السياسية – رصد :

كشفت يوم أمس الأحد العديد من المصادر المطلعة، عن ضغوطات سعودية على الرئيس اليمني المستقيل “عبدربه منصور هادي” للإعلان عن أعضاء حكومته الجديدة في العاصمة الاقتصادية عدن، قبل حلول الذكرى الأولى لتوقيعه في الخامس من نوفمبر 2019 الماضي على اتفاق الرياض مع المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة السعودية الرياض. ولفتت تلك المصادر المطلة إلى أن “هادي” عقد يوم أمس اجتماعا استثنائيا مع هيئة مستشاريه، بحضور القائد الاخواني “علي محسن الأحمر”. وأشارت تلك المصادر إلى أن هذا الاجتماع جاء للوقوف على آخر التطورات على الساحة اليمنية ومناقشة الضغوط السعودية التي تمارسها الرياض على “هادي” للاستعجال بالاعلان عن حكومته الجديدة، وما يتصل بتسريع تنفيذ اتفاق الرياض الذي تم التوقيع عليه قبل عام ولم يرى النور حتى يومنا هذا وإنما ظل مجرد حبر على ورق.

وعلى صعيد متصل، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية، أن الرئيس المستقيل “هادي”، أبلغ مستشاريه بأن السعودية تطالبه بإعلان الحكومة المرتقبة، ووعدته بتنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض خلال شهر وزعم لهم بأنه رفض ذلك وأنه قام بإبلاغ الهيئة الاستشارية تمسكه بتنفيذ الشق الأمني والعسكري من الاتفاق وتطبيع الأوضاع في جزيرة سقطرى، وتسليم المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً لمؤسسات الدولة، والسماح بعودة المحافظ “رمزي محروس” قبل إعلان الحكومة في العاصمة الاقتصادية عدن.

وحول هذا السياق، كشف مراسل قناة الجزيرة في اليمن “سمير النمري” عن ضغوط سعودية تمارس ضد الرئاسة الشرعية لإعلان الحكومة الجديدة. وقال “النمري” في منشور له على الفيسبوك عن مصادر تتحدث عن قبول “منصور هادي” لضغوط سعودية لإعلان الحكومة الجديدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي قبل تنفيذ البند العسكري. واعتبر “النمري” أن قبول “منصور هادي” بتنفيذ البند السياسي قبل العسكري يعتبر انتحاراً سياسياً لحكومته القابعة في فنادق الرياض ومكوناتها ومنح الانتقالي المناطق في الجنوب على طبق من ذهب.

ومن جهته، كشف “أحمد الحاج” مراسل وكالة اسوشيتد برس من اليمن، عن “طبخة سعودية” تهدف للإجهاز وبشكل رسمي على موضوعات سيادية. وأشار “الحاج” إلى أن الطبخة والمؤامرة السعودية تتمثل في إبرام اتفاقيات تمنح أبوظبي والرياض تسهيلات امنية وعسكرية إضافة إلى جزيرة سقطرى واخرى بالبحر الاحمر. وأفاد “الحاج” بأن المبررات لهذه الطبخة الخبيثة سيكون مكافحة الارهاب في سقطرى والمهرة في ميناء عدن والبحر الأحمر. وأوضح “الحاج” أن السعودية تضغط على هادي لتوقيع الاتفاقية قبل بدء مفاوضات الحل الشامل في اليمن.

وعلى صعيد متصل، أكد العديد من المراقبين أن الأحداث الأخيرة في محافظة المهرة اليمنية وبروز اسم الإرهاب وتنظيم القاعدة مؤخراً في المحافظة الآمنة تؤكد جميع مخاوف أبناء الشعب اليمني حول المساعي السعودية لإيجاد موطئ قدم دائم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. ويرى المراقبون أن الضغط السعودي على “هادي” للاتفاق مع قادة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومين من الامارات، حتى وفقا لشروطهم، هي محاولة اخيرة للرياض للظهور بمظهر من يمسك بالملف اليمني بعد الضربات التي نزلت على هيبتها جراء سيطرة المسلحين المدعومين اماراتيا على جميع محافظات الجنوب، ومنهم من برر الاستعجال السعودي بوجود تحديات كبيرة تواجه الرياض وقد تطيح بدورها الاقليمي بشكل كامل، ومن هذه التحديات الانتخابات الأمريكية التي اقترب موعدها وقد تسفر عن هزيمة مدوية لـ”دونالد ترامب”، المدافع الشرس للسياسة السعودية امام خصمه “جو بايدن” الذي لا يكن الود للسعودية.

الجدير بالذكر أن الازمة في جنوب اليمن قد طالت، ولهذا فإن الجنوبيين مصممون على بسط سيطرتهم على كل مناطق الجنوب بدعم اماراتي وكانت اخر معاركهم تلك التي تكللت بالسيطرة على جزيرة سقطري، وهي تلك السيطرة التي دفعت جهات في حكومة “هادي” القابعة في فنادق الرياض الى طلب العون من الامم المتحدة للتدخل، الامر الذي رات فيه السعودية تدويلا لازمة الجنوب لا يصب في مصلحتها. إن جميع هذه الاسباب وغيرها هي التي دفعت السعودية للضغط والاسراع من اجل الحصول على اتفاق لا يبدو انه سيقاوم امام الحقائق على الارض، وهو ما تداركه “منصور هادي” عندما اشار الى انه لن يتم إعلان الحكومة إلا بعد الانتهاء من تنفيذ البنود الأمنية والعسكرية كافة في عدن، وعودة الأوضاع لطبيعتها في سقطري، وهو امر لا يمكن تنفيذه وسط الخلافات ليس على تقاسم الجغرافيا فحسب بل حول تقاسم حقائب المحافظات الجنوبية، التي اثارت حفيظة مكونات أخرى تطمح للشراكة بالحكومة المرتقبة، حيث دعا وجهاء قبليون بمحافظة أبين، لعقد اجتماع عام للتاكيد على حقهم في التمثيل بالحكومة القادمة في جنوب اليمن.

وحول هذا السياق، تشير التحركات والضغوطات السعودية الجديدة على “منصور هادي”، إلى أن الرياض تحاول استباق أي مفاوضات بشرعنة وجودها في اهم جزء حيوي في هذا البلد الذي يتمتع بالعديد من الثروات غير المستكشفة ويشكل موقع استراتيجي على خط الملاحة البحرية حول العالم خصوصا وأن ضغوطها على “منصور هادي” تأتي بموازاة تحركات دولية لوقف الحرب عبر صفقة تم مؤخرا مناقشتها في الاروقة الدولية وتتضمن طيء صفحة “هادي” ونائبه “علي محسن الاحمر” اللذان ظلت السعودية تبرر الحرب على اليمن بشرعيتهما مقابل تعيين نائب رئيس توافقي تنقل له كافة الصلاحيات.

ولقد كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن هذه الصفقة تتضمن الغاء نظام الاقاليم الستة ومخرجات الحوار الوطني إلى جانب اقامة انتخابات برلمانية ورئاسية مع مراعاة الحكم الذاتي لحركة “أنصار الله” في الشمال وآخر في الجنوب يتمتع كل اقليم بقوانين داخلية وعلم خاص إلى جانب مشاركات خارجية. وتقول تلك التقارير إن هذه الصفقة تم التوافق عليها بين اطراف دولية مشاركة في الحرب على اليمن من ضمنها السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة ومصر وفرنسا وبضوء اخضر روسي. وتشير الصفقة إلى رغبة رعاة الحرب على اليمن وقف الحرب بمغازلة “أنصار الله” عبر طرح محافظة صعدة كمركز للحكم الذاتي في الشمال بعد أن فشلت قوات تحالف العدوان السعودي في تحقيق انتصارات على أرض المعركة.

وفي الختام، يبدو اننا لسنا بحاجة الى وقت طويل لنتعرف على مصير اتفاق رياض المعدل او “الرياض2″، فالخلافات هي اكبر من التغطية عليها بممارسة الضغوط السياسية والمادية وحتى العسكرية، لسبب بسيط وهو أن العدوان على اليمن كان من اهدافه اما جعل اليمن تابعا للسعودية، وفي حال تعذر ذلك، يجب اضعافه عبر نشر بذور التفرقة القبلية والمناطقية بين ابناء الشعب اليمني وصولا الى تقسيمه، كما بدا واضحا من ممارسات الامارات الخبيثة ودور السعودية التي اكتفت بالمشاهدة.

* المصدر : الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع