ماذا عن الحصار السعودي الذي يخنق اليمن؟
بقلم: أروى مقداد
(موقع “ريسبونسيبول ستيت كرافت-Responsible Statecraft” الأمريكي- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
أعلن الرئيس بايدن إنهاء الدعم اللوجستي الأمريكي للحملة العسكرية التي تقودها السعودية والإمارات في اليمن في فبراير المنصرم, وذلك بعد ست سنوات من الحرب الوحشية.
ومع ذلك، فإن موقفه من الحصار المستمر من قبل القوتين الخليجيتين لا يزال غير واضح.
الحصار الذي فرض السيطرة الكاملة على الموانئ البرية والجوية والبحرية في اليمن، حيث يتم إيقاف السفن أو تأخيرها أو تغيير مسارها من قبل التحالف الذي تقوده السعودية.
ومن خلال منح الحكومة السعودية الحق في تفتيش السفن المتجهة إلى اليمن، دعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحصار عن غير قصد.
والآن، يجب أن تحصل جميع السفن على موافقة سعودية قبل أن ترسو في أي مكان في اليمن، بما في ذلك الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ويرى أنصار الحصار أنه يمنع وصول السلاح للحوثيين وأن رفعه سيزيد الوضع الأمني سوءاً في اليمن.
ومع ذلك، فإن الحصار يعرقل مفاوضات السلام ويؤدي إلى تدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية في البلد، مما يزيد من عدم الاستقرار الإقليمي.
علاوة على ذلك، فهو ينتهك قوانين الحرب التي تحظر تقييد المساعدات الإنسانية وتمنع توفير المواد الضرورية لبقاء المدنيين على قيد الحياة.
اليوم، ما يقرب من 80 % من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.
في فبراير، ذكرت الأمم المتحدة أن 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، من بينهم 400 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد والموت المحتمل.
ووفقاً لتقارير منظمة “إنقاذ الطفولة- “Save the Children لقي ما لا يقل عن 85 ألف طفل دون سن الخامسة مصرعهم بسبب الجوع منذ اندلاع الحرب بين عامي 2015 و 2018.
أدى تفشي فيروس كورونا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث دمرت الحرب البنية التحتية الصحية في البلد وتركت الكثيرين يعانون من ظروف صحية سيئة بالفعل مسبقاً.
اليمن لديها أعلى معدل وفيات في العالم جراء فيروس كورونا بنسبة 29 %، وهو خمسة أضعاف المتوسط العالمي.
لقد خلقت هذه الأزمة التي من صنع الإنسان وضعا مريعا على الأرض أدى إلى زيادة زعزعة استقرار البلد وإلحاق الضرر بالسكان.
وحسبما صرحت الكثير من مجموعات الإغاثة الدولية أن “الشعب اليمني لا يتضور جوعاً, بل إنهم يتم تجويعهم عمداً “.
فرض التحالف الذي تقوده السعودية حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً في مارس 2015، مما أدى إلى قطع جميع منافذ الدخول وتقييد تدفق المواد الغذائية والوقود والأدوية والسلع الأساسية إلى البلد, كما منع الحصار الوصول التجاري إلى اليمن وأخر وصول المساعدات الإنسانية.
قام متعقب تابع للأمم المتحدة يراقب الواردات التجارية التي تصل إلى مينائي الحديدة والصليف، وهما ميناءان مركزيان للأمن الغذائي في اليمن، بتوثيق الانخفاضات الشديدة في إمدادات الغذاء والوقود منذ اندلاع الحرب.
فعلى سبيل المثال، السفن المعتمدة من الأمم المتحدة والتي تحمل إمدادات غذائية وأدوية ضرورية والتي تتجه إلى الحديدة يتم احتجازها قبالة الساحل اليمني.
تنتظر السفن شهوراً قبل أن يُسمح لها بالمتابعة إلى اليمن، مما يؤدي إلى فرض غرامات على التأخير.
على الرغم من عمليات التفتيش المتعددة والموافقة الرسمية من الأمم المتحدة، تم احتجاز بعض السفن لأكثر من 200 يوم, حيث تسببت هذه التأخيرات في نقص حاد في السلع الأساسية للبلد المحاصر، وخاصة المناطق الشمالية، حيث يعيش حوالي 80 % من إجمالي السكان.
ومن جانبها, ذكرت وكالات حقوق الإنسان والأمم المتحدة أن هذه التأخيرات أدت إلى تلف الطعام وانتهاء صلاحية الأدوية الهامة.
صرح مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مؤخراً أنه “يشعر بقلق عميق إزاء تدهور حالة نقص الوقود في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله في اليمن.
في حين أن موقف الأمم المتحدة ثابت, ومن الضروري إزالة جميع العقبات التي تحول دون دخول وتوزيع الوقود والواردات الأخرى الحيوية للمدنيين.
أن بعض المواد الغذائية لا تزال تدخل اليمن، الا أن القيود المفروضة على السلع التي تدخل البلد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في كل من الأسواق الرسمية وغير الرسمية.
قبل الحصار، كان اليمن يستورد 90 % من إمداداته الغذائية, وفي الوقت الحالي، يحدد التحالف الذي تقوده السعودية البضائع التي قد تدخل البلد وكميتها.
منذ 3 يناير، لم يُسمح لسفن تحمل الوقود بالرسو في ميناء الحديدة, واليوم، يتم احتجاز 13 سفينة وقود تحمل أكثر من 350 ألف طن متري من الوقود التجاري.
أدى الحصار والتأخير في جدة إلى عزوف تجار التوريد عن الاستيراد إلى اليمن بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل.
فعندما ترسو السفن ويتم تفريغ حمولاتها في نهاية المطاف، فإن التكاليف الباهظة التي تكبدتها يتم دفعها من قبل المستهلكين عبر رفع سعر السلعة، مما ضعف القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار.
هذا، إلى جانب الضربات الجوية المستهدفة على منشآت إنتاج وتوزيع الغذاء، فضلاً عن الحرب المدمرة، كل هذا أدى إلى خلق أكبر أزمة إنسانية في العالم.
لقد دمر هذا الحصار الاقتصاد اليمني من خلال المساهمة في النقص والتضخم الذي يجعل من الصعب للغاية على الناس العاديين البقاء على قيد الحياة.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية المتوفرة بشكل كبير وستستمر في الارتفاع إذا استمر الحصار والحرب.
وإلى جانب انهيار العملة اليمنية، أصبح ملايين اليمنيين غير قادرين على شراء المواد الغذائية المحدودة الموجودة في الأسواق.
في غضون ذلك، لم يتلق موظفو الخدمة المدنية رواتبهم منذ عام 2016, ونتيجة لكل ذلك, أصبح الطعام في اليمن سلعة فاخرة لا يحصل عليها سوى قلة مختارة.
على الرغم من الحاجة الماسة لملايين اليمنيين، يواصل التحالف السعودي الإماراتي فرض الحصار بدعم من القوى الغربية.
يجب على الولايات المتحدة، في الواقع، وجميع قادة العالم الضغط على التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات لرفع الحصار البري والجوي والبحري عن جميع موانئ الدخول إلى اليمن دون قيد أو شرط.
يشير بروس ريدل من معهد بروكينغ إلى إن “الحصار هو عملية عسكرية هجومية تقتل المدنيين”.
وإذا كان بايدن عازماً حقاً لإنهاء الدعم الهجومي الأمريكي للسعوديين ودعم السلام في اليمن، فعليه الضغط على القوتين الخليجيتين لإنهاء حصارهما على الفور, ومن خلال رفع الحصار، يمكننا تجنب المجاعة التي تلوح في الأفق وبدء مفاوضات سلام مثمرة.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع