متى يحصل العرب في النهاية على قنبلة نووية؟
السياسية – رصد:
أتعرفون ما يقلقني أكثر من أي شيء آخر بشأن احتمال نشوب حرب أهلية أمريكية؟ مصير الأسلحة النووية الأمريكية.
حينما تفكك الاتحاد السوفيتي، كانت أوكرانيا ثالث أكبر قوة نووية في العالم، وكان جزء كبير من الإمكانيات النووية السوفيتية يقع على أراضيها. وبالإضافة إلى أوكرانيا، ظلت الأسلحة النووية السوفيتية أيضا على أراضي كل من بيلاروس وكازاخستان، وهو ما يمثل مجموعه 2700 رأس نووي، أي ما يكفي ببساطة لتدمير العالم بأسره.
إلا أن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من كافة أشكال معارضته لروسيا، أدرك بنفسه خطر وقوع الأسلحة النووية في أيدي دول غير مستقرة سياسيا، وغالبا ما يمكن أن تكون متطرفة، وأصر على أن تعطي هذه الجمهوريات ترسانتها النووية إلى روسيا.
وبذلك، كان تفكك الاتحاد السوفيتي في نهاية المطاف منظما بطبيعته، بينما احتفظ الروس بدولة منضبطة، وكانوا قادرين على منع تسرب الأسلحة النووية إلى أيدي المتطرفين.
فما الذي يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية؟ وأين خط المواجهة بين الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية الباردة المستمرة فعليا هناك؟ وفي حال نشوب حرب أهلية ساخنة، فعلى أي محاور يمكن أن تنهار الولايات المتحدة، كما وصفت احتمالات ذلك الانهيار في مقالتي السابقة.
نعم، توجد ولايات ستصبح الأغلبية فيها للمهاجرين والناطقين باللغة الإسبانية، وولايات أخرى سوف يحتفظ البيض بأغلبية سكانها حتى بعد 20 عاما، عندما يصبحون أقلية في الولايات المتحدة الأمريكية. من نواح عدة، نحن نرى بالفعل هذا التوافق بعد نتائج الدعوى التي رفعتها تكساس و18 ولاية أخرى في المحكمة العليا بغرض إلغاء نتائج الانتخابات في تلك الولايات المتنازع عليها. تعد هذه الولايات الـ 19 صلب أمريكا البيضاء المستقبلية، أما التحالف المكون من 22 ولاية أخرى، والتي تقف ضد دعوى تكساس، فهو المرشح لأن يكون الجزء الثاني من الولايات المتحدة بعد انهيارها.
لكن الصورة ليست بهذه البساطة، بل أكثر تعقيدا. فأمريكا الحضرية في المدن تشبه نسيجا يحتوي على ألوان متداخلة، حيث يسكن وسط معظم المدن السود والأسبان، والضواحي إما بيضاء أو أن لها هي الأخرى طابع المستعمرات أو الحصون لأحد التجمعات العرقية.
بمعنى أن جبهة الانقسام تمر في كل ولاية، وكل مدينة، وكل شارع، وفي كثير من الأحيان تمر خلال العائلات أنفسها.
لذلك فإن الحرب الأهلية، إذا ما حدثت، لن تكون انقساما منظما إلى أجزاء، بل ستخلق فوضى عارمة غير مسبوقة في الولايات المتحدة الأمريكية، بكل ما تحمله هذه الفوضى من تطهير عرقي وإبادة جماعية وتهجير للسكان، لحين تكوين كيانات لولايات متجانسة عرقيا إلى حد ما. وسوف تستمر هذه العملية لفترة طويلة، ربما لسنوات. وكمرحلة وسيطة، من الممكن أن تنشأ بعض الكيانات الصغيرة، ومناطق أكثر ستعمها الفوضى الشاملة.
فما الذي يمكن أن يحدث في ظل ذلك بالأسلحة النووية الأمريكية؟ إن التفكير في هذا الشأن وحده هو أمر مخيف. أضف إلى ذلك التكنولوجيا النووية وطابور من العلماء العاطلين عن العمل.
أعتقد أن إحدى عواقب تفكك الولايات المتحدة الأمريكية سيكون الوضع الذي سوف تستطيع فيه أي دولة ترغب في شراء رؤوس حربية نووية أن تفعل ذلك.
لكن لنفترض أن هذا لم يحدث، ولنفترض جدلا أن روسيا والصين وألمانيا وأي قوة أخرى، على سبيل المثال، تمكنوا تحت رعاية هيئة الأمم المتحدة من إنزال قواتهم ووضع الرؤوس الحربية النووية الأمريكية تحت الحماية، حتى لو غرقت الولايات المتحدة الأمريكية في فوضى شاملة.
هل يوقف ذلك من انتشار الأسلحة النووية؟ إن الولايات المتحدة الأمريكية تنسحب من المعاهدة تلو الأخرى، وتدمر نظام حظر انتشار الأسلحة النووية. في الوقت الذي لا تزال فيه الولايات المتحدة من القوة بحيث تصر على أن ما تسمح به لنفسها غير مسموح به لبقية العالم، بما في ذلك جميع حلفائها.
إن درجة استقلال وحرية جميع دول العالم سوف تتضاعف بعدد من المرات، فور انهيار الولايات المتحدة الأمريكية، وسيصبح حينها تطبيق حظر انتشار الأسلحة النووية أمرا مستحيلا بالكامل.
أعتقد أنه حتى البرامج النووية السلمية للعديد من البلدان سوف يصبح من الممكن إعادة تنسيقها بحيث تصبح صالحة لإنتاج أسلحة نووية، وذلك بالإضافة إلى برامج نووية محتملة سرية بكل تأكيد. أعتقد أنه في خلال 15-20 عاما من الآن، سوف تتضاعف قائمة الدول التي تمتلك أسلحة نووية بعدة مرات من القائمة الحالية. ولا أظن أن ذلك في مصلحة المواطن العادي المسالم بأي حال من الأحوال.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
* المصدر: روسيا اليوم
* المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب