السياسية – رصد :

الدكتور محمد بكر*

لم تكن تصريحات وزير الخارجية الأميركي بومبيو الذي يستعد للرحيل مع رئيسه ترامب مجرد لفت نظر وتصريحات ربع الساعة الأخير، لجهة أن إيران أفغانستان جديدة وأن هناك علاقة تربط الجمهورية الإسلامية بتنظيم القاعدة المصنف إرهاباً على القائمة الدولية، وأنها أي إيران حاضنة لقيادات وأفراد من التنظيم ، بقدر ماهي استكمالاً لما تهندسه اليد الأميركية في مشهدية كباشها مع الجمهورية الإسلامية ، وخطوة متقدمة في مسلسل التصنيع السياسي الأميركي التي اخُتتمت حلقات جزئه الأول بإبرام اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية وصياغة التحالفات بصورتها الجديدة .

سلوك بومبيو هو سيكون ممهد للسياسة الأميركية الجديدة مع قدوم بايدن على قاعدة أن يتابع الرئيس الجديد مسيرة التحشيد ضد طهران ، فكما هو معلوم دأبت إسرائيل من خلال غارات عديدة وكذلك الولايات المتحدة عندما اغتالت الفريق سليماني على جر إيران لمواجهة ، عدم الرد الايراني وكذلك غياب الردع من الجيش السوري في وجه الإسرائيلي، هو كان الأساس لاتباع الأميركي مايمكن تسميته الخطة ب وهي شيطنة إيران وشرح خطر سلوكها ونفوذها في المنطقة من بوابة المنظمات الدولية ، وصياغة الذريعة لاستجلاب تأييد دولي للمواجهة مع إيران ، من هنا يمكن القول أن الكرة في الاشتباك الدولي المحتمل هي في الملعب الروسي ، ومدى تعاطي موسكو تحديداً مع أي محاولة أميركية لاستصدار قرار دولي يدين إيران ولاسيما بعدما قيل عن علم موسكو بالغارات الإسرائيلية الأخيرة على دير الزور والبوكمال ، وأنها غضت الطرف عنها ، إذ شهدت الساحة السورية أحداث تمظهر فيها الخلاف الروسي الإيراني في سورية وقد وصل في بعض المناطق لمستوى الاشتباك .

طهران لعبت دورا كبيراً في اسقاط جملة من المشروعات والأوراق الأميركية في المنطقة من خلال دعم حلفائها في سورية والعراق واليمن وتصريحات مرشد الثورة علي خامنئي عندما حسم بقاء الحضور الإيراني في المنطقة وأنهم لن يتصرفون بطريقة تضعف الحلفاء في المنطقة هو يشي ببقاء ذات الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وتاليا بقاء القلق الإسرائيلي الذي سيمهد للمزيد من الحضور المتنفذ للأيادي الصهيونية في الولايات المتحدة والضغط على بايدن لاستكمال مابدأه ترامب على مستوى السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة .

بومبيو وترامب ، عندما صرح الأول عن علاقة إيران بالقاعدة، وعندما ضم الثاني الكيان الإسرائيلي لقيادة الجيش الأميركي المركزية في المنطقة ، هو بمنزلة السيناريو الأميركي الجديد لمسلسل المواجهة مع طهران .

عدم التطبيق العملي الفاعل لما تهدد به إيران خصومها يوميا من جهة، أو لناحية إنهاء التواجد الأميركي في المنطقة من جهة أخرى، هو سيقوي شوكة خصوم طهران وسيعجل من السيناريوهات التي تخطط لها إسرائيل وتحاول إنفاذها وتظهيرها للواجهة الميدانية في زمن بايدن .

وصول بايدن ربما يغير الكثير في الداخل الأميركي على قاعدة تصحيح مسار ترامب وتحقيق قفزات نوعية تخدم الشعب الأميركي ، لكن الاعتقاد السائد أنه لا تغيير جوهري في السياسة الخارجية المنتصرة لإسرائيل وربما أكثر من مجرد دعمها ، بل تأدية مسلسل ترامب وبومبيو على أكمل وجه .

* كاتب صحفي ومحلل سياسي فلسطيني
* المصدر : رأي اليوم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع