السياسية- رصد:
انتهكت السعودية مراراً القانون الدولي الَّذي يحظر استخدام عقوبة الإعدام ضد الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً.

وقد كثرت في الأعوام الأخيرة أحكام الإعدام بحق القاصرين داخل المملكة، وكلها تصبّ في خانة “التعبير عن الرأي”، في حين لا تلتزم المحكمة السعودية بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، ونادراً ما يُسمح للمتهمين بتعيين محامين للمرافعة عنهم. وفي كثير من الحالات، لا يتم إبلاغهم بكيفية سير الإجراءات “القانونية” ضدهم.

القاصرون داخل المملكة يواجهون “نظاماً متوحشاً”
نائب رئيس المنظمة “الأوروبية-السعودية” عادل السعيد، أكد للميادين أن أغلب المحكومين بالإعدام في السعودية لم يقوموا بأي جريمة، بل إن الأحكام التي يواجهونها يكون سببها الهتافات ضد الحكومة، أو التعبير عن الرأي، أو ربما بسبب الاختلاف الديني.

وأضاف السعيد “لا يوجد هامش للحرية في السعودية”، قائلاً إن المواطن السعودي محمد عصام فرج، أُصدر بحقه حكم الإعدام وهو في الـ15 من عمره، بسبب مشاركته في تشييع أحد أقاربه الذي قتل برصاص الحكومة السعودية.

ونشرت المنظمة “الأوروبية-السعودية” مقطع فيديو يظهر وضع محمد داخل السجن، حيث يعاني مضاعفات صحية بسبب التعذيب الذي يتعرض له.

وبحسب السعيد، فإن القاصرين يواجهون “نظاماً متوحشاً”، مؤكداً أن “المملكة كانت تقوم سابقاً باعتقال القاصرين لتحاكمهم. أما الآن، فهي تقوم بتنفيذ حكم الإعدام بحقهم، بناء على تهم غير جسيمة”.

وفي ما يخص المعارضة السعودية، قال السعيد إن “المعارضين داخل السعودية بعضهم في السجون، وبعضهم الآخر لا يستطيع التكلم، خوفاً من أن يطالهم حكم الإعدام”.

وأشار إلى أنَّ هناك “العديد من الأشخاص المهددين اليوم بقطع رؤوسهم”، مضيفاً: “هذا ما يعكس الفكر المتطرف في المحاكم السعودية ذات الفكر الوهابي، التي تجيز قتل المتظاهر أو صاحب الرأي أو إصدار حكم الإعدم بحقه، حتى لو كان قاصراً”.

وحول سؤال عن دور المنظّمات الدولية، أجاب السعيد أن دور المنظمة حقوقي، وآلياتها محدودة، وهي تتعلق برصد الانتهاكات ومتابعتها مع الجهات المعنية، مؤكداً أن أكثر ما يمكن أن تفعله هذه المنظمات هو “التواصل مع الدول المعنية من أجل الضغط على السعودية، لأن مجلس حقوق الإنسان ليس لديه آلية لفرض عقوبات عليها”، على حد قوله.

يشار إلى أن السلطات السعودية تعتزم تنفيذ حكم الإعدام و”الصلب” بحق العديد من الشباب الذين تم اعتقالهم في سن صغير، ومن بينهم علي محمد النمر، وذلك بعد مشاركته في تظاهرات داخلية، لكن عائلته تقول إن هذا الحكم صدر بسبب صلة القرابة التي تربطه بالمعارض السعودي الشيخ نمر باقر النمر.


ونشرت المنظمة “الأوروبية-السعودية” عبر حسابها الرسمي في “تويتر” تغريدة مرفقة بصور شباب أُصدر بحقهم حكم الإعدام في عمر صغير، مؤكدةً أن المملكة تستند إلى الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب لإصدار مثل هذه الأحكام.


“العهد الدموي”.. عهد محمد بن سلمان
يعتبر النظام السعودي “ملكياً مطلقاً ينظر إلى الشعب نظرة السيد والعبد، وينبع استخدام أحكام الإعدام من هذه العقلية الاستعلائية”، هذا ما قاله مدير المعهد الخليجي في واشنطن، علي الأحمد.

