قمة أوروبية لاعتماد استراتيجية مشتركة لمواجهة متحورات كورونا
السياسية : عبدالله المراني
يعقد القادة الأوروبيون اليوم الخميس قمة عبر الفضاء الافتراضي، بهدف التوصل إلى استراتيجية مشتركة حيال التهديد الذي تطرحه النسخ المتحورة من فيروس كورونا، رغم القيود المفروضة على التنقل بطريقة غير منسقة والاختلافات الكبيرة حول “جواز السفر اللقاحي”.
ويشارك قادة الدول الـ 27 في الاتحاد الاوروبي في قمة عبر تقنية المؤتمر المرئي، بسبب بطء حملات التلقيح وانتشار المتحورين البريطاني والجنوب أفريقي.
وتأتي هذه القمة في وقتٍ لا يتراجع فيه عدد الإصابات في القارة الأوروبية بسبب بطء حملات التلقيح وانتشار المتحورين البريطاني والجنوب إفريقي.. ولهذا فرضت 10 دول أعضاء في الاتحاد قيودا عند حدودها.
ويكثّف العلماء في العالم جهودهم البحثية بشأن كوفيد-19 في الوقت الذي تعمل فيه منظمة الصحة العالمية على توسيع نطاق تعاونها العلمي ورصدها للمتحوّرات المستجدة لفيروس كورونا-سارس-2 المسبب لكوفيد-19.
وفي وقت سابق وبناء على دعوة المنظمة، فقد عُقد اجتماع افتراضي لعلماء العالم لمدة يوم واحد شارك فيه أكثر من 1750 خبيراً من 124 بلداً لمناقشة الثغرات المعرفية الأساسية وأولويات البحوث فيما يتعلق بمتحوّرات الفيروس المستجدة.
ودعت المفوضية الأوروبية 6 دول منها إلى عرض تفسيرات حول القيود المفروضة على حركة التنقل التي تعتبرها مبالغا بها.. معربة عن خوفها من أنها قد تؤثر على سلسلة الإمدادات.
ومن بين هذه الدول، بلجيكا التي تمنع السفر غير الضروري وألمانيا التي تفرض قيودا على عبور حدودها من تشيكيا وسلوفاكيا ومقاطعة تيرول النمسوية.
وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعدت باعتماد إجراءات “متناسبة” و”غير تمييزية” فقط إلا أن النسخ المتحورة غيرت المعطيات.
وفي هذا الإطار، أشار مسؤول أوروبي رفيع المستوى إلى أن “التنسيق معقد لأن المسؤولين يعتبرون أن الأولوية هي حماية مواطنيهم”، وتوقع “مناقشات حادة” خلال الاجتماع.
وجاء في مشروع التوصيات النهائية لهذه القمة، أن القادة الأوروبيين يريدون إعادة التأكيد “على “ضمان تدفق السلع والخدمات من دون أي عوائق داخل السوق الموجدة”.
ولا يتوقع اتخاذ أي قرار بشأن شهادة التلقيح الأوروبية الهادفة إلى تسهيل السفر داخل الاتحاد الأوروبي على ما أفادت مصادر مختلفة خصوصا وأن حملات التلقيح تبقى بطيئة بسبب مشاكل تسليم الجرعات من المختبرات مع أن بروكسل تتوقع تطعيم 70 في المائة من البالغين في الاتحاد الأوروبي بحلول منتصف سبتمبر.
وقال دبلوماسي باستياء إن الحديث عن شهادة التلقيح هذه في حين أن 4,2 في المائة من الأوروبيين حصلوا على جرعة واحدة على الأقل، “لا معنى له بتاتا.. مشيراً إلى أنه لم يتأكد بعد من أن الحصول على اللقاح يمنع نقل العدوى إلى أشخاص.
وفي هذا الصدد تدعو اليونان خصوصا إلى اعتماد جواز سفر أخضر بشكل سريع في حين تعرب باريس وبرلين عن قلق من احتمال أن يوسع الهوة بين أقلية محظية والآخرين.
وقد يدعو القادة الأوروبيون إلى “مواصلة نهج مشترك مع وعد بالعودة إلى هذا الموضوع” لاحقا.
كما سيدرس قادة الدول الأوروبية والحكومات كذلك إمدادات اللقاحات للدول الأخرى.
وتأتي هذه القمة متزامنة مع دعوات منظمة الصحة العالمية، للسلطات الوطنية حول العالم، إلى إعطاء أولوية لفهم عواقب عدوى فيروس كورونا على المدى الطويل، لمساعدة أولئك الذين يعانون من أعراض مقلقة بعد أشهر عدة من الإصابة.
وقال المدير الإقليمي للمنظمة في أوروبا هانز كلوغ، في مؤتمر صحفي: “إنها أولوية واضحة لمنظمة الصحة العالمية، وذات أهمية قصوى، ويجب أن تكون كذلك لكل سلطة صحية”.
وأضاف كلوغ: “العبء حقيقي وكبير، حيث أن واحد تقريبا من كل عشرة مصابين بكوفيد-19 يظل يعاني بعد 12 أسبوعا والكثير منهم لفترة أطول بكثير”.
وأشار إلى أن تقارير الأعراض طويلة الأمد جاءت بعد وقت قصير من اكتشاف المرض لأول مرة، وقال إن بعض المرضى: “قوبلوا بعدم التصديق أو عدم الفهم”.
وشدد على أن هؤلاء المرضى بحاجة إلى الاستماع إليهم إذا أردنا فهم العواقب طويلة المدى والتعافي من المرض.
وفي المؤتمر الصحفي نفسه، أقر البروفيسور، مارتن ماكي، من المرصد الأوروبي للأنظمة والسياسات الصحية، بأن الكثير من المعرفة بالحالة كانت نتيجة لمرضى محبطين ربطوا الأمور ببعضها بأنفسهم.
وقال ماكي: نحن مدينون لأولئك الذين كانوا يعانون.. الذين اجتمعوا لزيادة الوعي بهذه الحالة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية في أوروبا، يعاني ربع مرضى ” كوفيد 19″ من الأعراض بعد 4 إلى 5 أسابيع من نتيجة الاختبارات الإيجابية.
وتخطى إجمالي الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد حول العالم، عتبة المليونين و500 ألف، وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية القائمة بأكبر عدد من الوفيات.
وبحسب موقع “وورلد ميتر” المتخصص في رصد إحصاءات الفيروس، فقد بلغ إجمالي وفيات الفيروس حول العالم، مليونين و508 آلاف و913.
وتتصدر الولايات المتحدة قائمة بلدان العالم في وفيات كورونا، بـ518 ألفا و363 وفاة، تليها البرازيل بـ250 ألفا و079، ثم المكسيك بـ182 ألفا و815.
وأظهرت بيانات الموقع أن إجمالي الإصابات بالفيروس حول العالم بلغ 112 مليونا و850 ألفا و488.. في حين بلغ عدد المتعافين من كورونا 88 مليونا و713 ألفا و439.
الجدير ذكره أن ثمة 3 نسخ متحورة في الوقت الراهن تثير قلقاً شديداً، ظهرت للمرة الأولى في إنجلترا وجنوب أفريقيا واليابان، ولو أن الإصابات في هذه الأخيرة سُجلت لدى مسافرين وافدين من البرازيل، ما حمل على الإشارة إلى النسخة باسم “المتحورة البرازيلية”.
وفي موازاة ذلك، هنالك فئة ثانية من المتحورات تراقبها الأوساط العلمية العالمية بسبب مواصفاتها الجينية التي قد تطرح إشكاليةً، غير أن انتشارها لا يزال محدوداً.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول وحدة علم المجين التطوري للفيروسات ذات الحمض النووي الريبي، في معهد باستور في باريس، إتيان سيمون لوريار، قوله: “ستكشف لنا الأسابيع والأشهر المقبلة إن كانت تدخل في فئة المتحورات المقلقة للغاية التي تنتشر بسرعة كبيرة، أو أنها ستبقى متحورات تنتشر من دون إثارة كثير من المخاوف”.
وتصنف جميع هذه المتحورات في عائلات أو “سلالات”، فتحتل على ضوء التحولات التي مرت بها موقعاً محدداً في شجرة عائلة الفيروس الأصلي “سارس-كوف-2”.
وفي الأسابيع الأخيرة اتسعت القائمة فرُصدت على سبيل المثال سلالة أُطلق عليها اسم “بي 1.525” في اسكتلندا ونيجيريا وفرنسا وأستراليا.. وكذلك رُصدت نسخ متحورة أخرى في كاليفورنيا وزامبيا وأوغندا، وصولاً إلى فنلندا.
ويشار إلى أن ظهور النسخ المتحورة لا يشكل مفاجأةً على الإطلاق، فهذا تطور طبيعي إذ يمر الفيروس مع الوقت بتحولات لضمان استمراره.
وأفادت الأجهزة الصحية البريطانية على موقعها الإلكتروني، بأنه “تم التعرف إلى أكثر من 4 آلاف متحورة لسارس-كوف-2 عبر العالم”.
فيما يرى اختصاصيون أميركيون، وبينهم الخبير الحكومي أنطوني فاوتشي، في مقال نُشر أمس الأربعاء في مجلة “جورنال أوف ذي أميريكان ميديكال أسوسييشن” المتخصصة، أنه من بين هذه النسخ “وحدها نسبة ضئيلة تشكل مصدر قلق على الصحة العامة”.
ويحذر العلماء من استخدام عبارات “النسخة المتحورة البريطانية” أو “الجنوب أفريقية”، التي قد تكون مسيئةً إلى الدولة المشار إليها.