اليمن: تصنيف الحوثيين كإرهابيين يهدّد المساعدات
الخطوة الأمريكية تهدد ملايين الأرواح المهدّدة بالمجاعة أصلا
السياسية – رصد:
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إنّ احتمال تصنيف إدارة ترامب لجماعة الحوثيين المسلّحة في اليمن كـ “منظمة إرهابية أجنبية” من شأنه أن يهدّد المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين للعيش. يحتاج أكثر من 20 مليون شخص في اليمن، أي نحو ثلثيّ السكّان، إلى مساعدات غذائية.
إذا صنّفت الحكومة الأمريكية الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، يمكن مقاضاة أيّ شخص في الولايات المتحدة أو خارجها مشتبه بتقديمه الدعم أو الموارد للجماعة المسلّحة بموجب قوانين فدرالية عديدة، بما فيها تلك التي تحظّر الدعم المادي للإرهاب. قد يمنع ذلك مجموعات غير ربحية ومنظمات إغاثة إنسانية عديدة من العمل في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين، حيث يعيش العدد الأكبر من سكّان البلاد. قد تخلق القيود على الدعم المادي أيضا عوائق خطيرة أمام الوسطاء الخارجيين المشاركين في مفاوضات السلام بين الحوثيين والأطراف الأخرى من خلال اعتبار تقديم أيّ ممتلكات أو خدمات، بما في ذلك مشورة أو دعم الخبراء، إلى منظمة مصنّفة كإرهابية جريمةً جنائية.
قالت أفراح ناصر، الباحثة في الشأن اليمني في هيومن رايتس ووتش: “يعيش عدد كبير من اليمنيين على حافة المجاعة، وقد يكون لأفعال الولايات المتحدة التي تتدخّل بعمل منظمات الإغاثة عواقب كارثية. أيّ تصنيف للحوثيين ينبغي على الأقل أن يتضمن استثناءات واضحة وفورية للمساعدات الإنسانية، لكن ينبغي ألا تعتمد ملايين الأرواح على ذلك”.
يمنح أحد القوانين الاتحادية وزير الخارجية الأمريكي سلطة واسعة في تصنيف أيّ كيان أجنبي كـ “منظمة إرهابية أجنبية” حالما تحدّد وزارة الخارجية انخراط هذا الكيان في “نشاط إرهابي”، و”قدرته ونيته” في ذلك، وتهديد مثل هذه الأفعال لمواطني الولايات المتحدة أو أمنها القومي. يسمح أمر تنفيذي متّصل للحكومة بإدراج أفراد أو مجموعات تساعد منظمات إرهابية أو “مرتبطة بها” كـ “إرهابيين عالميين خاضعين لإدراج خاصّ” والحجز على أصولهم. يمنح القانون إجراءات حماية قانونية قليلة للأشخاص المُدرجين.
يُعتبر تصنيف الولايات المتحدة جزءًا من حملة “الضغط الأقصى” لإدارة ترامب على إيران، بحسب تقارير إعلامية. في الأيام الأخيرة المتبقية للإدارة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على إيران أو مسؤولين إيرانيين كلّ أسبوع. تدعم إيران جماعة الحوثيين المسلّحة التي تسيطر على العاصمة صنعاء والجزء الأكبر من غرب اليمن منذ أواخر 2014.
قال أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لـ “الأمم المتحدة”، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إنّ “اليمن يواجه خطرا وشيكا بحدوث أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود. ملايين الأشخاص سيفقدون حياتهم إذا لم يتم القيام بعمل فوري لمنع ذلك”. وفق تقرير مشترك لوكالات الأمم المتحدة، يواجه آلاف الأشخاص في اليمن ظروفا شبيهة بالمجاعة وسط نقص ملحوظ في التمويل.
أفادت جماعات الإغاثة الدولية بأنّ الإدراج على قائمة الإرهاب للولايات المتحدة كفيل بالتسبّب “بمعاناة أكبر”. قال أعضاء في الكونغرس الأمريكي إنّ التصنيف سيكون له “أثر كارثي على قدرة المنظمات التي تقدّم المساعدات على تأمين الإغاثة لملايين اليمنيين الذين يعتمدون على مساعداتها للبقاء على الحياة”.
أفادت “إن.بي.سي نيوز” بأنّ جون بارسا، القائم بأعمال مدير “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، طلب من وزير الخارجية مايك بومبيو عدم إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب بعد أن أجرت الوكالة تحليلا تفصيليا للأثر السلبي المحتمل لذلك. بحسب تقارير، أعرب ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لـ “برنامج الأغذية العالمي”، لبومبيو عن “قلق شديد” إزاء الإدراج المحتمل.
وثّق تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في سبتمبر/أيلول بعنوان “عواقب قاتلة” أنّ أطراف النزاع في اليمن، تحديدا الحوثيين، فرضوا مجموعة من العقبات على عمليات الجماعات الإنسانية الدولية والمحلية، بما فيها صعوبات لوجستية ومنع مباشر لتسليم المساعدات. سيفاقم إدراج الحوثيين كـ “منظمة إرهابية أجنبية” الوضع الصعب بالفعل للجماعات الإنسانية. قالت هيومن رايتس ووتش إنّ على السلطات الحوثية وغيرها من الأطراف المتنازعة أن تضمن الوصول غير المعرقل للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك في حال حصول هذا الإدراج.
منذ مارس/آذار 2015، تدعم الولايات المتحدة التحالف بقيادة السعودية والإمارات عبر بنقل الأسلحة وغيرها من المساعدات. وثّقت هيومن رايتس ووتش أكثر من 90 غارة جوية غير مشروعة على ما يبدو شنّها التحالف والتي استهدفت منازل، وأسواق، ومستشفيات، ومدارس، وجوامع. بعض هذه الهجمات قد ت رقى إلى جرائم حرب. بحسب موقع “مشروع بيانات اليمن” الذي يجمع تقديرات باستخدام بيانات مفتوحة المصدر، قُتل أو أُصيب 18,400 مدني على الأقلّ منذ بداية الحرب. كشفت تقارير إخبارية أنّ مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية حذّروا من احتمال مواجهة مسؤولين أمريكيين للمقاضاة عن جرائم حرب بسبب بيع الأسلحة إلى السعودية وشركائها في التحالف.
قالت ناصر: “لم تُحرّك الولايات المتحدة ساكنا بينما كانت القوات السعودية والإماراتية ترتكب جرائم حرب في اليمن، باستخدام أسلحة أمريكية أحيانا. اتخاذ إدارة ترامب لمثل هذه التدابير الصارمة الكفيلة بإيذاء المزيد من المدنيين، كهدية وداع لحلفائها الخليجيين، يزيد الطين بلّة”.
المصدر: هيومن رايتس ووتش
المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
.