الحزم وإعادة الأمل.. العاصفة التي غدت إعصاراً يبتلع اليمن
السياسية – رصد :
دلفت الحرب اليمنية منذ يومين عامها السابع، مخيبة كل الظنون التي ذهبت للقول بأنها ستنتهي في غضون أشهر قليلة، وحتى الآن ما من بوادر تلوح في الأفق بشأن إمكانية حدوث إنفراجة قريبة، بالرغم من الزخم الدبلوماسي المكثف حاليا لوقف الحرب والبحث عن تسوية سياسية.
ستة أعوام كاملة انقضت منذ أعلن السفير السعودي بواشنطن حينها عادل الجبير، إنطلاق “عاصفة الحزم” لإعادة الشرعية اليمنية وإنهاء الإنقلاب الحوثي المسلح على السلطة التوافقية.
أعوام طويلة بقياسات الزمن والوضع الإنساني الصعب في البلد، تستوجب التوقف عندها بحثاً عن إجابة على تساؤلات تثار حول ما حققه التحالف من أهدافه التي قال إنه جاء من أجلها.
ربما أصبح هدف استعادة الشرعية واسقاط الإنقلاب الحوثي أخر ما يفكر به التحالف الان، وسط حالة من الإنكشاف الفاضح وظهور أجندات جديدة في اليمن الذي أصبح مسرحاً لصراعات نفوذ تتقاذفه عواصم ثلاث: طهران والرياض وأبوظبي، حسبما يعتقد مراقبون.
وذكر المحلل السياسي اليمني عيدروس نصر في تدونيه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إن التحالف السعودي الإماراتي تمكن من تحقيق نجاحات مبهرة خلال الشهور الثلاثة الأولى من إنطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس 2015، لكن تلك النجاحات مالبثت أن تراجعت وتلاشت بفعل بعض الأخطاء والإخفاقات.
وقال، إن الضربات الجوية الأولى نجحت في إقعاد خصومها أرضا، وشلت قدراتهم القتالية والتسليحية البرية والجوية وحتى القوى البشرية، وكان هذا نجاحاً مهماً، أطلق العنان للتوقعات بأن عاصفة الحزم يمكن أن تنهي مهمتها في غضون 3 أو 4 أشهر، وإن طالت فلن تتجاوز الأشهر العشرة، بالنظر لما حققته في الضربة الأولى.
وأضاف، إن النجاح الأكبر جرى إحرازه بمناطق الجنوب حينما تم دحر الجماعة الانقلابية في أقل من مائة يوم حتى حدود ما قبل 22 مايو 1990م، لكن دول التحالف ومع الأسف لم تعمل على توظيف ذلك النجاح بتقديم نموذج مشجع لمشروعها الذي تريده لليمن، والذي قد يجعل ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثي يتوقون للتحرر والمقاومة.
وأشار نصر إلى أن المعاناة والبؤس وتردي الخدمات والأوضاع الأمنية في المناطق المحررة، عوامل منحت جماعة الحوثي الفرصة الكاملة لإستغلالها معنوياً ودعائياً في تحشيد المقاتلين، ورفد جبهاتها أيضا من أجل الصمود وإطالة الحرب.
وكان التحالف العربي الذي تقوده السعودية قد أعلن أواخر إبريل من العام 2015 عن عاصفة إعادة الأمل بعد شهر ونيف على عاصفة الحزم، التي أكد العميد أحمد عسيري المتحدث الرسمي السابق للتحالف،أنها حققت أهدافها وقضت على أكثر من 80 بالمئة من قدرات (الحوثيين وصالح).
لكن عاصفة إعادة الأمل تلك، مالبثت أن تحولت فيما بعد إلى إعصار كبير يبتلع اليمن واليمنيين، وكذلك الشرعية اليمنية التي جاء التحالف في الأساس من أجل إنقاذها وإعادتها للحكم من العاصمة صنعاء.
سنوات طويلة من الحرب، استنزفت البلد و فككته إلى كانتونات متصارعة، فغدت الشرعية الحلقة الأضعف فيه، وسط دور سلبي للأمم المتحدة التي استحالت إلى مجرد هيئة تقتصر مهمتها على جمع التبرعات والمساعدات المالية، في وقت تتضاعف فيه أعداد الجوعى والمحتاجين من اليمنيين.
وفي حين تتضاءل مساحة الأرض من تحت أقدام الشرعية اليمنية يوماً تلو آخر، سواء لصالح إنقلابيي صنعاء (جماعة الحوثي) أو الإنقلابيين في عدن (المجلس الإنتقالي)، باتت قائدة التحالف (السعودية) عرضة لهجمات شبه يومية بواسطة الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة.
وبحسب الصحفي اليمني أحمد فوزي، فإن الرياض تقف اليوم عاجزة امام قدرات الحوثيين العسكرية التي تشكلت رغم الحصار المطبق المفروض على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية في اليمن.
وقال، إن هذا العجز يظهر جلياً في تغير لغة الخطاب السعودي من التأكيد بأنها معركة لمحاربة المد والتوسع الايراني في السابق، إلى التصريح حاليا بأنها حرب أهلية يمنية، بالرغم من إنخراطها المباشر في هذه الحرب.
غير أن الكاتب والمحلل السياسي عادل الشجاع يعتقد خلاف ذلك، مؤكداً أن إعادة توجيه البوصلة بشكل صحيح وضبط الأجندة السعودية كفيل بتغيير كل الموازين.
وأشار هو الآخر في تدوينة على حسابه في “فيسبوك” إلى أن عودة المملكة لأهدافها التي سبق وأن أعلنت عنها مع بدء عاصفة الحزم والمتمثلة باستعادة الشرعية ودعمها، سيقلب المعادلة الحالية ويغير من قواعد اللعبة.
وأضاف الشجاع، “يتعين على السعودية التركيز على أولويات معينة للتعامل بشكل أفضل مع الحوثيين، أولى هذه الأولويات، الحاجة للتركيز الجاد على الخيار العسكري، حيث تبدو فرص السلام حالياً غير ممكنة مع تصاعد وتيرة العنف”
موضحاً أن أي حديث عن تسوية سياسية قبل إضعاف القدرات العسكرية لجماعة الحوثي هو محض هراء.
ولفت إلى أهمية أن تثق السعودية بالقادة الميدانيين في القوات الحكومية وتستمع إليهم، وأن تعمل على دعم هذه القوات بالأسلحة النوعية، القادرة على حسم المعارك والضغط على الحوثيين ميدانيا من أجل إضعافهم ودفعهم نحو السلام.
داعيا إلى العمل على توحيد كل الأطراف المناهضة لجماعة الحوثي، كحزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح والمجلس الإنتقالي الجنوبي.
وأختتم، “إذا لم تتمكن الرياض من جمع وتوحيد تلك الأطراف، فإن جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً ستراكم إنتصاراتها، وأي إنتصار للحوثي هو خسارة مؤكدة للسعودية”.
* المصدر : وكالة (ديبريفر)
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع