8-1 محمد بن سلمان، أمير سعودي واحد من بين أخرين كثيرين
بقلم: أميلي زكور
(صحيفة “جون أفريك- jeune afrique” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
“القصة السرية لصعود محمد بن سلمان” لم يكن هناك ما يشير إلى أن الأمير الشاب، الذي وضع بعيداً في ترتيب سلم الخلافة والمزدرى من قبل إخوته الأكبر سناً، سوف يصبح في يوم من الأيام أقوى رجل في المملكة العربية السعودية.
ومع ذلك، ففي نهاية المطاف أصبح الابن المفضل للملك سلمان, إليك الطريقة التي انتهجها.
نشأ الأمير محمد بن سلمان وترعرع في ظل مزيج من الترف وروعة القصور، محاطا بمجموعة من الخدم المنزليين والسائقين والمعلمين الذين استقدموا بشكل خاص لرعايته هو وإخوته, وبالرغم من كل ذلك, فإن هذا لم يكن سوى شيء عادي لأحد أفراد الأسرة المالكة في السعودية.
يُعتبر محمد بن سلمان الابن السادس للملك الحالي للمملكة السعودية “سلمان بن عبد العزيز” والذي يعتبر بدوره الابن الخامس والعشرون لمؤسس المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل سعود.
وبهذا, فإن الأمير محمد واحد من بين آلاف الأمراء الذين يشكلون هرم الاسرة الحاكمة “آل سعود” و ليس مقدرا له مسبقا أن يتربع على عرش الحكم في المملكة.
لدى والد الأمير محمد, الملك سلمان، ثلاثة عشر ابناءً من ثلاث زيجات, عكف على أعطاء أبنائه تعليماً صارماً وثقافياً ومنفتحاً على العالم.
فقد جرت العادة أن ينظم في قصره بالعاصمة الرياض مأدبة عشاء أسبوعية, يدعو إليها العديد من الكتاب والأكاديميين والدبلوماسيين.
وفي مملكته في باريس الفرنسية و مربلة الأسبانية, يعقد جلسات تهدف إلى تشجيع أبنائه على النقاش والتفكير بصحبة توليفة مميزة من المثقفين والمحامين والسياسيين ورجال الأعمال.
فقد عرف على الملك سلمان صرامته الشديدة مع أبنائه، وخاصة أولئك الذين رزق بهم من زواجه الأول, حيث تزوج الملك سلمان للمرة الأولى في سن 19, والذي اعتبرهم رجال دولة في المستقبل.
منافسة قوية:
من خلال قراءة شخصيته يعتبر الأمير محمد, شخصية مثيرة للجدل, كما يعرف عنه تفضيله لألعاب الفيديو والوجبات السريعة.
اتسمت فترة مراهقته كونه شخص ارعن سريع الغضب, كما راودته في بعض الأحيان أفكار جنونية.
ففي إحدى الايام, عمل على التنكر بزي رجال الشرطة, حيث كان الهدف من وراء هذا التصرف هو التجول بحرية في أحد مراكز التسوق في الرياض, بيد أن هذه المغامرة لم تكلل بالنجاح, حيث تم القبض عليه من قبل ضباط شرطة حقيقيين وعندما اكتشفوا هويته، قرروا عدم التدخل أكثر, ففي المجمل, فإن والد الشاب ليس سوى حاكم منطقة الرياض.
لدى الملك سلمان بالفعل نقطة ضعف تجاه هذا الابن الذي رزق به وهو في الخمسين من عمره من زوجته الثانية فهدة آل حثلين العجمي, والذي يبدو أنه يعطيه كل شيء.
وعلى العكس من والده، لا تتهاون “الأميرة فهدة” في تعليم الأمير محمد, نظرا للمنافسة الشديدة التي تعيشها مع زوجة سلمان الأولى، الأميرة سلطانة، وهي شخصية ذات نفوذ كبير في العائلة المالكة السعودية.
أكمل جميع أبناء الملك سلمان من زوجته الأميرة سلطانة دراساتهم خارج المملكة و تقلدوا مناصب رفيعة:
– تلقي ابنه الأكبر الأمير فهد تعليمه الجامعي في جامعات كاليفورنيا وأريزونا, كما دخل عالم سباق الخيول في بريطانيا.
– يأتي من بعده الأمير سلطان الذي شغل منصب عقيد في سلاح الجو السعودي، وكان أول عربي وأول مسلم يسافر إلى الفضاء على متن مكوك الفضاء ديسكفري في العام 1985.
– الأمير عبد العزيز, وهو الوحيد الذي عمل في قطاع النفط في المملكة، حيث تصدر الجهود المبذولة لتحديث القطاع النفطي، وعين فيما بعد وزيراً للطاقة.
– الأمير أحمد درس في جامعة كولورادو للمناجم وتخرج من أكاديمية وينتويرث العسكرية قبل أن ينضم إلى سلاح الجو, وبعد ذلك انتسب إلى جامعة كاليفورنيا في إرفين وعين فيما بعد رئيساً للشركة الإعلامية التابعة للعائلة المالكة, كما كان شغوفاً مثل أخاه الأمير أحمد بعالم سباق الخيول.
– الأمير سلطان رئيس هيئة السياحة في المملكة.
– الأمير فيصل، تلقى تعليمه الجامعي في جامعة أكسفورد, حيث نال شهادة الدكتوراه, كما أسس شركة استثمارات سعودية، ومثل أخوته كان يهوى اقتناء الخيول الأصيلة.
وبدلا من الملل السائد في الرياض، عادة ما يفضلون حفلات لندن ونيويورك… وكازينوهات موناكو.
عكفت الأميرة فهدة على تقوية العلاقات بين ولدها محمد وأبيه سلمان, حيث كانت ترسله لزيارة أبيه كل أسبوع في منزل زوجته الأولى، على الرغم من الترحيب الفاتر الذي كان يحضى به هو وإخوته من قبل الأميرة سلطانة، التي كانت تزدري أبناء الزوجة الثالثة بسبب أصول والدتهم القبلية, حيث لم تكن تخفي ازدرائها لهم.
الأمر الذي كان ينعكس سلبياً على تصرفات أولادها، حيث لطالما سخروا من محمد, وفي المقابل كانوا يتفاخرون بما هم فيه من عيشة مرفهة وبما يقومون به من أعمال وما يحصلون عليه من مؤهلات من جامعات أجنبية, فهم لم يرق لهم وجود أخوة غير أشقاء من زواج والدهم الثاني.
تعود أصول هذا الوضع إلى العام 1983, فبينما كانت الأميرة سلطانة في المستشفى في الولايات المتحدة الأمريكية, حيث خضعت لعملية زرع كلى، وبالرغم من الوضع الذي كانت تصارعه, إلا أن سلمان لم يتوانى عن اعلن زواجه من الأميرة فهده وهي امرأة أصغر سنا وتتمتع بحالة صحية جيدة.
فهذا الزواج كان بمثابة الأمر العادي في بلد يتمتع الرجال فيه بحق الارتباط بما يصل إلى أربع نساء.
ومع نمط حياتهم الغربي، أختار الأمير فهد وأحمد الابتعاد عن ثقافتهم السعودية, حيث يرفضوا هذا التقليد الذي رأوا فيه أنه مهين لأمهم، لاسيما في ظل الوضع الذي كانت تعيشه, إذ خضعت في تلك الفترة لعملية جراحية خطيرة, حيث حاولوا جاهدين إقْناع والدِهم بالتَخلّي عن هذا الزواج، ولكن دون جدوى.
وعلى هذا فقد ترعرع محمد بن سلمان مع أخوته غير الأشقاء الذين يكبرونه بـ 30 عاماً والذين تقلدوا مناصب ووظائف هامة في الأوساط السياسية الدولية, فجميعهم كانوا يكنون العداء الشديد له.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع