السياسية – رصد:

خالد الحمادي

أثار التشكيل الحكومي، المتوقع قريباً في اليمن، جدلاً واسعاً، من حيث الشكل والمضمون، حيث طالبت ناشطات سياسيات وحقوقيات بضرورة مشاركة المرأة في حقائب الحكومة المقبلة، بعد أن تسرب عدم اشتمال التشكيل الحكومي المقبل على أي وجه نسائي، وفيما تضاربت الأنباء حول تعثر تطبيق اتفاق الرياض في أبين، استهدف قصف إماراتي مواقع الجيش في شبوة.

وتزعمت وزيرتا حقوق الإنسان والإعلام السابقتان حورية مشهور ونادية السقاف، الحملة النسائية للمطالبة بضرورة إشراك النساء في الحكومة المقبلة كاستحقاق سياسي عززته مخرجات الحوار الوطني، الذي استمر نحو عشرة شهور في العام 2014 قبيل اندلاع الحرب اليمنية والذي شاركت فيه وصادقت عليه كافة الأحزاب والمكونات السياسية في اليمن.

مساران

وأخذت هذه الحملة مسارين، الأول مؤيد للمطالب النسوية بضرورة مشاركة المرأة في الحكومة المقبلة، كحق مكتسب لا يجب التنازل عنه في أي حال من الأحوال، والمسار الآخر يرى أن الحكومة المقبلة هي حكومة مصغرة وتعد حكومة حرب في وضع استثنائي.

واستأثرت هذه القضية النسوية بجدل واسع خلال الأيام المنصرمة في وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية، ومن الإشكاليات المتعلقة كذلك بالتشكيل الحكومي تنفيذ الجانب العسكري في اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.

وكان اتفاق الرياض رهَن التشكيل الحكومي بتنفيذ الجانب العسكري والأمني المذكورة في بنوده والتي تنص على انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً، من محافظتي عدن وأبين، لتهيئة الطريق لعودة الحكومة المشكلة إلى الاستقرار في محافظة عدن وممارسة عملها، مقابل مشاركة المجلس الانتقالي في الحكومة المقبلة بست حقائب وزارية من أصل 24 حقيبة وزارية. لكن، منذ التوصل إلى ذلك الاتفاق قبل أكثر من 13 شهراً يتمادى الانتقالي أكثر بالتمدد العسكري خلال الفترة الماضية بسيطرة ميليشياته على محافظة أرخبيل سقطرى في نيسان/ إبريل الماضي وتسليم جزيرة سقطرى لقمة سائغة لدولة الإمارات والتي خرجت عن السيطرة الحكومية تماماً، وفقاً لمصادر رسمية يمنية.

ونتيجة لذلك، اعترض العديد من البرلمانيين اليمنيين على تشكيل الحكومة الجديدة قبل تسوية الملعب السياسي وقبل تنفيذ الجانب العسكري من اتفاق الرياض الذي يعد الأساس لتشكيلها، وفي مقدمتهم عضو مجلس النواب، علي حسين عشال، الذي قال إن «سُقطرى تنسلُ من بين يدي سلطات الدولة، قطرة قطرة. التزم رعاة اتفاق الرياض أن تُلغى أي استحداثات عسكرية فيها وأن تعود السلطات المحلية لمزاولة عملها قبل أي حديث عن الحكومة الجديدة، وفجأة يسود بشأنها صمت عجيب ويتبخر هذا الالتزام بشكل مريب، حاولنا أن نحسن الظن فتبدى لنا غير ذلك» في إشارة واضحة إلى تواطؤ القوات السعودية في عملية تسليم جزيرة سقطرى للإمارات، حيث كانت وحدات من القوات السعودية مكلفة بالدفاع عن جزيرة سقطرى وفجأة تم تسليمها لميليشيات موالية للإمارات تحت غطاء المجلس لانتقالي الجنوبي وخرجت عن سيطرة الحكومة اليمنية تماماً.

عضو مجلس النواب ومحافظ تعز الأسبق، علي نصر المعمري، قال: «لا أعرف كيف يمكن فهم ما يحدث من ترتيبات في تنفيذ خطة الشق العسكري من اتفاق الرياض بعيداً عن أي موقف، أو تصريح أو تلميح من أي جهة بشأن وضع محافظة أرخبيل سقطرى؟».

وأضاف: «نشجع وندعم تنفيذ اتفاق الرياض بكافة بنوده والبداية المشجعة لتنفيذ الانسحابات في عدن وأبين، ولكننا نتساءل أيضاً عن الوضع في سقطرى وما هو التوقيت المحدد لعودة الأوضاع في سقطرى؟ هناك تجاهل تام، ومثير للقلق والغرابة لوضع سقطرى».

وأوضح: «كانت الأوضاع في سقطرى قد دفعتني مع زميلي في مجلس النواب علي عشال إلى توجيه سؤال للحكومة بتاريخ 5/9/2020 بشأن وضع سقطرى، لكننا لم نتلق رداً حتى الآن!».

وأضاف أن بالرغم من المتابعة المتكررة للحصول على إجابة «إلا أننا كنا نعول على أن تنفيذ الاتفاق وآلية تسريع تنفيذه كفيل بعودة الأمور إلى وضعها السليم في أرخبيل سقطرى قبل تشكيل الحكومة، وهذا ما يجعلنا نعيد ذات السؤال للحكومة».

وتساءل «متى ستعود الحكومة ممثلة بالمحافظ والسلطة المحلية والقيادات الأمنية إلى سقطرى؟ ولماذا تم تجاهل وضع محافظة كاملة واستبعادها من برنامج تنفيذ آلية تسريع اتفاق الرياض؟».

ووجه رسالة صريحة وواضحة للسعودية وللتحالف وللحكومة الشرعية: «لأجل اليمن، والسلام، ونجاح اتفاق الرياض، كل أبناء اليمن بحاجة إلى إجابة واضحة فيما يتعلق بعودة الأمور إلى نصابها في أرخبيل سقطرى».

وتعثرت الإثنين، عملية انسحاب قوات الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي (المدعوم إماراتياً) من خطوط التماس، في محافظة أبين، جنوبي اليمن، وفق مصدر عسكري حكومي، في حين أكد قيادي في المجلس تواصل العملية.

وقال المتحدث باسم القوات الخاصة (حكومية) أمين حسين، إن المجلس الانتقالي الجنوبي رفض تسليم معسكري الأمن العام، والقوات الخاصة في المركز الإداري للمحافظة «زنجبار».

وأوضح المصدر أن المجلس الانتقالي نشر قواته فجر الاثنين في معسكري الأمن العام والقوات الخاصة، رغم الاتفاق على انسحابها، تنفيذاً للشق العسكري من اتفاق الرياض.

في المقابل، نفى قائد عمليات محور أبين العميد محمد جواس، (تابع للمجلس الانتقالي) وجود أي تعثر في تنفيذ عملية الانسحاب من خطوط التماس، مؤكداً في حديثه للأناضول أنها متواصلة لليوم الرابع.

والجمعة، بدأت القوات الحكومية والمجلس (مدعوم إماراتياً) انسحاباً متبادلاً من خطوط التماس في أبين، تنفيذاً للشق العسكري من اتفاق الرياض الموقع بين الجانبين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

جاء ذلك غداة إعلان التحالف العربي (تقوده السعودية) توافق الحكومة و«الانتقالي» على تشكيل حكومة جديدة خلال أسبوع، وتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض.

استهداف الجيش

إلى ذلك، قال مصدر عسكري حكومي في اليمن، الإثنين، إن موقعاً للجيش في محافظة شبوة (جنوب شرق) تعرض لقصف إماراتي.

ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من أبو ظبي، التي يتهمها مسؤولون يمنيون بضخ أموال طائلة لتدريب وتسليح قوات موازية ومناهضة لقوات الحكومة الشرعية، لخدمة مصالح إماراتية خاصة، وهو ما تنفيه عادة الدولة الخليجية.

وقال المصدر العسكري، طلب عدم نشر اسمه، إن «قصفاً بعدد من قذائف الهاون، مصدره القوات الإماراتية في منشأة بلحاف الغازية في شبوة، استهدف موقعاً للواء البحري (تابع للجيش) في المنطقة، من دون وقوع إصابات».

وأضاف أن «قوات الجيش، ورداً على هذه العملية، احتجزت عربة عسكرية إماراتية، على متنها يمنيون موالون للإمارات من النخبة الشبوانية، أثناء خروجها من المنشأة وتحفظت عليها».

والسبت، حذرت السلطات المحلية في شبوة القوات الإماراتية من المساس بسيادة الدولة، متهمة إياها باستحداث مبانٍ جديدة في منشأتين واقعتين تحت سيطرتها في المحافظة.

وتسيطر قوات إماراتية على معسكر «العلم» ومنشأة «بلحاف» للغاز المسال منذ سنوات، وترفض تسليمهما إلى السلطات المحلية.

وللعام السادس يشهد اليمن حرباً ضارية بين القوات الموالية للحكومة وجماعة الحوثي، المسيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/ أيلول 2014.

ومنذ مارس/ آذار من العام التالي، ينفذ تحالف عربي، بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعماً للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة الحوثيين، المدعومين من إيران.

وخلفت الحرب 233 ألف قتيل، وبات 80 ٪ من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

* المصدر : القدس العربي

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع