السياسية – رصد:

خالد الحمادي

ذكرت العديد من المصادر السياسية والمسؤولين الحكوميين اليمنيين أن الضغوط التي تمارسها دول التحالف العربي في اليمن، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على الحكومة الشرعية اليمنية، لا شك انعكست سلبا على مسار العملية السياسية، وأجهضت جهود وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن.

وأوضحوا لـ”القدس العربي” أن “الضغوط لم تنحصر في تمرير بعض السياسات أو القرارات الموسمية المتعلقة بالمفاوضات أو المباحثات بين أطراف الصراع المسلح، ولكن تجاوزت إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير”.

وكشفوا أن “القرار الحكومي اليمني لم يعد بيد القيادة الشرعية، بقدر ما أصبح مرهونا بيد قادة دول التحالف والذين يديرون سياسات اليمن وفقا لأجندات هذه الدول، وبالذات السعودية والإمارات، فيما اليمن آخر من ينظرون إلى مصلحته، وهو ما أفشل كل الجهود الحكومية لوضع حد للحرب الراهنة في البلاد منذ نهاية العام 2015”.

مشيرين إلى أن قيادة الشرعية اليمنية أصبحت مجرد وسيلة تستخدمها دول التحالف لتمرير خططها في السيطرة على اليمن وشرعنة تدخلها وتواجد قواتها فيه، بالإضافة إلى نهب ثرواتها ومقدراتها الحالية والمستقبلية الاقتصادية وغيرها.

وقال وزير النقل السابق صالح الجبواني في تغريدة له بحسابه الرسمي بموقع التدوين المصغر “تويتر”: “فخامة الرئيس هادي، نحن نقدر الضغوط التي تمارس عليك لكن لا تنسى أنها ليس تسوية وظيفية في إدارة منسية بل مصير اليمن كلها، اليمن وسيادتها واستقلالها بل وعِرضها وشرفها. لا تتنازل، فماذا بقي ان تنازلت. الموت واحد والدماء التي تسفك في الشيخ سالم (محافظة أبين) ومأرب والجوف والطرية تناديك، لا تتنازل”.

واعتبر محللون هذه الضغوط بمثابة تعزيز وتقوية لجبهة الخصم في المعركة اليمنية، التي يعلن التحالف السعودي الإماراتي أنه طرفا فيها، كداعم لإعادة الشرعية في اليمن، وانتزاعها من أنياب الانقلابيين الحوثيين، الذين اجتاحوا العاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) 2014 وسيطروا على مؤسسات ومقدرات الدولة فيها وأعلنوا لاحقا حكومتهم غير المعترف بها دوليا حتى الآن، لكن المجتمع الدولي يتعامل معها كحكومة أمر واقع وهو يعد من وجهة نظر الحوثيين “اعترافا ضمنيا” بحكومتهم.

إلى ذلك قال مستشار وزارة الإعلام الشرعية ورئيس مركز أبعاد للدراسات والأبحاث عبدالسلام محمد “أي مطلع على الحرب في اليمن يجد هناك فجوة بين استغلال الحوثيين لنقاط ضعفهم وتحويلها لسلاح في وجه خصومهم، واهمال الشرعية لنقاط قوة في يدها وتحويلها إلى عبء يستخدم للضغط عليها من التحالف والمجتمع الدولي، وأكبر مثالين البنك المركزي وحرب العُملة وأيضا التسليح النوعي”.

وأضاف “تحتاج الحكومة (الشرعية) لإجراءات إدارية للحفاظ على العُملة من التدهور ومنع استغلال الحوثيين ولوبيات الحرب المتاجرة بها. صحيح أن منع التحالف للشرعية تصدير النفط والغاز سببا مهما في عدم استقرار العملة، لكن هناك أسبابا أخرى تتعلق باقتصاد الحرب، وهناك مسؤولون حكوميون وعائلاتهم أصبحوا جزءا منها”.

وعلى الرغم من نقاط القوة التي تمتلكها الحكومة الشرعية على الصعيد السياسي والعسكري، لعبت الضغوط التي تمارس عليها من قبل الإمارات والسعودية في كل تفاصيل قراراتها السيادية بما في ذلك تعيين كبار المسؤولين الحكوميين وإدارة الشؤون الحكومية على أرض الواقع.

المحامي محمد المسوري، دورا في تحويل مكامن القوة هذه إلى نقاط ضغط، وهو ما أسهم بشكل كبير في إطالة أمد الحرب، وانسداد الأفق أمام المساعي الرامية إلى إحلال السلام في البلاد.

وكانت العديد من المصادر الحكومية كشفت خلال الفترة الماضية عن ضغوطات تواجهها الحكومة الشرعية من قبل دول التحالف، وفي مقدمة ذلك دول الإمارات التي أصبحت منذ نهاية العام 2016 تلعب بالمكشوف ضد التوجهات الحكومية اليمنية عسكريا وسياسيا من خلال الميليشيات التي أنشأتها في جنوب اليمن والمناطق القريبة منها، والتي سيطرت فيما بعد على العاصمة الحكومية المؤقتة عدن، وعلى بعض المحافظات المجاورة لها.

ولم تعد الضغوط والممارسات الإماراتية على الحكومة اليمنية مجرد “عزف خارج السرب” بمعزل عن توجهات السعودية، كما كان البعض يتصور ذلك، حيث كشفت الأيام أن كافة العمليات العبثية الإماراتية في اليمن منذ البداية كانت بضوء أخضر من الرياض، في إطار التخادم المتبادل بينهما وتقاسم الأدوار في تقاسم مقدرات اليمن على المدى القصير والبعيد.

ويشهد الملف اليمني حراكا نشطا هذه الأيام على الصعيد المحلي والإقليمي، مع احتمالية دخوله نحو منعطف جديد مع تغيّر الإدارة الأمريكية، التي من المقرر أن تشهد انتقال السلطة رسميا لإدارة الرئيس الديمقراطي المنتخب جون بايدين في 20 من كانون ثاني (يناير) المقبل، وهو ما قد يشهد تحولا في الإدارة الخليجية لملف الحرب في اليمن وتغير اتجاهات الضغوط التي تمارسها الإمارات والسعودية على الحكومة اليمنية الشرعية.

* المصدر : القدس العربي

* المادة الصحفية: تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع