إستهداف مطار عدن..مَن المستفيد وما هي رسالة من يقف خلفه؟شهادةشاهد عيان
صلاح السقلدي*
خمسة عشرة قتيلاً – على الأقل- من الجنود والمدنيين وعشرات الجرحى هي الحصيلة الأولية لضحايا الهجوم الذي تعرض له مطار عدن الدولي ظهيرة يوم الأربعاء الـــ30من ديسمبر كانون أول الجاري وقت وصول الحكومة اليمنية الجديدة القادمة من الرياض.
هذا المشهد الدموي يشي بأن ثمة أوضاع عصيبة ستشهدها الساحة اليمنية، وساحة الجنوب خصوصا،بعد أيام من الإعلان عن التوصل لتشكيلة حكومة توافقية هشة متناقضة بين السلطة اليمنية المدعومة سعوديا وبين المجلس الانتقالي الجنوبي بالتناصف،بعد مخاضٍ عسير استمر منذ أكثر من عامين، تخللتها صدامات عسكرية دامية بين الطرفين في حاضرة الجنوب عدن وبعض المحافظات المجاورة لها.
-هذا الهجوم الذي استهدف الحكومة لحظة وصولها يحمَــلُ بصمات الجهات التي شنّـتْ هجوما مماثلا غرب المدينة قبل أكثر من عام واستهدف عرضاً عسكريا لقوات جنوبية، ذهَبَ ضحيته قائد قوات الحزام الأمني في عدن والعشرات من الجنود والضباط، دون أن يتم الكشف عن الجهة التي تقف خلفه حتى اليوم سوى اتهامات تبادلتها القوى المنضوية تحت لواء السعودية فيما بينها، وبين هذه القوى والحركة الحوثية التي نفت صلتها بالحادث، ليتم تقييد العملية أمنيا وإعلاميا ضد مجهول.
– مصادر حكومية في عدن والرياض وكذا مصادر سعودية سارعت بعد دقائق من حادث مطار عدن الى اتهام الحركة الحوثية بالوقوف وراء العملية بواسطة صواريخ بالستية، وهو الاتهام الذي سارعت الحركة نفيه على الفور.
كاتب هذه السطور سمع الانفجارات عن قرب لحظة وقوعها وما تلالها من إطلاق رصاص كثيف بالجو من اسلحة خفيفة ومتوسطة، يتضح من خلال تلك صوت الانفجارات أنها ليست لصواريخ كبيرة الحجم كتلك التي اعتدنا على سماع انفجاراتها بالحرب الأخيرة والحروب السابقة، ومن المرجح أن تكون الهجمات قد تمت عبر قذائف مدفعية متوسطة المدى( قذائف هاون) أو ما شابه ذلك( والله أعلم).
ومع ذلك من الصعوبة بمكان الجزم بنوعية هذا السلاح بشكل مطلق أو تحديد الجهة التي تقف خلف هذه العملية قبل أن نستقي المعلومات من الجهات الأمنية المختصة، بعيدا عن استباق الأحداث ورمي التصريحات على عواهنا لحسابات سياسية وبدوافع مواقف سياسية مسبقة، فالوضع السياسي والأمني والعسكري، فضلاً عن الاقتصادي والاجتماعي غاية في التعقيد والتداخل سواء داخل المعسكر الذي تقوده السعودية، أو مع الحركة الحوثية في الشمال، وغياب الثقة هي السمة الطاغية على علاقة هذه القوى ببعضها بعض، وحتى في علاقتها مع التحالف ( السعودية والإمارات), وبالتالي فكل الاحتمالات بشأن من يقف خلف هذا الهجوم مفتوحة على مصارعها ولن نتفاجىء بأي معلومات قادمة..
كما أنه من المؤكد أن هذه الواقعة المروعة ستلقي بظِلالها الكئيبة على المشهد السياسي الكئيب أصلاً وستفاقم من حالة فقدان الثقة بين هذه الأطراف،فثمة أصوات جنوبية تلمّــح وتصرح منذ الساعة الأولى للعملية بأنه من غير المستبعد أن تكون جهات داخل السلطة المسماة بالشرعية هي من تقف وراء الحادثة بُــغية إظهار الوضع الأمني في عدن بأنه غير مستقر وبأن المجلس الانتقالي( الذي يدير المدينة أمنياً) بات عاجزا عن توفير الحماية الأمنية للحكومة، وبأنه بالتالي يجب أن يُــستبعد من المدينة ويُـنتزع منه أنيابه الأمنية المتمثلة بقوات الأحزمة الأمنية والأمن العام سواء في عدن أو في سائر محافظات الجنوب، وكذا قلع مخالبه العسكرية المتمثلة بألويته العسكرية المختلفة، بعد أن فرض نفسه لاعبا قويا بالساحة ويرسّخ أقدامه بوتيرة عالية على الساحة السياسية والعسكرية مستفيدا من تفكك السلطة اليمنية ورخاوتها والخلافات التي تفترسها، ومن حالة الخصومة المضطرمة تحت الرماد بين هذه السلطة والتحالف.
وفي المقابل ثمة أصوات داخل هذه السلطة،وبالذات حزب الإصلاح المحسوب على حركة الإخوان المسلمين لا تتورع بإلقاء التهمة على أطراف جنوبية مدعومة من الإمارات ومنها المجلس الانتقالي الجنوبي بالوقوف وراء الاستهداف أو في أحسن حال بالفشل في حماية الحكومة والتواطئي مع الجناة، وبالوقت عينه تذهب أصوات كثيرة داخل هذه السلطة بتوجيه أصابع الاتهام نحو الحوثيين ربما لصرف الأنظار بعيدا عن حالة التراشق الإعلامي الذي تشهده ساحة القوى المنضوية تحت هذه السلطة وتحت لواء التحالف.
– بالمجمل ،ووسط هكذا وضع مضطرب مشحون تتنازعه أطراف محلية،وتتناهبه قوى إقليمه ودولية مجنونة، وفي ظل استمرار انسداد أفق التسوية السياسية فأن مستقبل هذه الحكومة بات على المحك وباتت الساحة اليمنية شمالا وجنوبا مرشحة لمزيد من الاضطرابات والأحتراب والتناحر إن لم تتداركها جهود تسوية سياسية حقيقة تستفيد من التطورات الاقليمية الإيجابية المتمثلة برأب الصدع الخليجي الخليجي الذي حدث مؤخرا وأعاد المياه الى شبه مجاريها, والاستفادة مِــن الإدارة الأمريكية( إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن) القادمة التي تتحدث عن تطلعاتها لوضع نهاية للحرب باليمن وللضغط على القوى الإقليمية والمحلية التي ترفض الشروع بتسوية سياسية حقيقة، ما دون ذلك فالقادم سيكون أكثر قتامة وأكثر بؤسا. وربنا يستر ويعين .
*صحافي من اليمن-عدن
* المصدر : رأي اليوم
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع