السياسية :رصد

استهل المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيثس، خطابه أمام مجلس الأمن بالإشارة إلى التصعيد الحاد في الصراع خلال الشهر المنصرم، بالهجوم الأخير من قبل أنصار الله (الحوثيين) في محافظة مأرب.

وأعرب المبعوث الخاص عن حزنه لأن الصراع في اليمن يتخذ هذا المنعطف الحاد، مكررا إدانته لهذه العملية الهجومية وداعيا إلى أن يتوقف الهجوم على مأرب:

“يعرض ذلك ملايين المدنيين للخطر، كما قال مارك لوكوك (وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية) هذا الأسبوع، خاصة مع وصول القتال إلى مخيمات النازحين داخليا. إن السعي إلى تحقيق مكاسب إقليمية بالقوة يهدد آفاق عملية السلام”.

الطريقة الوحيدة لإنهاء خطر المجاعة هي إنهاء الحرب

وأشار غريفيثس أيضا إلى خطر المجاعة الذي مازال يهدد اليمن، فيما لا يتلقى الكثيرون من موظفي الخدمة المدنية رواتبهم. وقال إن “عدم كفاية سفن الوقود التي تدخل ميناء الحديدة ومعوقات التوزيع المحلي أدى إلى نقص كبير في الوقود في مناطق سيطرة أنصار الله” معربا عن أمله في أن تسمح الحكومة اليمنية بدخول سفن الوقود للتخفيف من حدة الوضع.

وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك تحدث في كلمته اليوم أمام مجلس الأمن عن خطر المجاعة الذي يحدق باليمنيين، قائلا إن اليمن يسارع نحو أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود.

ومستشهدا ببيانات جديدة صدرت الأسبوع الماضي، أكد لوكوك مرة أخرى أن “الوقت ينفد”. فمعدلات سوء التغذية بلغت مستويات قياسية. إذ يعاني 400,000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد في جميع أنحاء البلاد. هؤلاء الأطفال هم في الأسابيع والأشهر الأخيرة من حياتهم.

طفل بعمر الثلاثة أشهر يتلقى العلاج من سوء التغذية الحاد في العاصمة اليمنية صنعاء بأحد المستشفيات التي تدعمها اليونيسف.

وقال: “هؤلاء هم الأطفال ذوو البطون المنتفخة والأطراف الهزيلة والنظرات الفارغة – إنهم يموتون جوعاً”.

وشدد لوكوك على أنه لوقف حدوث هذه المجاعة “نحن بحاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات بشأن خمس نقاط أساسية: حماية المدنيين؛ وصول المساعدات الإنسانية؛ تمويل عملية المساعدة؛ دعم الاقتصاد؛ التقدم نحو السلام”.

وقال إن هناك فرصة مهمة الآن لمساعدة اليمن على التحرك نحو سلام دائم. وأكد أن منع المجاعة أمر ضروري لإتاحة المجال لهذه الفرصة كي تتحقق. ولكنه شدد على ضرورة فعل المزيد: “أولا، يجب أن يتوقف العنف. مرة أخرى، أكرر وأدعو الأطراف إلى وقف التصعيد الخطير في مأرب. كما أؤيد بشدة جهود مارتن غريفيثس للتوسط لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني – ليس فقط في مأرب، ولكن في جميع أنحاء البلاد – واستئناف العملية السياسية”.

وقال مارك لوكوك إن الطريقة الوحيدة لإنهاء الأزمة في اليمن هي إنهاء الحرب.

خزان صافر

فيما يتعلق بقضية ناقلة النفط صافر، ذكر مارك لوكوك أن سلطات أنصار الله أعلنت مؤخرا عن خطط “لمراجعة” موافقتها على المهمة المخطط لها منذ فترة طويلة ونصحت الأمم المتحدة بوقف بعض الاستعدادات. وقال “لقد تخلت عن هذه المراجعة الآن. لكن لسوء الحظ، علمت الأمم المتحدة أن حركة أنصار الله تخلت عن المراجعة بعد فوات الأوان على الموعد النهائي الرئيسي لنشر الفريق في آذار/مارس”.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إنه من الصعب الآن تحديد متى بالضبط قد تذهب بعثة الأمم المتحدة إلى المكان، مشيرا إلى أن أنصار الله قدمت مؤخرا عدة طلبات جديدة لا تستطيع الأمم المتحدة تلبيتها. “لا يمكن إنهاء استعدادات البعثة حتى يتم حل هذه المشكلات أيضا”.

هذا وأكد مارك لوكوك أن الأمم المتحدة لا تزال حريصة على المساعدة في حل هذه المشكلة. “نعتقد أنها تشكل خطرا واضحا وقائما على الجميع في جميع أنحاء البلاد.”

قرار الولايات المتحدة بشأن اليمن

وعلى الرغم من أن الوضع على الأرض آخذ في التدهور، إلا أن مارتن غريفيثس أعرب عن الأمل لوجود “زخم دولي متجدد لإيجاد حل سلمي للصراع”. وفي هذا السياق ضم صوته إلى أصوات الآخرين في الترحيب بشكل خاص بالتركيز المتجدد الذي تضعه الولايات المتحدة على هذا الصراع.

وفي سياق متصل، أشار مارك لوكوك منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إلى عدول الولايات المتحدة عن تصنيفها لأنصار الله منظمة إرهابية أجنبية وكيانا إرهابيا عالميا مُصنفا بشكل خاص بموجب القانون المحلي الأمريكي. وقال إن الولايات المتحدة شعرت بالقلق بشأن التأثير المدمر الذي يمكن أن يحدثه التصنيف على الإمدادات الغذائية لليمن في وقت حرج للغاية.

وفي هذه النقطة، أوضح القائم بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ريشارد ميلز، في كلمته أمام المجلس، أن “هذا القرار قد تم اتخاذه لأنه يعكس الأولوية التي نوليها لتسهيل المساعدة الإنسانية والاستيراد التجاري للسلع الأساسية، مثل الغذاء والوقود، في مواجهة هذا الوضع العصيب. كما يعكس تركيزنا على تنشيط الدبلوماسية، مرة أخرى، جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة وغيرها، لإنهاء الحرب نفسها. سنواصل فرض العقوبات الحالية للأمم المتحدة والولايات المتحدة على أعضاء معينين من أنصار الله، وسنراقب عن كثب أنشطة المجموعة لتقييم ما إذا كان هناك ما يبرر اتخاذ إجراءات إضافية”.

مطار عدن الدولي، جنوب اليمن

ودعماً لهذه الجهود الدبلوماسية، تحدث ريشارد ميلز عن إعلان رئيس بلاده جو بايدن الأسبوع الماضي أن “الولايات المتحدة ستنهي دعمها لعمليات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن، بما في ذلك وقف مبيعات الأسلحة ذات الصلة”.

غير أنه أوضح في الوقت نفسه أن بلاده مازالت ملتزمة بمساعدة شركائها في الدفاع عن أنفسهم من الهجمات، “مثل هجوم الحوثيين الذي أصاب طائرة ركاب مدنية في مطار أبها في المملكة العربية السعودية في 10 شباط/فبراير”.

وذكّر المندوب الأمريكي في كلمته أمام مجلس الأمن اليوم بمحاولة الحوثيين اغتيال الحكومة اليمنية بأكملها في 30 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، والتي أدت بشكل مأساوي إلى مقتل مدنيين أبرياء. وقال: “هذه الهجمات، في رأينا، تظهر بشكل مستمر عدم رغبة الحوثيين في الانضمام إلى عملية المبعوث الخاص غريفيثس، وتضع الحوثيين على نقيض تام مع مصالح الشعب اليمني”.

أهمية المشاركة السياسية

وفي هذا السياق قال المبعوث الأممي الخاص مارتن غريفيثس، إن “الدعم الدولي لإنهاء الصراع لا غنى عنه، ويوفر فرصة جديدة لإعادة فتح المجال لحل تفاوضي”.

وأكد أن هناك طريقة تفاوضية للخروج من هذا الصراع. لكنه أضاف أن الأطراف في أي مفاوضات يحتاجون إلى معرفة إلى أين يتجهون، وإلى رؤية النهاية بوضوح.

وفي كلمته أمام الهيئة الأممية المؤلفة من خمسة عشر عضوا أوضح المبعوث الخاص كل العناصر الأساسية التي تسهم في نهاية مقبولة من الطرفين للحرب والمسار نحو السلام.

وقال “إن الطريق الوحيد لتحقيق تطلعات اليمنيين لمستقبل من المشاركة السياسية السلمية، والحكم الخاضع للمساءلة والمواطنة المتساوية والعدالة الاقتصادية، هو عملية سياسية تشمل الجميع ويقودها اليمنيون تحت رعاية الأمم المتحدة وبدعم المجتمع الدولي”.

ودعا غريفيثس الأطراف اليمنية إلى الاتفاق حول وقف إطلاق للنار في جميع أنحاء اليمن، وعلى إجراءات إنسانية واقتصادية، قائلا إن الإجراءات يجب أن تركز على تحقيق أهدافها الإنسانية مع توفير ضمانات أمنية وفقا لقرارات مجلس الأمن، مشددا على ضرورة “ألا يتم استغلال هذه الإجراءات لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية”، فالشعب اليمني هو الذي يعاني من عسكرة الاقتصاد.

إطلاق سراح المعتقلين

وأكد المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن أن طاولة المفاوضات يمكن أن تحقق نتائج مربحة للجانبين. وأشار في هذا السياق إلى ما أنجزه الطرفان في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي عندما اجتمعا بنجاح وتفاوضا على إطلاق سراح واسع النطاق للسجناء والمعتقلين.

وذكر أنه خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، اجتمع الطرفان مرة أخرى في عمان في محاولة للاتفاق على إطلاق سراح المزيد من الأفراد.

“لم نصل بعد إلى نتائج”، قال غريفيثس، مشيرا إلى أن هناك مزيدا من المفاوضات التي يتعين إجراؤها، ودعا في هذا الصدد أعضاء مجلس الأمن إلى الانضمام إليه في “حث الطرفين على مواصلة مناقشاتهما بحسن نية والوصول بهذه الجولة أيضا إلى خاتمة ناجحة”.

ورفع أمام مجلس الأمن النداء الذي سمعه في أجزاء كثيرة من اليمن والداعي إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المرضى والجرحى والمسنين والأطفال المحتجزين وكذلك عن كافة المدنيين المحتجزين تعسفيا، بمن فيهم النساء والصحفيون”.

وختم غريفيثس كلمته أمام مجلس الأمن قائلا إن مهمته كوسيط هي الإقناع والتيسير وتشجيع الحوار. غير أنه أوضح قائلا:

“إلا أنه لا يمكن لأي شخص أن يجبر الأطراف المتحاربة على السلام إلا إذا اختاروا الحوار ووضعوا السلاح جانبا. إن مسؤولية إنهاء الحرب هي مسؤولية الأطراف، وهي المسؤولية التي أتمنى أن يتحملوها الآن”.

ملايين الأطفال في اليمن يتعرّضون لخطر سوء التغذية وخاصة في ظل نقص الخدمات الصحية.

اليمن يدعو مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته

من جهته أكد مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله السعدي، أن حكومة بلاده تسعى من منطلق مسؤوليتها تجاه الشعب اليمني وبتوجيه من رئيس الجمهورية اليمنية، ليس فقط إلى وقف “الحرب العبثية التي شنتها الميليشيات الحوثية بدعم وتمويل وتسليح من النظام الإيراني المارق وإنما إلى إنهاء النزاع بشكل جذري” حسب تعبيره.

وأكد أن الحكومة تواصل انخراطها البناء مع جهود الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن السيد مارتن غريفيثس للتوصل إلى السلام الشامل والمستدام المبني على المرجعيات المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216، بالإضافة إلى الانخراط في الجهود الديبلوماسية للوصول إلى حل سياسي لوقف الحرب.

ورحبت الحكومة اليمنية، كما فعل مارك لوكوك ومارتن غريفيثس، بالمبعوث الأمريكي الجديد إلى اليمن، تيم ليندركينغ.

وذكر المندوب اليميني أنه بدل من أن يتعامل الحوثيون مع قرار الولايات المتحدة بإيجابية، قاموا بهذا “التصعيد الخطير والهمجي في محافظة مأرب المكتظة بالسكان والنازحين من خلال هجوم عسكري واسع وعلى مختلف الجبهات بالإضافة لقصف الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، الذي يدخل يومه الحادي عشر، وكذلك استهدافها للأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة ومنها استهداف مطار أبها المدني بالطائرات المسيرة”.

كل هذا يأتي بالتزامن مع التحركات الأممية والدولية لإحلال السلام وإنهاء الحرب، مما يؤكد بحسب السفير عبدالله السعدي، “الموقف الحقيقي لهذه الجماعة من عملية السلام ويظهر بوضوح أن هذه المليشيات تتحرك كأداة لتنفيذ الأجندة الإيرانية لإفشال كل الجهود التي يبذلها الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي لإنهاء هذا الصراع”.

ودعا اليمن على لسان مندوبه، مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لوقف هذا التصعيد الخطير على محافظة مأرب، والذي “يشكل جريمة ضد الإنسانية” حسب تعبيره، داعيا مجلس الأمن للتحرك عاجلا.

المصدر أخبار الأمم المتحدة

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع