ذروة المأساة أن يقود الشعب الفلسطيني جهلة فاسدون..
لا بد من التغيير.. والشعب مطالب باستلام دفة القيادة وإبعاد المهزومين داخلهم
بسام أبو شريف*
يعلمنا التاريخ وخاصة تاريخ الأحزاب والحركات ، التي ثارت على الظلم درسا أساسيا قوامه:
“لاتسقط بندقيتك حتى ، وان أوصلك النضال الى مرحلة التفاوض لانهاء الاحتلال والظلم الا بعد أن يرحل المحتل ، وينتهي الظلم”.
ويعلمنا أيضا: ” بعد رحيل الاحتلال والغاصبين والظالمين على الثوريين تحسين سلاحهم لحماية مكتسبات الشعب ، وأهمها حريته واستقلاله”.
ويعلمنا أيضا: “ان الوقوع في خطأ سياسي في هذا الميدان الاستراتيجي قد يؤدي الى تدمير المنجزات ، وانهيار الحركة الثورية ، أو انحرافها وتحولها الى أداة لمن كان بالأمس عدوا تناضل الحركة الثورية للقضاء عليه”.
وكم من خطأ سياسي استراتيجي أنهى حركات ثورية خلال التاريخ الطويل، وكان مرتكبو الخطأ المدمر بطبيعة الحال ممن يملكون سلطة اتخاذ القرار …. أي القيادة ، والوجه الآخر لمثل هذه الأخطاء ، هو أن القواعد الثورية المقاتلة لم تتحرك في الوقت المناسب لتنزع صلاحية القيادات المهزومة من اتخاذ القرار، وفرض تغيير هذه القيادة باخرى غير مهزومة ، وتتوقد نضالا لاكمال المسيرة نحو تغيير غير قابل للزوال في ميزان القوى يسمح بطرد قوى الغطرسة المحتلة والمجرمة .
اذا جاءك فاسد بنبأ عليك أن تنتبه ، أي أن تستكشف مدى صحته ، أو اذا كان صحيحا في الدرجة الاولى ، واذا كان الذي حمل لك النبأ مدير الوكالة اليهودية ، أو رئيس المنظمة الصهيونية العالمية ، أو وزير خارجية تلفه من رأسه الى أخمص قدميه علامة سؤال عليك أن تشك فورا ، وأن تتعامل مع ما نقله وقاله انطلاقا من كون هذا القول كمينا يراد به خداع الحركة المناهضة للاستقلال ، وفركشة الجهود لاعادة احياء المقاومة ، ومنع وحدة الصف الفلسطيني حسبما أقر في اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة ، فاذا قالوا لك على سبيل المثال ان التقارب مع فصائل المقاومة الاخرى ( خاصة المغضوب عليها في واشنطن وتل ابيب ) ، سوف يحرمك من تعديلات قد يأتي بها رئيس الولايات المتحدة الجديد عليك أن تعرف فورا أنهم يريدونك ضعيفا ، وخاضعا ، فالوحدة قوة ، والقوة مقاومة ، والمقاومة رصيد وتعديل في ميزان القوى لصالح الشعب الفلسطيني ، والعكس لا يأتي الا بنتائج معكوسة ، واذا نصحوك بتقارب مع دول طبعت مع اسرائيل ( تحت حجج مالية أو غيرها ) ، وأن تتفاهم على خطة عمل مع السيسي والسعودية ، فانهم يريدون دق حائط يينك وبين فصائل المقاومة الأساسية ، التي اتفقت معها قبل دقائق على وحدة الصف والشروع في المقاومة الشعبية .
أن تصدقهم يعني أن ذلك نتيجة :
الجهل الحقيقي في خوض المعارك السياسية ( ونحن نعلم أنك تعارض كليا المعارك العسكرية ، أو استخدام السلاح في وجه سلاح العدو ، الذي يقتل أطفالنا ) ، وانك بالفعل كما قال اوباما في مذكراته ، التي صدرت أمس في كتاب تحدث فيه عن ضعفك في العمل السياسي ، أو أن تكون قاصرا ذهنيا لدرجة أنك تصدق ما يقولونه لك ، قال اوباما – انك كنت خيار واشنطن وتل ابيب بعد أن صفي ياسر عرفات لماذا ؟ ألا يتبادر لذهنك لماذا كنت خيارهم ؟ وألم تسأل نفسك لماذا رفض شارون أي لقاء مع ياسر عرفات ، وكان يقابلك أنت فقط ؟ …..
يبدو أن الله تعالى ” لم يشرح لك صدرك ” ، لأنك حتى هذه اللحظة تسير بقدميك ويديك نحو كمائنهم رغم قناعتنا بأن ما حاول قوله جبريل الرجوب على الشاشات لتفسير هذه الخطوات الارتدادية عما اتفق عليه الأمناء العامون معك ، هو اما نتيجة جهل ، أو أنه أجبر على تضليل الناس بقوله ان هذا تكتيك عابر لايؤثر على الاتفاق الاستراتيجي …… ألهذا الحد وصل الغباء ، والاستهتار بعقول الناس … انها مصيبة فعلا أن يقود الشعب الفلسطيني جهلة ، وفاسدون ، ومهزومون من داخلهم … انها مأساة الشعب الفلسطيني الحقيقية : قيادة جاهلة ، وفاسدة لا تفكر الا بمصالحها .
لماذا سجل اوباما في مذكراته ( وهي تسجيل تاريخ ) ، ان اهتمام محمود عباس لم يكن منصبا الا على مصلحته الخاصة ، وليس مصلحة الشعب الفلسطيني ، واذا كان هذا مغالطة وخطأ ، فلماذا لم يعلق ابو مازن على ذلك ، أو لماذا لم يكلف واحدا أو واحدة من المحيطين به لتكذيب اوباما ؟؟؟؟
تكتيك ………
أن تعيد العلاقة مع اسرائيل خاصة تلك العلاقة التنسيقية الأمنية ، التي تستهدف منع مقاومة الاحتلال …. هو تكتيك رغم قناعتنا بأن ما قيل عن وقف التنسيق ، هو كذب مقصود … والزعم بأنه تكتيك مصيبة أكبر، وكأنما يقول جبريل الرجوب للاسرائيليين: “نحن نضحك عليكم”….. أهلا جبريل الرجوب أيها العبقري المتخلف ذهنيا ، والفاسد ماليا وسارق أموال الفيفا ثلاثة عشر مليون دولار ، وتملك الآن أراض ونواد، وغيرها انك تقول بالعامية للاسرائيليين : لاحني ولحته، ومن كثر عزمي جيت تحته”، انك تضحك على اسرائيل ، واوسلو شاهدة ” من ضحك على من ” ، وما هو الدور المكلف به؟!!
محمود عباس لايريد مقاومة الاحتلال يريد أن يبقى تلميذا نجيبا يرضى عنه الاسرائيليون والاميركيون ، وتزداد ثروته وثروة أولاده ، الذين أصبحوا شركاء للمافيا العالمية ، التي يتجول بعض زعمائها بجوازات سفر فلسطينية دبلوماسية بينما يحرم المناضلون، وتتمتع بها بعض “المحظيات”، كما يتمتعن بسيارات يمنع على الوزراء اقتناءها.
الشعب يعرف كل شيء، ولا يظنن أحد من هؤلاء الفاسدين المعششين على رقاب المؤمنين ان قصاصهم، وقصاص أولادهم لن يأتي بقدرة الشعب ، وغضب الله والصامتون على الفساد ومن أفسدهم ليصمتوا لهم حساب عسير، هل يعلم هؤلاء ان منظمة ” القبضة الحمراء”، هي قيد التشكيل؟!، هل يظنون أن الاسرائيليين سيحمونهم؟
إسرائيل غير مستعدة أن تسمح لقطرة دم يهودية واحدة أن تسيل في سبيل حماية محمد بن سلمان ، ومحمد بن زايد فكيف الحال بالفاسدين في قيادة السلطة ؟
ألا تعلمون أيها الجهلة أن المفاوضات لها أساس واحد : ميزان القوى، ألا تعلمون أن ذهابكم للتفاوض وأنتم عراة”، سيعني أنكم ستحصدون نتائج عارية؟!
يجب أن تحرموا من استخدام قضيتنا، قضية الشعب الفلسطيني كسلاح لأنه لم يبق لكم الا هذا السلاح ، الذي تسيئون استخدامه … ألا تصلكم تقارير حول سمعة ” الفلسطيني بسبب فسادكم ” ، أتفه مسؤول خليجي يطبع خيانيا ينعت الفلسطينيين بسببكم ” بكلمة لصوص – تافهون … الخ”، أنتم السبب …… أين هي أموال الشعب؟
لقد بعتم حصة الشعب الفلسطيني في شركة الصناعة الجزائرية – أين هي؟ لقد بعتم أرض م ت ف في بيروت بثمن بخس، فأين هذا الثمن ؟ فندق فور سيزن في عمان باسم من سجل ؟ ولماذا ؟ باسم من سحبت أملاك الشعب الفلسطيني؟
أصبح لزاما علينا بأن نفكر أن عرقلة انتخاب مجلس وطني جديد ، وقيادة جديدة ماهي الا لحماية سرقة أموال الشعب ، وكنزها في حسابات بعض المسؤولين لأن هذا قد يجر الى سؤال كبير هو : ” أين هي أموال صامد؟”، لقد استثمر الرئيس الراحل أكثر من مليار دولار في مشاريع صامد ، فأين هي؟
ونعود للجوهر : ان أي عودة للتفاوض برعاية واشنطن ، هي كارثة ، وخطيئة ، وجناية لنضال الشعب الفلسطيني ، فالمقاومة واشعالها ، هي شرط ضروري مسبق هدفه تعديل ميزان القوى كي ينتج عن أي تفاوض ” فيما تستمر المقاومة ” ، مكتسبات ومستحقات للشعب الفلسطيني ، قال اوباما : ( محمود عباس لم يتحدث سياسيا ، بل كان يهز رأسه طوال الوقت ) ، نحن لانريد هز الرؤوس ، الشعب يريد طرد الاحتلال ، وطرد الاحتلال لا يأتي الا بالمقاومة ، والمقاومة هي ما لا تريده القيادة الحالية .
على الشعب ، وفصائل المقاومة أخذ المبادرة للامساك بنواصي الشرعية الفلسطينية منظمة التحرير، هي منظمة الشعب الفلسطيني ، وليست منظمة الفاسدين لذلك على فصائل المقاومة أن ترتب بسرعة انتخابات لعضوية المجلس الوطني ، وأن يشرف عليها مراقبون دوليون ، وأن يشارك فيها الفلسطينيون في الداخل والخارج ، وأن ينتخب أعضاء المجلس الجديد منه لجنة تنفيذية جديدة تقوم باختيار رئيسها، ان خلق الأمر الواقع هو طريق للانحراف ، والهزيمة الداخلية .
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع