السياسية:

وأعرب عدد من كُتّاب الرأي عن “تخوفات مشروعة” تجاه العملية الانتخابية وتعقيدات الوضع الإقليمي والدولي، متسائلين عن الضامن لنزاهة الانتخابات، وهل ستعكس استقلال القرار الفلسطيني وتساهم في إنهاء الانقسام؟ أم أنها ستزيد من سطوة الفصائل على الحياة السياسية؟

وكان الرئيس عباس قد أصدر مرسوما بشأن إجراء الانتخابات الفلسطينية على ثلاث مراحل: الأولى تشريعية في 21 مايو/أيار، تليها انتخابات رئاسية في 31 يوليو/تموز، ثم انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب القادم.

“تخوفات مشروعة”

يقول عبد المجيد سويلم في صحيفة الأيام الفلسطينية: “إن إجراء الانتخابات في المواعيد المحددة في مراسيم الرئاسة يعتبر إنجازا وطنيا كبيرا، وذلك بالنظر إلى كونها استحقاقا طال انتظاره، وفي كونها فرصة مهمة لإعادة بناء النظام السياسي على أسس من الشرعية والديمقراطية والاستقرار المطلوب”.

ويضيف سويلم أن الانتخابات تُعتبر “فرصة أيضا لتجديد كل شرعيات هذا النظام، وربما المساهمة في إنهاء الانقسام، والانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية، لمواجهة التحديات التي تتمثل داخليا في إعادة توحيد المؤسسات الوطنية، وفي إعادة توحيد الوطن في إطار إعادة الاعتبار لوحدة القضية والشعب”.

ويرى الكاتب أن هناك “مخاوف مشروعة” وأنها “كثيرة وجدية وعلى درجة عالية من الأهمية والخطورة”.

ويعتبر سويلم أن دخول حركتَي فتح وحماس الانتخابات بقائمة موحدة “يعني ببساطة أن الانتخابات باتت تحت السيطرة المسبقة والتحكم الفعلي بنتائجها”.

ويعرب الكاتب عن تخوفه من أن “الفصائل ومحاصصاتها وتقاسماتها وصراعاتها على نسبة التمثيل، وعلى المقاعد في مختلف مكونات النظام السياسي وتفرعاته، ستؤدي إلى الهيمنة التامة والكاملة للفصائل على الحياة الحزبية والسياسية في الواقع الفلسطيني”.

ويؤكد سويلم أن “العامل الإسرائيلي يتربص بالعملية الديمقراطية الفلسطينية”.

وفي جريدة الدستور الأردنية، يؤكد علي أبو حبلة أن الانتخابات “استحقاق كفله القانون الأساسي الفلسطيني كل أربع سنوات لكن الحالة الفلسطينية حالة شاذة”.

ويؤكد الكاتب أن الانقسام الفلسطيني “ساهم في تهرب حكومة الاحتلال من الاستحقاقات الدولية في تطبيق قرارات الشرعية الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتمكنت حكومة الاحتلال خلال تلك الفترة من تمرير مشروعها الاستيطاني وتهويد القدس”.

ويعرب أبو حبلة عن تخوفه “من تعقيدات الوضع الإقليمي والدولي، وتدخُّل إسرائيل في الشأن الداخلي الفلسطيني مما يعرقل ويعقّد من إجراء انتخابات فلسطينية في موعدها المحدد حسب صدور المرسوم”.

ويطالب الكاتب بـ “تدخل فاعل وقوي من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للضغط على حكومة الاحتلال لعدم التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني ومشاركة أهل القدس في الانتخابات لأن ذلك في صُلب الاتفاقات وفق قرارات الشرعية الدولية وهي أراضٍ محتلة تخضع للاتفاقيات والقوانين والمواثيق الدولية”.

وفي موقع فلسطين أونلاين، يطرح وائل المناعمة عددا من التساؤلات التي يراها “تخوفات مشروعة”.

ويتساءل المناعمة: “ما الضامن للاعتراف بنتائج الانتخابات والتعاون الإيجابي للتسليم للفائز دون منغصات كما حدث في السابق؟ ثم ما جدية الوصول إلى انتخابات حقيقية للمجلس الوطني الفلسطيني لإعادة تشكيل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعادة الاعتبار لها لتمثل الكل الفلسطيني وتكون المظلة الحقيقية لشعبنا في كل مكان؟”

ويتابع الكاتب تساؤلاته: “ثم ما مدى الاعتراف بالمحاكم الفلسطينية في غزة والضفة الغربية من جميع الأطراف، وعدم الطعن في أحكامها …. كما أن الانتخابات المرتقبة بحاجة إلى حكومة فلسطينية واحدة تستطيع أن تنظّم وتشرف على العملية الانتخابية … كذلك لا بد من توفر الضمانات لحرية الترشيح والاقتراع وممارسة الحملات الانتخابية دون ملاحقة أو تضييق من أي جهة”.

ويرى المناعمة أنه “إضافة إلى ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من سجون الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية”، يبقى السؤال الكبير: “ما الضامن لانتخابات حرة ونزيهة في مدينة القدس بعيدا عن ملاحقة ومضايقة الاحتلال الصهيوني؟”

بين الانتخابات الإسرائيلية والفلسطينية

وفي موقع المركز الفلسطيني للإعلام، يقارن فايز أبو شمالة بين الانتخابات الإسرائيلية التي تُجرى هذا العام للمرة الرابعة في غضون عامين “وفي ذلك تعبير عن إرادة مجتمع لا يخشى على مستقبله، واثق في استقراره، له أطماعه التوسعية التي يعبر عنها من خلال ممثليه في البرلمان”، وبين الانتخابات الفلسطينية “التي تجرى للمرة الثالثة في غضون 25 عاما، وهي مرتبكة وجلة، وعرضة للانتكاسة والانهيار جراء قرار متسلط داخلي أو خارجي”.

ويرى أبو شمالة أن الانتخابات الإسرائيلية تعكس “إرادة شعب استقل بقراره”، في مقابل انتخابات فلسطينية تجرى “إثر ضغوط وتدخلات خارجية، ونتائجها مرهونة لجملة من الاعتبارات، وتقاطع مصالح أكثر من دولة”.

ويضيف الكاتب أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية “ستقرر مصير المنطقة لأربع سنوات قادمة، أما نتائج الانتخابات الفلسطينية فستقرر مصير بعض الشخصيات والأسماء والتنظيمات مدى العمر”.

ويمضي أبو شمالة قائلا إن الانتخابات الإسرائيلية “ستفرز مجموعة من الكتل البرلمانية، وستقرر تركيبة الحكومة القادمة، ولا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تحل الكنيست، أو أن تفرض حكومة لا تحظى بالأغلبية، أما نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية فقد تُلغى بقرار رئيس”.

ويتابع بأن الانتخابات الإسرائيلية “ستفرز قادة إسرائيليين يتسابقون على ضم الضفة الغربية، ويشترطون للفوز عدم الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، أما الانتخابات الفلسطينية فمشروطة بالاعتراف بـ(إسرائيل)، والموافقة على ما وافقت عليه منظمة التحرير في أوسلو”.

ويؤكد أبو شمالة أن “المقارنة ليست ترفا، ولا هي تسلية ومسخرة، ولا هي تهربا من انتقاد جملة التعديلات القانونية التي صدرت قبل المرسوم الرئاسي .. المقارنة تفرض على الفلسطينيين أن يفتحوا كتاب مستقبلهم السياسي، وأن يقرؤوا تفاصيله من خلال طريقة صدور المرسوم الرئاسي، وزمنه، وآليته، وتعقيدات تطبيقه، ونتائجه على الأرض”.

وكالات