مخاوف من تصاعد وتيرة الاستيطان بشكل هستيري عقب انتخابات الكيان الصهيوني
السياسية- مرزاح العسل:
يسود الشارع الفلسطيني على المستويين الرسمي والشعبي قلقٌ كبير ومخاوف جمة، من احتمالات تأثير نتائج انتخابات الكيان الصهيوني المحتل على ملفي الاستيطان وقطاع غزة، خاصة أن نتنياهو خرج قبيل الانتخابات بوعود هستيرية من أجل ضم غور الأردن وشمال البحر الميت إلى هذا الكيان الغاصب.
وبحسب وسائل الإعلام الفلسطينية، فالفلسطينيين لا يعولون كثيراً على نتائج الانتخابات الصهيونية، ويبدي الكثير منهم عدم تفاؤلهم بشأن ما ستفرزه هذه الانتخابات، ويعتبرون أن نتائجها ستكون مفتاحا يجلب لهم مزيدا من التصعيد والاستيطان الهستيري.
وسلطات الاحتلال، لا تزال تواصل هجماتها، ضد المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بشتى الطرق، الرامية لتوسعة المستوطنات، والتنغيص على حياة المواطنين، ولا يدخر الاحتلال، أي جهد في خدمة الاستيطان وتوفير متطلبات توسعه وتطوره في الأراضي الفلسطينية.
وعلى الرغم من أن القضايا السياسية والأمنية غير حاضرة بقوة في هذه الجولة الانتخابية، إلا أن السلطة الفلسطينية تنظر بعين القلق والترقب للأحزاب التي تميل في غالبيتها لليمين المتطرف.. فالأحزاب الأربعة الأولى لا مانع لديها في ضم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، كما لا تدعو لإقامة دولة فلسطينية ولا لتقسيم مدينة القدس المحتلة.
محللون سياسيون يرون أن هناك عدة سيناريوهات تتعلق بخروج رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، إلا أن الحديث عن تأثير اليمين المتطرف لازال أحد أهم الملفات التي تناولها الفلسطينيون، ومدى مساهمته في تغيير السياسية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة.
ويُعتقد أن حملة ضم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، التي أجلها نتنياهو بسبب حفلات التطبيع، قد تؤثر على أصوات المستوطنين.. فقد تعهد نتنياهو في حال انتخابه رئيسا للوزراء لولاية جديدة بإبرام 4 اتفاقات تطبيع جديدة مع دول عربية.
لكن المراقبين يستبعدون أن تكون ملفات التطبيع والعلاقات الخارجية على رأس أولويات الناخب الإسرائيلي، فجل اهتمام الناخبين الإسرائيليين ينصب حاليا على القضايا الداخلية ومحاكمة نتنياهو بملفات فساد والتي ستستأنف جلساتها بعد الانتخابات.
وفي هذا الصدد.. قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، في تقريره للأسبوع الماضي حول الاستيطان: إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أصدر قبُيل الانتخابات أوامر هستيرية للتوسع الاستيطاني، لاستمالة أصوات المستوطنين فيها.
وأضاف التقرير: إن نتنياهو وعد ناخبيه بتنفيذ “صفقة القرن”، وضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني، غير مكترث بالرفض والإدانات الدولية لهذا الإجراء المخالف للقانون الدولي.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو أصدر تعليمات لبناء (3500) وحدة استيطانية في المنطقة المسماة E1)) الواقعة بين مستوطنة “معاليه أدوميم” والقدس المحتلة في تحدٍّ صارخ لجميع القرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن (2334).
كما صادّق ما يسمى بـ”المجلس الأعلى للتخطيط” التابع لسلطات الاحتلال، على مخطط استيطاني كبير، لإنشاء حي سكني بهدف توسيع مستوطنة “هار حوما” على جبل أبو غنيم من خلال بناء 2200 وحدة استيطانية، ومخطط بناء 3000 وحدة أخرى في مستوطنة “جفعات همتوس”، كان قد جُمّد البناء فيها بضغوط دولية منذ أعوام سابقة.
وتابع: إن ما تسمى بـ”اللجنة العليا للتخطيط والبناء” التابعة للاحتلال صادقت على بناء مئات الوحدات الاستيطانية في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية المحتلة، وإقامة منطقة صناعية استيطانية هي الأضخم في الضفة جنوب قلقيلية، مخصصة للصناعات التكنولوجية، حيث ستقام قرب مستوطنة “شمرون” شمال الضفة.
وتوقع التقرير أن تُبنى المنطقة الصناعية على مساحة حوالي 3000 دونم، والتي من المقرر إنشاء محطة قطار بجانبها، وتوسيع مستوطنة “يتسهار” قرب نابلس، وإنشاء حديقة ومكان للسيارات و120 غرفة فندقية في قلب وادي الأردن.
وصادقت سلطات الاحتلال أيضاً على بناء 1800 وحدة استيطانية في مستوطنات “ألون موريه ومعاليه شومرون، ونوكديم تسوفيم، وبراخا، وكرني شومرون” بما في ذلك 620 وحدة في مستوطنة “عيلي” و534 في مستوطنة “شيفوت راحيل” المجاورة لمستوطنة “شيلو “.
وأوضح التقرير أن نتنياهو قرر إمداد عشرات البؤر الاستيطانية بالكهرباء، ويشمل القرار 12 بؤرة من شمال الضفة لجنوبها، تمهيداً لتسوية أوضاعها.
وأكد المكتب الوطني في تقريره، أن الشعب الفلسطيني صعّد من مقاومته الشعبية للتصدي للمخططات الاستيطانية التي تُعدها حكومة الاحتلال بالتعاون والعمل المشترك مع الإدارة الأميركية، لرسم خرائط الضم والتوسع.
وزارة الخارجية الفلسطينية جددت مطالبتها المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف جرائمه المتواصلة بحق الفلسطينيين.
وقالت الوزارة في بيان لها اليوم الخميس: إن الاحتلال يواصل جرائمه وانتهاكاته بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم بهدف الاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية وتوسيع مخططاته الاستعمارية.
وكانت الوزارة قد أدانت الإثنين الماضي، استخدام الكيان المحتل لشوارع الضفة في الدعاية لأحزابه، ضمن العملية الانتخابية.. وقبل ذلك أدانت، زيارة نتنياهو، لمستوطنة جنوبي الضفة الغربية المحتلة، معتبرة إياها محاولة “لاستمالة المستوطنين انتخابيا”.
من جهته أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين يوسف الحساينة، أن مؤشرات فوز اليمين الصهيوني المتطرّف في انتخابات كيان الاحتلال، تقطع بما لا يدع مجالاً للشك، بأن الكيان منحاز بكُليّته إلى التطرف والإرهاب، وإلى مزيد من إنكار حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال الحساينة: إن نتائج تلك الانتخابات تعبّر عن طبيعة النظام الاستعماري الاستيطاني الصهيوني.. مبينًا انها تشكّل انتصاراً لليمين العنصري الفاشي الذي يهيمن على دائرة صنع القرار في كيان الاحتلال.
ودعا المراهنين على التسوية مع هذا الكيان، مراجعة خياراتهم العدميّة التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى ما وصلت إليه اليوم من ترهل وإهمال ونكران من القريب قبل البعيد.. ومطالبًا بالعودة لخيارات الشعب الفلسطيني وتوحيد قواه وتحشيد طاقاته للنضال المستمر حتى تحقيق أهدافه الوطنية.
فصائل المقاومة الفلسطينية هي الأخرى، اعتبرت في بيان لها، أن نتائج انتخابات الكيان بفوز فريق نتنياهو أو غيره لن تُغير من واقع البطش والتغول الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وقضيته.. مشيرة إلى أن قيادة العدو وإن اختلفت وجوههم فلن يختلف فعلهم وإجرامهم، وهم أعداء الفلسطينيين.
وجددت رفضها القاطع لكل ما يُمثل طعنة غادرة في ظهر الشعب الفلسطيني وتضحياته من خلال التطبيع ونسج العلاقات مع العدو.. داعية شعوب الأمة لنبذ هذا الخيار والتصدي له.
بدوره قال مسؤول في حركة فتح: “نتائج الانتخابات تظهر أن إسرائيليين كثر يؤيدون أحزاب متطرفة معادية للفلسطينيين”.. مضيفاً: “تواجد هذه الاحزاب في الكنيست أو في الائتلاف لا تبشر بالخير بالنسبة لمستقبل أي عملية سلام”.
إلى ذلك، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف: “الفلسطينيون يدركون أنه لا يوجد أمل على ضوء ارتفاع قوة أحزاب اليمين في إسرائيل”.. مضيفاً: إنهم “لا يعتمدون على المجتمع الدولي لتفعيل ضغط على اسرائيل لإنهاء الاحتلال”.
كما أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفي البرغوثي، أن نتائج الانتخابات في إسرائيل أظهرت “سيطرة تامة لليمين المتطرف ومؤيدي الفصل العنصري”.. قائلاً: “مؤيدو العنصريون موجودون في معسكر نتنياهو وبين معارضيه، جميعهم معارضين للسلام ولحقوق الشعب الفلسطيني”.
وأشار إلى أن “نتائج الانتخابات في إسرائيل تظهر غياب فرص لمفاوضات مهمة مع الحكومة الاسرائيلية المقبلة”.
وأدان الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى أمس الأول، موافقة حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو مواصلة الاستيطان في مدينة القدس المحتلة في السنوات القادمة.. محذراً من أن المرحلة المقبلة ستشهد الاراضي الفلسطينية وخاصة القدس الشرقية المحتلة مخططات ومشاريع استيطانية هستيرية.
وأكد عيسى على عدم شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. مشيراً إلى إصدار محكمة العدل الدولية فتوى قانونية تنص على “أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، هي غير شرعية وتشكل عقبة في طريق السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد أنشئت في انتهاك للقانون الدولي”.
وأكد أن مواصلة الاستيطان في الأراضي خارج حدود (الخط الأخضر لعام 1949) مرفوض من قبل جميع العالم تقريباً، ويلاقي عدم تصديق واسع الانتشار لأنه غير شرعي وغير عادل ويتعارض مع السلام.
كما أكد عيسى أن الوجود الاستيطاني في المناطق الفلسطينية المحتلة مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني، ويتوجب إزالته برمته وأن أي تسوية لا تتضمن ذلك لا يمكن أن تكون عادلة ودائمة أولا، وسلطات الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما يترتب عن الوجود غير القانوني للمستوطنين ثانياً.
وشدد عيسى على أن المستوطنات الإسرائيلية تنتهك حقوق المواطنين الفلسطينيين المنصوص عليه في قانون حقوق الإنسان الدولي، وتنتهك حق تقرير المصير، وحق ملكية الأرض، وحق المساواة، ومستوى معيشي لائق، وحق حرية التنقل.. كما تحظر قوانين لاهاي على سلطة الاحتلال القيام بأي تغييرات في المنطقة المحتلة.
دولياً.. كان إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن خطط بناء وحدات جديدة في مستوطنتين بالقدس المحتلة، قد لقي إدانات واسعة.. حيث دعا الاتحاد الأوروبي حكومة الاحتلال إلى وقف المشاريع التوسعية الاستيطانية بالضفة الغربية والقدس، وأكد أن مواصلة الاستيطان يهدد حل الدولتين ويحول دون إنهاء الصراع.
فيما حذر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل، من أن التوسعات الاستيطانية ستقطع التواصل الجغرافي بين القدس وبيت لحم، وستعزل الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق، فضلا عن أن هذه الخطط تتنافي مع القانون الدولي، مشددا على أن الاتحاد لن يعترف بأي تغييرات تطرأ على حدود القدس قبل عام 1967.
من جهتها اعتبرت الأمم المتحدة على لسان المنسق الأممي الخاص لعملية السلام بالشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، أن تنفيذ “إسرائيل” خططها الاستيطانية، سيقطع الصلة بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، ما يقوض بشكل كبير فرص إقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.
كما حذر نحو 50 وزيرا ومسؤولا أوروبيا سابقون، من خطة الولايات المتحدة الأميركية لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، والتي تحمل عنوان “السلام للرخاء”.. معتبرين أنها تمهيدا لنظام فصل عنصري جديد في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وبحسب الإحصاءات الصادرة عن حركة “السلام الآن”، يوجدنحو 650 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، يسكنون في 164 مستوطنة، و124 بؤرة استيطانية.
ومرّ عام 2020 قاسيا وثقيلا على الشعب الفلسطيني، لما حمله من خطط إسرائيلية- أمريكية تهدف لتصفية قضيتهم، كان في مقدّمتها “صفقة القرن” المزعومة، وتسارعت فيه وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية، حيث قالت منظمة التحرير الفلسطينية إن عدد الوحدات الاستيطانية التي وافق كيان الاحتلال على بنائها خلاله، بلغت نحو 12 ألف و159 وحدة.
وشكّل مسار التطبيع العربي مع الكيان المحتل، الذي انضمت إليه 4 دول (المغرب، والإمارات، والبحرين، والسودان)، خلال العام الماضي، ضربة “قاسية” للقضية الفلسطينية.