وفي الوقت الذي تقوم المملكة على سياسة القمع الداخلي وإصدار أحكام الإعدام لمجرد التعبير عن الرأي، تعتبر التطبيع انفتاحاً. وبحسب الأحمد، فإن هذه الحكومات التي طبعت مع “إسرائيل” يتم تسويقها في الغرب على أنها أنظمة معتدلة ومنفتحة تسعى إلى “السلام في المنطقة”.

وخلال حديثه مع الميادين، قال الأحمد إن هناك علاقة طردية بين التطبيع وازدياد حدة القمع الذي تواجهه شعوب المنطقة، وخصوصاً في السعودية، مضيفاً: “كلما زاد الدعم الغربي لهذه الدول، زادت حدة القمع عند الشعوب”.

ورأى أن “بعض الأنظمة الغربية ليس من صالحها أن تكون هناك معارضة سعودية داخل المملكة. لذلك، تقوم بوضع العراقيل ودعم النظام”.

ويذكر الأحمد هنا حديثاً دار بينه وبين نائب رئيس “الأف بي آي” سابقاً، إذ قال له الأخير إن “الحكومة الأميركية تساعد السعودية في محاربة المعارضين والناشطين داخل السعودية”.

ووفق الأحمد فإن “هيكلية هذا النظام السعودي غير قابلة للاستمرار، لأن الملك لديه صلاحيات مطلقة، والشعب لا يستطيع التعبير عن رأيه”.

وأكد أن وتيرة أحكام الإعدام زادت في عهد سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان، وتحديداً بحق القاصرين، إذ أصبحت المملكة في عهدهم “أكثر دموية”.

ومع وصول بايدن إلى الحكم، أشار الأحمد إلى أن “خطاب الرئيس الديموقراطي حول محاسبة ابن سلمان بسبب سياسته القمعية، مطاطي، والهدف منه إبعاد النقد الموجه إليه لفترة، وإظهار نفسه أنه متميز، خلافاً لما فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.

وختم الأحمد كلامه قائلاً: “التعويل على الإدارة الأميركيّة بمواجهة الإرهاب والتطرّف ليس سوى وهم”.

صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، ذكرت بدورها في نيسان/أبريل الماضي، أن حالات الإعدام في السعودية في عهد الملك سلمان، تضاعفت لتصل إلى 800 خلال عهده الممتد على 5 سنوات.

الصحيفة البريطانية نقلت عن منظمة “ريبريف” اللندنية، والتي تعمل لصالح إلغاء عقوبة الإعدام عالمياً، قولها إن عدد حالات عقوبة الإعدام في السعودية قد ارتفع بشكل ملحوظ في عهد الملك الحالي، الذي خلف أخاه عبد الله، بداية عام 2015.


وتعزو المنظمة ارتفاع هذه الأعداد جزئياً إلى الإعدامات السياسية، وتم تسجيل إعدام 37 شخصاً في يوم واحد العام الماضي، بتهم جرائم ذات دوافع سياسية، مثل المساهمة في المظاهرات والتحريض عليها.

ويذكر أن منظمة “مشروع مناهضة عقوبة الإعدام” قالت إن السلطات السعودية أعدمت أكثر من 130 شخصاً خلال عام 2019، أغلبهم من معارضي ابن سلمان وبينهم 6 كانوا أطفالاً وقت اعتقالهم.

وتابعت المنظمة أنه منذ تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد مقاليد الحكم أُعدم في “السعودية 709 أشخاص، بينهم 7 أطفال”.

وأضافت أن أكبر موجة إعدام جماعي كانت بتاريخ 2 كانون الثاني/ يناير 2016، عندما أعدمت السلطات 47 شخصاً، بينهم 4 أطفال أدينوا بارتكاب أفعال وهم تحت السن القانونية للمسؤولية الجنائية.

– المصدر : الميادين نت
– المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع