مقابلة.. مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية ” مسألة التواطؤ الفرنسي”
دعت عدة منظمات غير حكومية إلى وقف عمليات تسليم الأسلحة من باريس إلى الرياض التي تنضوي تحت رايتها منظومة دول التحالف العربي العسكري والتي اخذت على عاتقها مهمة صد التقدم الحوثي في المناطق الشمالية من اليمن، وعلى الرغم من جرائم الحرب الموثقة، إلا أن هذه الدعوات تذهب ادراج الرياح وتُرفض في نهاية المطاف.
مقابلة أجرها: بيير باربانسي مع بينوا موراتشيول*
(صحيفة “ليومانيته- L’Humanité” الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي” سبأ”)
الصحيفة: في ديسمبر، تم نشر تقريرا تحدثتم فيه عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في اليمن. ماذا عن ذلك؟
بينوا موراتشيول: لقد قمنا بمراجعة وتدقيق التقارير الصادرة عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة (أي التي أقرتها الأمم المتحدة والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، بما في ذلك فرنسا) حيث أشارت هذه التقارير إلى ارتكاب جرائم حرب محتملة في اليمن.
وعندما نظرنا إلى حيثيات جرائم الحرب هذه، وجدنا أنها كانت ذات طابع ممنهج ومتكرر.
ومن وجهة النظر هذه، تم تصنيف جرائم الحرب المرتكبة في اليمن بأنها جرائم حرب ضد الإنسانية، وهذا لم يحدث من قبيل المصادفة، ولكن بعد مرور سنتين أو ثلاث سنوات من الحرب وعلى الرغم من جميع الطلبات والتدخلات لخبراء الأمم المتحدة وكذلك مجلس الأمن إلى الأطراف لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.
الصحيفة: كيف يمكن لفرنسا أن تكون متواطئة في هذه الحرب؟
بينوا موراتشيول: وقع قصر الاليزية الفرنسي على أكثر من 100 معاهدة لحقوق الإنسان، بدءا بميثاق الأمم المتحدة إلى…..
ولأن فرنسا جزء من اتفاقية جنيف لعام 1949، وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، كما أنها من بين الدول الموقعة على معاهدة تجارة الأسلحة، حيث تنص المادة 6 من المعاهدة على أنه عندما تصبح الدول المصدرة للأسلحة على علم بالانتهاكات الجسيمة التي طالت القانون الدولي، يجب عليها أن توقف عمليات تصدير الأسلحة.
نحن لسنا في تقييم للمخاطر، بل في إمكانيات حدوث خطر محتمل، كما تنص الفقرة 2 من نفس المادة على أنه إذا كان النقل في حد ذاته يشكل انتهاكا للالتزامات الدولية للبلد، فإن عمليات النقل يجب أن يتوقف.
الصحيفة: عملت منظمة العمل الأمني الأخلاقي الجمهوري غير الحكومية ومنظمة ايسر والعديد من منظمات العمل الانساني غير الحكومية على حث الحكومة الفرنسية ووقف عمليات تسليم الأسلحة، ماذا كان ردها؟
بينوا موراتشيول: لقد عملت على مثل هذه المسائل لأكثر من عشرين عاما مع مختلف الوزارات، حيث سألناهم بشأن هذه الاسلحة بالتحديد والمستخدمة في حرب اليمن.
ولكن لم يكن لدينا أجوبة شافية، حيث لم يكن هناك سوى مناقشات، ومنذ أن ذهبنا إلى المحكمة الإدارية في العام 2018، أوقفت الإدارات والإليزيه أي حوار معنا.
وهذا دليل هائل على مدى الضعف والوهن, واليوم، نحن أمام مجلس الدولة، حيث تمكنا من النجاح بالدرجة الأولى في المحكمة الإدارية ثم الإشارة إلى الاستئناف، ولكن الأمر الرئيسي هو أننا أمام مجلس الدولة الذي يضم في طياته منظمة العمل من أجل إلغاء التعذيب، ومنظمة العمل من أجل مكافحة الفساد، ومنظمة أطباء بلا حدود، ومنظمة السلام من أجل اليمن ومنظمة وقف تأجيج الحرب.
الصحيفة: هل يستجيب الموقف الفرنسي للمخاوف السياسية؟ الاقتصادية؟ أم لكلاهما في آن واحد؟
بينوا موراتشيول: المبالغ الملتزم بها كبيرة ومثيرة للسخرية على حد سواء، فمنذ بدء التدخل العسكري لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أواخر مارس من العام 2015، ارتفع معدل صادرات الأسلحة وعمليات نقلها من فرنسا إلى السعودية إلى ما يزيد قليلا عن 6 مليارات يورو.
ولكن فيما يدعو للقلق والانزعاج في بلد ما هو أمر فظيع, حيث يصارع 400 ألف طفل شبح الموت جوعاً إذا لم يتغير الوضع، نظراً لكون البرامج الإنسانية تعاني من نقص حاد في التمويل.
نحن في خضم وضع مرعب ورهيب بالنسبة للشعب اليمني، ولكن على الرغم من ذلك، لا تزال فرنسا مستمرة في ذات السياسة، بل وقد عملت على زيادة صادراتها من الأسلحة.
ولا بد من قول كلمة عن مصر التي هي جزء من التحالف العسكري وصاحبة المصلحة فيه, كما أنها تزيد قليلاً عن 6 مليارات يورو من طلبات المعدات العسكرية، فهي لا تدفع ولا يوجد دليل على أنها دفعت قيمة صاروخ ميسترال واحد، ولا قيمة طائرة رافال، على الرغم من طلباتنا.
ومع ذلك، فإنها مستمرة, لذا فمن الواضح أنها ليست مجرد مسألة مالية, على الأقل ظاهرياً.
الصحيفة: لدينا انطباع بأن الشعب الفرنسي لا يملك أي وسيلة للتحكم واتخاذ القرار، هل هذا حقيقي؟
بينوا موراتشيول: قدم عضوان في البرلمان الأوروبي تقريراً إعلامياً في العام 2018 عن مراقبة صادرات الأسلحة.
تحدث هذا التقرير عن الحاجة إلى الرقابة البرلمانية، فإنه ليس من أجل الافصاح العلني بل من أجل الحفاظ على السرية.
عارض البرلمانيون والمواطنون الفرنسيون لما تقوم به السلطة فيما يخص بتجارة الأسلحة التي تتعارض مع القيم الفرنسية.
ومن جانبها, أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وأستراليا عزمها على تعليق صادرات الأسلحة المستخدمة في حرب اليمن.
إذ, يرجع تصرف بايدن هذا إلى أن النائب بيرني ساندرز واليسار الأمريكي سبق وأن سلطوا الضوء في عهد ترامب على هذه المسالة.
كما تمكنوا من الفوز ثلاث مرات في الحصول على تصويت على تعليق صادرات الأسلحة بسبب جرائم الحرب المرتكبة في اليمن.
واليوم، لا تستطيع الحكومة الفرنسية أن تقول إنها لا تعرف، ففي الواقع، فإن الحاصل ما هو إلا مسألة تواطؤ.
* بينوا موراتشيول رئيس منظمة العمل الأمني الأخلاقي الجمهوري غير الحكومية.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع.