديد، بل يعود لأكثر من عقدين من الزمن مع انخراطه في العمل السياسي.

ولد باسم عوض الله عام 1964، وثمة خلاف حول محل ميلاده إن كان في مدينة القدس أو العاصمة الأردنية عمان.

التحق بجامعة جورج تاون في الولايات المتحدة، وتخرج فيها عام 1984 حاصلاً على بكالوريوس العلاقات الدولية الاقتصاد الدولي.

ثم انتقل إلى المملكة المتحدة، حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وأنهى دراسته فيها عام 1988.

وعمل عوض الله بعد تخرجه في مجال الاستثمار المصرفي في المملكة المتحدة حتى عام 1991، لكن مدخله إلى عالم السياسية في الأردن كان في عام 1992، عندما تولى منصب السكرتير الاقتصادي لرئيس الوزراء الأردني حتى عام 1996. ثم عُين بعد ذلك مستشارا اقتصاديا لرئيس الوزراء بين عامي 1996 و1999.

وخلال تلك المرحلة تشعبت علاقات عوض الله في القصر والحكومة. إذ انتقل للعمل في الديوان الملكي كمدير للدائرة الاقتصادية بين عامي 1999 و2001.

وشغل كذلك عدة حقائب وزارية، وزارة التخطيط بين عامي 2001 و2003، ثم وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي بين عامي 2003 و2005، ثم عُيّن وزيرا للمالية في أبريل/نيسان عام 2005.

وكان عوض الله وراء الكثير من برامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد، وأدار السياسات الاقتصادية في المملكة لسنوات، ما جعله هدفا للكثير من الانتقادات، خاصة في ما يتعلق بسياسات الخصخصة.

بعد ما قاله الأمير حمزة بن الحسين: كيف يرى الشارع الأردني التطورات الأخيرة؟

عبء سياسي

وانتقل مرة أخرى للديوان الملكي، حيث شغل منصب مدير مكتب الملك عبدالله بين عامي 2006 و2007، ثم رئيسا للديوان الملكي عام 2007.

واستقال عوض الله من منصبه الأخير بعد أقل من سنة، في 30 سبتمبر/ أيلول 2008 لأسباب غير معروفة.

وتكشف وثائق ويكيليكس أن عوض الله تحول في هذه الفترة من شاب له مستقبل واعد، يجري إعداده لرئاسة الوزراء، إلى عبء على المؤسسة السياسية والملكية بسبب الجدل الذي أحاط بشخصه وسياساته.

وذكرت وثيقة ترجع إلى مارس/ آذار 2007 أن عوض الله من بين الرموز الفلسطينية التي أصبح لها دور كبير في السياسة الأردنية وإدارة البلاد، وهو ما أثار حفيظة القوى السياسية المناهضة لنفوذ ذوي الأصول الفلسطينية.

ووصفت الوثيقة عوض الله بأنه محل هجوم كبير من “مناهضي الفلسطينيين ومناهضي الإصلاح”، وقالت إن الهجوم على عوض الله “أصبح يستهدف شخصه أكثر من سياساته”.

واتهمت النائبة البرلمانية آنذاك، ناريمان الروسن، عوض الله صراحة بالتورط مع شركة “داوود وشركاه” المملوكة لأحد أقاربه. وكانت الشركة قد اتهمت بالإتجار في البشر، إذ أُدينت باستقدام العمالة النيبالية للعمل في الأردن، ثم تهريبها إلى العراق للعمل في قاعدة “عين الأسد” التابعة للقوات الأمريكية.

ودعت الروسن الحكومة لفتح تحقيق في المسألة والكشف عن الحقائق.

وبرزت تساؤلات عن مصدر ثروة عوض الله التي بلغت آنذاك 11 مليون دينار أردني، في حين أنه بدأ عمله كموظف في رئاسة الوزراء براتب 600 دينار.

لكن السفير الأمريكي في الأردن بيكروفت ذكر في الوثيقة أن عوض الله أوضح له أن كل استثماراته خارج الأردن، وأنه باع حصته في شركة يملكها أخوه في عام 1998.

لكن هذه لم تكن الأزمة الوحيدة التي أحاطت بعوض الله في ذلك الوقت، إذ كشفت الوثيقة وجود شائعة عن توقيعه “وثيقة تفاهم” مع كبير المفاوضين الفلسطينيين الراحل صائب عريقات ليست بالضرورة في صالح الأردن.

لكن وزير الخارجية الأردني آنذاك، صلاح البشير نفى وجود مثل هذه الوثيقة، وقال إن القضية الفلسطينية لن تُحل على حساب الأردن.

“ابن للملك”

وكشفت وثيقة لاحقة من السفير بيكروفت، في مارس/ آذار 2009، أن الملك عبدالله “لم يكن راض” عن الهجوم الذي تعرض له عوض الله وأدى إلى استقالته. وذكرت أن عوض الله كان يستعد للعودة مجدداً للعمل السياسي بعد أن تهدأ الحملة التي شُنت عليه.

وذكرت على لسان رئيس الوزراء آنذاك، عبدالكريم الكباريتي إنه يجب النظر لعوض الله “كابن للملك، وليس مجرد غطاء أمني”.

لكن واقعة بعيدة تماما عن السياسة أنهت مستقبل عوض الله السياسي في الأردن، إذ اتُهم في أغسطس/آب 2009 بضرب زوجته ضرباً مبرحاً أدى إلى إيداعها المستشفى. وانفصل الزوجان لاحقا في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه بعد زواج دام أربعة أشهر فقط.

ولم تكن هذه هي الزيجة الأولى لعوض الله، إذ عقد قرانه في في مارس/آذار 2008 على ريما صيام، وهي من أصول فلسطينية كانت تعمل في شركة أرامكو السعودية. لكن الزواج لم يكلل بالنجاح.

وذكرت وثيقة ويكيليكس، الصادرة عن السفير الأمريكي بيكروفت في 2 سبتمبر/أيلول 2009، إن واقعة الضرب والانفصال هذه قوضت فرصة عوض الله للعودة للعمل السياسي وترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، وإن تأثيرها يمتد ليطال التيار الإصلاحي الذي ينتمي إليه عوض الله بأسره.

وطالما قدم عوض الله نفسه كوجه للإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن، وكانت له مواقف معارضة للتيار الإسلامي، ومناهضة لتدخلات إيران ومحاولتها بسط نفوذها في المنطقة، خاصة على دول الخليج. وكان يرى أن التيارات الإسلامية وإيران يستغلان القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية.

صلات سعودية

ربما أدرك عوض الله آنذاك تلاشي آماله في العمل السياسي المباشر في الأردن، فانتقل إلى دبي حيث عُيّن عضوا في مجلس إدارة “كلية دبي للإدارة الحكومية” عام 2008.

كما أسس في دبي شركته “طموح” التي يرأس إدارتها حتى الآن.

وساعدت شبكة العلاقات الكبيرة التي تمتع بها عوض الله في خلق فرص جديدة له في عالم الأعمال والاقتصاد، إذ عُيّن عضوا في مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية في البحرين عام 2010.

كما أنه شريك لعدد من المستثمرين السعوديين في البنك الوطني العربي، وهو نائب رئيس مجلس إدارة البنك العربي في الأردن.

وشغل كذلك عددا من المناصب الشرفية، من بينها مقعد الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود للزمالة الزائرة في مركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد عام 2010، وكذلك أمينا عاما للغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة في العام نفسه.

وفي العام التالي، 2011، أصبح عضواً في مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. ثم عضواً في مجلس أمناء جامعة القدس في 2014.

وتشير التقارير إلى أن عوض الله عمل مستشارا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السنوات الأخيرة، وأنه كان العقل المدبر وراء خطط خصخصة شركة أرامكو مؤخراً.

وكانت هذه الصلات وراء التكهنات بوجود دور للسعودية في الأزمة الأخيرة، وبأن عوض الله يحمل جواز سفر سعودي. وذكرت تقارير إعلامية أن الوفد السعودي الذي زار عمّان في السادس من أبريل/ نيسان الجاري طلب من السلطات الأردنية الإفراج عن عوض الله ليعود مع الوفد على نفس الطائرة إلى السعودية.

لكن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، نفى هذه التقارير، وقال إن الوفد حمل رسالة دعم للملك عبدالله الثاني، ولم تتطرق المحادثات إلى أية مطالب أخرى.

يُذكر أن باسم عوض الله حائز على على عدة أوسمة في الأردن، من بينها وسام الحسين للعطاء المميز، ووسام الكوكب من الدرجة الأولى، ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى للمملكة الأردنية الهاشمية.

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع بي بي سي ولاتعبر عن رأي الموقع