في اليمن.. مخابز تعز تغلق أبوابها احتجاجاً على انهيار العملة
السياسية – رصد:
عمر حسن
باتت أسرة فائد علي، التي تقطن في حي المرور وسط مدينة تعز، تكتفي بتقديم الأرز المطهي على موائدها، بعدما أضحى الحصول على الخبز شبه مستحيل، فقد أغلقت أغلب المخابز أبوابها، احتجاجاً على انهيار العملة المحلية، وارتفاع أسعار الدقيق، وقرارات وزارة الصناعة بإغلاق بعضها بسبب «عدم الالتزام بالضوابط».
وهبطت قيمة الريال اليمني أمام الدولار ليساوي الدولار الواحد 900 ريال، وهي أكبر انتكاسة واجهها الريال اليمني في تاريخه.
وأغلقت المخابز في تعز تدريجياً أمام المستهلكين منذ الاثنين الماضي، لتفادي الخسائر في ظل انهيار سعر العملة. ورفع أصحاب المخابز أسعار رغيف الخبز من 25 ريالاً إلى 30، بعد ارتفاع أسعار الدقيق بشكل ملحوظ، وهي القرارات التي واجهها مكتب وزارة الصناعة والتجارة بإغلاق المخابز المخالفة للتسعيرة الرسمية.
ولم تُجدِ قرارات الإغلاق في الحفاظ على قيمة أسعار الخبز، بل إنها على ما يبدو «زادت الطين بلة لأنها غير منطقية، لا تقبل الزيادة على المواطنين، لكنها تقبل خسارة التجار، وهذا إجراء غير عادل»، بحسب حسان ثابت، أحد المستثمرين في المخابز بتعز.
ويهدد ملاك المخابز في تعز بالاستمرار في إغلاق أبواب محلاتهم ما لم يتراجع مكتب الصناعة في المدينة عن قراراته في هذا الشأن، لكن مصدراً في وزارة الصناعة أكد لـ«الرؤية» أن «السماح بزيادات سعرية سيدخل الوزارة في صدام مع الشارع وسيفضي إلى أزمة معيشية إضافية».
وقال ثابت، لـ«الرؤية» وهو صاحب سلسلة مخابز منتشرة في عدة محافظات بينها تعز، إنه انضم إلى مُلاك المخابز في الإضراب عن العمل بعد تكبده خسائر كبيرة بسبب انهيار قيمة العملة، وثبات أسعار الخبز بسبب توجيهات وزارة الصناعة التي منعت المخابز من تقليل أوزان الخبز أو رفع أسعاره.
وأضاف ثابت: «كنا نشتري كيس الدقيق (50 كلغ) بـ17 ألف ريال قبل أسبوع» (نحو 19 دولاراً)، اليوم نشتريه بـ21 ألف ريال (نحو 23 دولاراً)، والسعر في ارتفاع مطرد، والخبز قيمته ثابتة. وأضاف: «خسرت أكثر من 5 ملايين ريال يمني» (نحو 5 آلاف و500 دولار) في غضون يومين، بسبب الانهيار المستمر لقيمة الريال، ولا أستطيع تغيير أسعار البيع بسبب توجيهات وزارة الصناعة.
وأفاد مصدر في مكتب وزارة الصناعة والتجارة في تعز، بأن الوزارة «تعتبر الخبز مصدر الغذاء الأول للسكان في ظل الوضع المادي الشحيح. ورفع أسعاره سيزيد الأعباء على آلاف الأسر التي بالكاد تستطيع الشراء بالأسعار القائمة حالياً». لكن هذا الإجراء بحسب ثابت «يجعل تجار المخابز غير قادرين على مواصلة العمل تجنباً للخسارة والإفلاس».
صعوبات يواجهها سكان تعز في الحصول على الخبز.
واعتبر المواطن إيهاب سلطان أن أي زيادة على أسعار الخبز «ستكون بمثابة معاناة جديدة على كاهل المواطنين الذين لا يملك غالبيتهم أي مصدر دخل للعيش، ويقضون حياتهم على التعاون من فاعلي الخير والجيران، وأحياناً المنظمات الدولية». وأشار إلى أن «الفرد الواحد يحتاج إلى 5 أقراص من الخبز في الوجبة الواحدة على الأقل، وتصل قيمتها الآن إلى 200 ريال».
ويشهد اليمن حرباً منذ أكثر من 6 سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 % من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وأفادت المواطنة سارة محمود في حديث لـ«الرؤية» أن «الناس في تعز أصبحوا يواجهون ضوائق كبيرة، واليوم نحن نقف في طوابير لساعات للحصول على رغيف الخبز، وغداً قد لا نحصل عليه على الإطلاق».
ثورة الخبز
وكان ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا الليلة الماضية، وسم «ثورة الخبز»، دعوا خلاله إلى تنظيم احتجاجات واسعة غير مسيّسة، للتنديد بارتفاع أسعار الخبز، ودعوة الحكومة لوضع معالجات اقتصادية عاجلة للحفاظ على قيمة العملة.
وفي يوليو الماضي، حذّرت منظمات تابعة للأمم المتحدة، من مخاطر زيادة أعداد الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي بنحو 1.2 مليون شخص خلال 6 أشهر. وجاء ذلك بعد شهر واحد من تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة في ذات الشأن بسبب ما أسمته «المزيج الخطير من الصراع والصعوبات الاقتصادية وندرة الغذاء والنظام الصحي المتدهور».
* المصدر : الرؤية
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع