الأمم المتحدة.. بين التقارير الورقية والعجز المستمر بشأن اليمن..!
السياسية : مجيب حفظ الله
أينما تواجدت الأمم المتحدة فإن الحروب والنزاعات تصبح معادلة بلا نهاية بدلاً من أن تجد طريقها إلى الحل.
الدور الوحيد الذي تمارسه الجمعية العامة للأمم المتحدة من مقرها في نيويورك أو عبر مجلس أمنها المتخصص في فرض العقوبات على من يعارضون ما تريده القوى الاستعمارية المسيطرة عليه أو عبر مبعوثي الأمين العام في الدول الملتهبة هو العمل على إطالة تلك الحروب وإطلاق التحذيرات وإصدار تقارير ورقية التي لا تلتزم هي بها فكيف بالآخرين.
مبعوثٌ بعد الآخر توالوا في بلادنا ولم يكن لهم أي بصمات سوى الالتقاء بالأطراف وإعادة تدوير مطالب دول العدوان التي لو كنا سنرضخ لها لفعلنا ذاك من البداية ولما تركنا الرياض وأبوظبي ومن خلفهما الأمريكان والغرب والصهاينة يدمرون بلادنا.
هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تدق فيها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في بلادنا ناقوس الخطر لتحذر العالم من أكبر كارثة إنسانية من صنع البشر تطل برأسها الخبيث في بلادنا.
أمرٌ متوقعٌ بعدما يقارب الأعوام الستة من هذا الحصار المطبق اللا إنساني واللا أخلاقي وهذه الحرب الكونية التي يشنها علينا تحالف العدوان.
لكن ما هو غير متوقعٍ ولا مقبولٍ هو حالة التبلد المتكررة التي تصيب إنسانية هؤلاء القائمين على منظمات الأمم المتحدة وعلى رأسهم أمينها العام الذي يشعر المرء وهو يرى برودهم الإنساني أنهم ليسوا بشراً بل كتلاً ثلجيةً مفرغةً من الأدمية والإنسانية.
على هذا الصعيد أطلق أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش تحذيراتٍ جديدة بشأن الوضع الإنساني الكارثي في بلادنا وهو ليس الأول ولم يحمل أي جديدٍ ومن المعيب أن يكرر هذا الرجل الذي يقف على رأس أكبر منظمة عالمية يعترف بها الجميع تحذيراته من مخاطر محدقة بالإنسانية دون ان يبدي حتى رأياً في إيقاف أسبابها على الأقل ناهيك عن انه يفترض به أن يكون له يد طولى في وضع حدٍّ لها.
بحسب وكالة “رويترز” فإن “غوتيريش” أكد أن اليمن يواجه خطراً وشيكاً من أسوأ مجاعة لم يشهدها العالم منذ عقود.
ويعترف أمين عام الأمم المتحدة بأن السبب الرئيسي في هذه الحالة التي وصل اليها اليمن يعود لهذه الحرب الملعونة التي أشعلتها السعودية والإمارات في بلادنا والتي لم يكن لها أي رؤية أو إستراتيجية واضحة غير تدمير هذه البلاد ومحاولة تركيع شعبها.
ترسم الأمم المتحدة الملامح الحقيقية لـأسباب المشكلة لكن ما هو دور هذه المنظمة الأممية في الحل أو حتى في طرح بنوده ولو شفاهةً في الإحاطات التي يقدمها أمين عام الأمم المتحدة أو مبعوثه لمجلس الأمن.
ليس من المنطق أن تعترف الأمم المتحدة بأن الكارثة باتت وشيكة فيما ترفض توجيه أصابع الاتهام لمجرمي الحرب المتسببين فيها.
الاستمرار في هذا العجز الأممي والاكتفاء بإصدار التقارير وإطلاق التحذيرات يعني أنها ليست ذاك الوسيط العاجز فحسب بل هي شريكةٌ في كل جرائم الحرب المرتكبة في بلادنا أو على الأقل شاهدة زورٍ عليها.
يضع غوتيريش إصبعا آخر من أصابع الأمم المتحدة على أسباب الكارثة الإنسانية المحتملة في بلادنا والتي لا يزال يسميها بالأزمة ويحذر من جحيم آثارها ويعترف بشراكة المجتمع الدولي في تفاقمها فيقول بأن أحد أسباب ما تفاقم آثار ما يسميها بـ”الأزمة” في بلادنا يعود إلى التخفيض الكبير في تمويل الإغاثة وفشل الدعم الخارجي للاقتصاد.
بعد ست سنواتٍ من الحرب العدوانية التي تكشفت فيها كل الأوراق وصارت جرائم حرب السعودية والإمارات في بلادنا مفضوحة أمام العالم كله لا تزال الأمم المتحدةُ جبانةً وعاجزةً حتى عن توصيف أسباب هذه المأساة الإنسانية فأمينها العام لم يذكر في إحاطته أن الحصار المطبق على هذا الشعب وإغلاق كل مطاراته وموانئه هو السبب الرئيسي في هذه الكارثة الوشيكة التي يحذر منها.

