السياسية: رصد

بدأت منظمةٌ جديدة على علاقة بدعاة عودة الملكية الإيرانية في تطوير علاقاتها مع الحزب الجمهوري الأمريكي بعقد سلسلةٍ من الفعاليات على الإنترنت بالشراكة مع الأعضاء الجمهوريين الجدد في مجلس النواب.

كما بدأت هذه المنظمة الغامضة بكل قوة في الدعاية المناهضة للدبلوماسية مع إيران، إلى جانب الضغط على وزارة العدل الأمريكية من أجل التحقيق في أمر من وصفتهم بـ”عملاء وجماعات ضغط الجمهورية الإسلامية” داخل الولايات المتحدة، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.

منظمة “إيرانيون أمريكيون من أجل الحرية”
تأسست منظمة “إيرانيون أمريكيون من أجل الحرية” العام الماضي إلى جانب كيانين مرتبطين آخرين: لجنة عملٍ سياسي تُدعى “إيرانيون أمريكيون من أجل الدستور”، ولجنةٌ أخرى تُدعى “إيرانيون أمريكيون من أجل السلام”. وتستهدف أنشطة المجموعة الموجهة إلى الجمهور -التي تشمل التغريدات والبيانات الصحفية وسلسلة من ندوات الإنترنت التي يستضيفها نوابٌ ومسؤولون جمهوريون- الحكومة الإيرانية والإيرانيين الأمريكيين الذين يُفضلون مساعدة بلدهم الأم، علاوةً على ترديد نقاطهم الحوارية التقليدية المتشددة تجاه طهران.

والأهم من ذلك هو أنّ المنظمة متحالفة بشكلٍ وثيق مع الملكيين الإيرانيين الذين يُروّجون للإطاحة بالجمهورية الإسلامية وعودة ولي العهد الأمير رضا بهلوي إلى البلاد بصفته قائداً للملكية الدستورية. ويمكن القول على وجه التحديد إنّ المجموعة لها علاقات بحركة إيران النهضة (فاراشجارد) التي تطالب بإقامة ديمقراطية علمانية في إيران من خلال جمهورية أو ملكية دستورية، والحزب الدستوري الإيراني (حزب يؤيد الملكية) ومقره لدى الجالية الإيرانية في كاليفورنيا الجنوبية.

مشروع التضليل الإيراني
وشارك أعضاء فاراشجارد، وبينهم أمير اعتمادي وسعيد قاسمي نجاد، سابقاً في “مشروع التضليل الإيراني” الذي تأسس عام 2018 بتمويلٍ من وزارة الخارجية الأمريكية للعمل عن كثب مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في مواجهة الدعاية الإيرانية.

لكن وزارة الخارجية الأمريكية علقت تمويل المشروع لاحقاً بعد شكاوى من أنّ المجموعة تستهلك الكثير من الوقت في الهجوم على النقاد المحليين لسياسات الرئيس السابق ترامب ضد إيران.

وتشن منظمة إيرانيون أمريكيون من أجل الحرية -التي تربطها علاقات أيضاً بمنظمات الدعاية الموالية لإسرائيل وتسعى لإخفاء مصادر تمويلها- هجماتها عادةً ضد المواطنين والمنظمات الإيرانية الأمريكية الأخرى ممن تزعم دون دليل أنّهم عملاء للنظام الإيراني، حسب تقرير موقع Responsible Statecraft.

ومع سعي إدارة بايدن لمعاودة الانخراط مع إيران وربما العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني، نجد أنّ المنظمة تضغط على الجمهوريين لمقاومة النهج الأكثر دبلوماسية في التعامل. ورغم أنّ الأمر لم يصل بها إلى دعوة الولايات المتحدة لدعم الإطاحة بالنظام، لكن المنظمة تُجادل بقوة ضد رفع أي عقوبات عن إيران.

والأهم من ذلك هو أن أنشطة المنظمة تبدو وكأنّها محاولةٌ لنزع الشرعية عن مؤيدي الدبلوماسية مع إيران، وخاصةً أعضاء الجالية الإيرانية الأمريكية، عن طريق وصفهم بـ”المدافعين أو أبواق الحكومة الإيرانية”.

استهداف الإيرانيين الآخرين داخل الولايات المتحدة
خلال سلسلةٍ من الفعاليات الافتراضية التي عُقِدَت مع مرشحين جمهوريين وأعضاء في الكونغرس، اعتادت المنظمة الحديث عن منظمةٍ أخرى هي المجلس الوطني الإيراني الأمريكي -وهو منظمةٌ إيرانية أمريكية أخرى تدعو إلى الدبلوماسية مع إيران وتُؤيّد الاتفاق النووي- وذلك من خلال سؤال الأعضاء عن الكيفية التي ينتوون بها “التصدي لجماعات ضغط الجمهورية الإسلامية ومحاربة وجودهم”. كما أنتجت المنظمة مقاطع فيديو تتهم المجلس الوطني دون أساس بأنّه يعمل كمنظمة ضغط لصالح الحكومة الإيرانية ويُصدِر “دعاية مناهضة للولايات المتحدة”.

وبخلاف المجلس الوطني، هاجمت المنظمة أيضاً إيرانيين أمريكيين آخرين أعربوا عن دعم للاتفاق النووي والدبلوماسية مع إيران -ومن بينهم الصحفي نجار مرتضوي ومسؤول وزارة الخارجية أريان طباطبائي- واتّهمتهم دون دليلٍ أيضاً بأنّهم من المدافعين عن النظام، وفقاً لتقرير موقع Responsible Statecraft

أما باربرا سلافين، مديرة مبادرة مستقبل إيران في مؤسسة المجلس الأطلسي، فقد قالت إنّ بعض ذلك العداء ينبع على الأرجح من الانقسامات الأيديولوجية في أوساط الشتات الإيراني، والتي تفاقمت بسبب سياسة ترامب الخارجية.

وصار المجلس الوطني هدفاً بسبب نجاحه الواضح في الدعاية للدبلوماسية. “بينما فشلت الجماعات الأخرى، مثل الجماعات الملكية، في الاقتراب من تحقيق ذلك”.

منظمة
منظمة “إيرانيون أمريكيون من أجل الحرية” تعادي أي دعوات للحوار الأمريكي الإيراني/رويترز
إذ وجّهت المضيفة شبه الدائمة لفعاليات منظمة إيرانيون أمريكيون من أجل الحرية أديل نازاريان سؤالاً لنائبة نيوميكسيكو إيفيت هيريل في جلسةٍ يوم 15 فبراير/شباط، قالت فيه: “نريد أن نرى وزارة العدل تكثف من جهودها لاقتلاع جذور عملاء النظام هنا في أمريكا. فما رأيك في ذلك؟”.

وبعد شهرٍ واحد أرسلت إيفيت خطاباً يحمل توقيع ثمانية أعضاء آخرين من الحزب الجمهوري في الكونغرس إلى وزارة العدل الأمريكية، وطلبوا فيه فتح تحقيق في أمر المواطنين الإيرانيين الذين يزعمون أنّهم ينتهكون قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.

ورغم أنّ الخطاب استشهد بالقبض على لطف الله كاوه أفراسيابي، الذي اتُّهِمَ بالعمل وكيلاً غير مسجل للحكومة الإيرانية، لكنّها لم تقدم أي أدلة إضافية على تلك المزاعم، حسب الموقع الأمريكي.

ازدياد نفوذ دعاة الملكية الإيرانية داخل الحزب الجمهوري
في العام الماضي، أبلغت منظمة مواطنون من أجل المساءلة والأخلاقيات في واشنطن أنّ أعضاءً جمهوريين في الكونغرس التقوا أعضاءً من فاراشجارد بعد إسهام علي سعدات ميلي، العضو البارز في فاراشجارد والشريك السابق في مصرف Goldman Sachs، بمئات الآلاف من الدولارات في حملات ولجان الحزب الجمهوري.

ويبدو أنّ هذا الاستثمار لا يزال مستمراً. فإلى جانب النائبة إيفيت، شارك 11 عضواً جمهورياً آخر بالكونغرس، من المنتخبين بعد عام 2018، في فعاليات افتراضية أو منتظرة برعاية المنظمة. ومنهم أربعة أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب -برايان فيتزباتريك، ونيكول ماليوتاكيس، ويانغ كيم، وماريا إلفيرا سالازار- وعضوان في لجنة الأمن الداخلي هما أندرو غاربارينو وجيف فان درو.

وتلقوا جميعاً 2.800 دولار أمريكي على الأقل -وهو الحد الأقصى لمبالغ التبرعات الفردية المسموح بها من لجنة الانتخابات الفيدرالية- من علي سعدات ميلي الذي لم يرد على طلب التعليق.

ولا يظهر ارتباط المنظمة بالملكيين الإيرانيين على الفور، ولكنّه يتجلّى من التمحيص الدقيق في أنشطة المنظمة. إذ إنّ أبرز أعضاء مجلس إدارتها -شيرفان فاشندي ودانيل جعفري- هما عضوان في فاراشجارد.

كما أصدرت المنظمة بياناً صحفياً مشتركاً مع الحزب الدستوري الإيراني في أغسطس/آب. علاوةً على أنّ شعار المنظمة يستخدم رموز “الأسد والشمس” التي كانت تظهر على العلم الإيراني قبل ثورة عام 1979، وهو مرتبطٌ بالملكيين الذين يُعارضون النظام.

حريات شخصية وقمع سياسي
وبالنسبة للعديد من الإيرانيين، فإنّهم ينظرون إلى عصر الحكم البهلوي في إيران باعتزاز. إذ يقول عباس ميلاني، مدير قسم الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد وأحد مؤسسي مشروع الديمقراطية الإيرانية: “هناك نوعٌ من الحنين إلى الماضي ورغبة في العودة إلى ذلك العصر. إذ أظهر استطلاع أُجرِيَ عام 2020 بواسطة تحالف الشؤون العامة للأمريكيين الإيرانيين بالتعاون مع Zogby Research Services أنّ 53% من الإيرانيين الأمريكيين يُؤيّدون “بقوة” أو “نوعاً ما” دعم الحكومة الأمريكية لرضا بهلوي باعتباره قوة المعارضة الشرعية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بينما عارض ذلك 32% منهم.

كما قال ميلاني أيضاً إنّ فاراشجارد يمثلون محاولةً من الملكيين لاستمالة الأجيال الشابة من الإيرانيين، وإنّ الحزب الدستوري الإيراني الأقدم عهداً “يمكن القول إنّه كان الحجة الأكثر تفكراً وخبرة فيما يتعلق بنوعية الملكية التي يُمكن أن تكون إيران عليها”.

وبينما تمتع الإيرانيون بحريات اجتماعية أكبر في ظل الحكم البهلوي، فقد اتّسمت السنوات الأخيرة بالقمع الوحشي وانعدام الحريات السياسية، مع تعذيب العديد من الإيرانيين على أيدي جهاز السافاك الذي أسسه الشاه.

كما رفض متحدثٌ باسم المنظمة الاعتراف بعلاقات المجموعة مع فاراشجارد والحزب الدستوري الإيراني، وصرّح بالكاد بأنّ المنظمة تؤمن بـ”السلام مع الجيران، وحقوق الإنسان العالمية، وحرية الخطاب والتعبير والدين”.

وتعمل المنظمة داخل الولايات المتحدة باعتبارها منظمةً غير ربحية، مما يسمح له بإخفاء مصادر تمويلها. ويبدو أنّ لجان العمل السياسي التابعة لها -الملزمة قانوناً بتقديم تقارير عن نفقاتها وإسهاماتها- ممولةٌ بالكامل من شركةٍ وهمية تدعى Expelliarmus Partners, LLC في ولاية ديلاوير وليس لها أي وجودٍ على الإنترنت.

وتقول شيلا كرومهولز، المديرة التنفيذية لمركز Center for Responsive Politics: “لطالما كان ذلك مصدر قلق من أنّ الأموال الأجنبية، سواء من حكومات أو مؤسسات أو أفراد، يمكن إخفاؤها عبر تلك الشركات الوهمية. وهذا مقلق للغاية لأي شخص يهمه منع الفساد”، وذلك بعد أن أبلغ مركزها عن احتمالية استخدام تلك الشركات الوهمية كقنوات لتنفق منها الكيانات الأجنبية المال لفرض نفوذها السياسي.

وبسؤال المنظمة عن هوية من يُموّلها، قال المتحدث باسمها: “لا يمكننا تأكيد ارتباط أيّ شخص بالمنظمة. لأنّ هذه المزاعم يمكن أن يكون لها، بل وكان لها، تأثيرٌ حقيقي على سلامة أفراد عائلاتهم الذي يعيشون في المنطقة حالياً”.

*المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع “عربي بوست” ولاتعبر عن رأي الموقع