صلاح السقلدي*

– يوم الثلاثاء الـــ8 من تشرين ثاني الجاري أعلنتْ وزارة الخارجية الأمريكية على لسان وزير خارجيتها (مايك بومبيو) عن إدراج 10 دول على لائحة البلدان التي تشكل مصدر قلق خاص في مجال الحريات الدينية – من وجهة النظر الأمريكية – ، من ضمنها السعودية ،بالتوازي مع قائمة بعددٍ من الكيانات بالشرق الأوسط وأفريقيا، اسمتها الوزارة قائمة( اهتمام خاص- مصدر قلق خاص) من ضمنها حركة إنصار الله الحوثية باليمن.

-الأمر المفاجئ في هذه التصنيفات كان بإدراج السعودية بالقائمة الأولى” قائمة الدول التي لا تحترم الحريات الدينية وتثير القلق للدوائر الأمريكية)، في وقت ظلت فيه المملكة والحكومة اليمنية الموالية لها إلى قبل إصدار هذه القائمة بساعات تطالبان واشنطن بإدراج حركة أنصار الله بقائمة الإرهاب.

-فالإدارة الأمريكية وهي في هزيعها الأخير مِــن الحكم تعرف أن إدراج الحركة الحوثية بقوائم الإرهاب لن يهزم أو حتى يضعف هذه الحركة- فها هي واشنطن التي صنفت ذات يوم حركة طالبان بالإرهاب تحاورها اليوم في الدوحة بل وتتوسل حوارها -، كما أن هكذا تصنيف لن يغيّــر من الأمر شيئا على مجمل الأوضاع باليمن، أو بالمنطقة عموما، بقدر ما سُـيعقّــد الأمور بالداخل اليمني أكثر وأكثر، خصوصاً وأن إدارة ترامب تُــدرك أنّ هذه الحركة ( أنصار الله الحوثية) ليس لها مصالح وتعاملات مباشرة مع أمريكا يمكن أن يشكل المساس بها ضغطا حقيقا على هذه الحركة ،فضلا عن أن أي تصنيف لها بالإرهاب قد يعقد الجهود الأممية الساعية لوقف الحرب والشروع بتسوية سياسية التي تسعى لها الأمم المتحدة ، كما أن من شأن ذلك أن يصعّب من الجهود الإنسانية والإغاثية بالمناطق التي تحكمها هذه الحركة وهي المناطق التي تعصف بها أوضاع إنسانية مأساوية .

وبالتالي فالقرار الأمريكي القاضي بعدم تصنيف هذه الحركة بالإرهاب كان متوقعا ومنطقيا وفقاً للمعطيات آنفة الذِكر، كما كان في الوقت عينه مخيبا لآمال الحكومة اليمنية الموالية للرياض ، تلك الحكومة التي تعاني من هزائم عسكرية متوالية على يد الحركة الحوثية ظلت تستجدي إدارة ترامب وسفيره باليمن بتصنيف الحركة كحركة الحوثية بحركة الإرهابية لعل النصر العسكري يأتي لها من البيت البيضاوي..فهذا التفكير الذي تنتهجه هذه الحكومة يعد تفكيرا عقيماً وضحلاً ومنفصلا عن والواقع تمام ، وينمُّ بوضوح عن تخبط وتيه سياسي مخيف يتملك هذه الحكومة ويكشف عدم شعورها بالمسئولية وبخطورة الأوضاع الإنسانية المخيفة، كما ويفقدها مصداقيتها -المفقودة أصلاً- داخليا وخارجيا بالحديث عن رغبتها بوضع حلا للوضع المريع باليمن ووقف الحرب ورغبتها بحل الأزمة سلميا وطي صفحة الحرب والأحتراب.

فأي تصنيف من هذا القبيل سيضع هذه الحكومة بين أمرين كلاهما مُعيب ومُحرج: فإن هي رفضت الحوار مع هذه الحركة باعتبارها حركة إرهابية فهذا سيعني استمرار الحرب الى ما لا نهاية وسيضاعف من تدهور الحالة الإنسانية ويقّــرب اليمن كثيرا الى هاوية المجاعة التي تحذر منها الأمم المتحدة دوما،وهذا سيفند وينسف مزاعم هذه الحكومة برغبتها برفع المعاناة عن كاهل الشعب اليمني. و إن هي حاورتها فستحاور حركة إرهابية مارقة، وسيعرضها بالتالي لعقوبات أمريكية ،وتشرب من ذات الكأس ،خصوصا وأنها( الحكومة اليمنية الموالية للرياض) غير بعيدة عن تهمة الإرهاب، فهي حكومة تضم داخلها أحزاب وقوى متهمة صراحة بالإرهاب كحزب الإصلاح ( فرع حركة الإخوان باليمن) الحركة التي صنفتها السعودية بالإرهاب قبل ايام, ناهيك عن وجود شخصيات كبيرة داخل هذه الحكومة مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية وقوائم مجلس الأمن الدولي \ فعلى سبيل المثال لا للحصر :الشيخ عبدالمجيد الزندادي، ومحافظ محافظة البيضاء السابق نائف القيسي، والشيخ عبدالوهاب اليدومي الذي اختطفته الـــC I A قبل سنوات بالتنسيق مع المخابرات الألمانية بذات التهمة.

– أمّا الأمر الغير مفاجئ لنا بقائمة بومبيو الأخيرة هو استبعاد إسرائيل من قائمة الدول التي لا تحترم الحريات الدينية، نظرا للعلاقة الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب والإنجاز الأمريكي الفاضح لإسرائيل وتماهيها مع السياسة الإسرائيلية العدوانية بحق الشعب الفلسطيني وممارساتها ( إسرائيل) العنصرية بحق العرب داخل إسرائيل، فضلا عن خارجها، خصوصا بعد إقرار الكنسيت الإسرائيلي في يوليو 2018م للقانون العنصري (قانون يهودية دولة إسرائيل) الذي ينص حرفيا على أن “إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي وأن حق تقرير المصير فيها “يخص الشعب اليهودي فقط, ولا مكان لغير اليهود بهذه الدولة.

ومع ذلك لم تكن كل هذه الدلائل كافية للخارجية الأمريكية لتدرج إسرائيل بقائمة الدول التي لا تحترم الحقوق الدينية، مع أن اسرائيل التي تقدم نفسها وتقدمها أمريكا دولة ديمقراطية رائدة بالشرق الأوسط وبالعالم بأسره تتحدث بلسانٍ ديني يهودي عنصري بحتة، غير عابئة بالأقليات الدينية والقومية الأخرى فيها.ولكن لا غرو في هكذا نفاق أمريكي، فأمريكا هي اسرائيل والعكس صحيح.

– كما لم يكن مفاجئًا لنا استبعاد السودان من ذات القائمة, واستبعادها من قائمة الإرهاب، فالمعيار الأمريكي بتصنيف الدول والكيانات بالعالم بالإرهاب مبنياً بدرجة أساسية على موقف هذه الدول من إسرائيل ورفضها للاحتلال والتطبيع ومناهضتها للسياسية الأمريكية المتغطرسة، فبمجرد الإذعان للتطبيع مع إسرائيل والدخول في نادي المدجنين بالمزرعة الأمريكية تسقط تهمة الإرهاب تلقائياً، والعكس صحيح.

* صحافي من اليمن-عدن
* المصدر : رأي اليوم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع