بأي دولة إسرائيلية اعترفت الأنظمة العربية؟
د. فايز أبو شمالة*
يوم إعلان قيام دولة إسرائيل في 14 أيار 1948، رفض ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي تحديد حدود الدولة، واكتفى بقوله: “نعلن عن قيام دولة في الجزء الغربي من بلادنا”.
فبأي حدود لدولة إسرائيل اعترفت الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع العدو، ووقعت معه الاتفاقيات؟ هل اعترفت بحدود دولة الغاصبين وفق خطوط هدنة سنة 1948؟ ولكن دولة الصهاينة لم تكتف بتلك الخطوط حدوداً نهائية لدولتهم، وهذا ما أكده ديفيد بن غوريون يوم إعلان قيام الدولة، على الجزء الغربي من بلادنا، كما ادعى!
الجزء الغربي من البلاد لا يفصح عن حدود الجزء الشرقي من البلاد، فإذا كان البحر المتوسط هو الجزء الغربي من حدود دولة إسرائيل، فأين حدود دولة إسرائيل من جهة الشرق، ومن جهة الشمال ومن جهة الجنوب؟
وحتى يومنا هذا لم تعلن إسرائيل عن حدودها، فالتحديد لدولة الكيان حرام وفق الشرائع اليهودية، وتبقى الحدود مفتوحة على كل احتمال، وكما قال حاخام يهودي، نمهر حدودنا بوقع أقدامنا، وهذا يعني أن الدولة العربية التي اعترفت بدولة إسرائيل قد منحت عدو الأمة اعترافاً مسبقاً بالحدود التي ستصل إليها قدرات الجيش الإسرائيلي، أو قدرات جهاز الموساد الإسرائيلي، أو قدرات الدبلوماسية الإسرائيلية النشطة داخل قصور الحكام العرب هذه الأيام.
وللتوضيح، ولكي ينجلي المشهد أما القارئ، فإن لدولة إسرائيل ثلاثة حدود:
أولاً: لإسرائيل حدود سياسية، وهي تلك الحدود التي تشمل كل أرض فلسطين التي حددتها اتفاقية سايكس بيكو، وأقرتها عصبة الأمم، وهذه الحدود تشمل كل شبر من أرض فلسطين بدءاً من البحر المتوسط وحتى نهر الأردن.
ثانياً: لإسرائيل حدود تاريخية، وهي تلك الحدود التي وصلت إليها أقدام آبائهم زمن الملوك داوود وسليمان كما يزعمون، وتشمل أجزاء من لبنان حتى مدينة صور في الجنوب اللبناني، ومناطق واسعة من شرق من الأردن، ومعظم أراضي جنوب سوريا.
ثالثاً: لإسرائيل حدود توراتية، وباتت معروفة وفق كتابهم “التناخ” وهي تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في سوريا، وهذه الأرض مهداة لهم من ربهم كما يزعمون، ولا مجال للتلاعب بها، أو تدنيس وصايا الرب.
فبأي حدود لدولة معتدية اعترفت الدولة العربية؟ وبأي حدود لهذ الدولة اعترفت السلطة الفلسطينية؟ وهل هناك خرائط لحدود إسرائيل وقع عليها العرب الذين وقعوا على الوثائق والمعاهدات مع هذا العدو المتغطرس العنيف؟
إسرائيل دولة مترامية الأطماع، وبلا حدود معروفة، وهذا ما اعترفت به الأنظمة العربية، وهذا ما وقعت عليه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ولن تتهشم هذه الاتفاقيات المهينة إلا بإرادة الجماهير العربية الرافضة للتطبيع، والكارهة للتنسيق والتعان الأمني.
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع