ترامب أو بايدن: ماذا تعني الانتخابات الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط
(موقع” نيوز 24- news24″ الفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي ” سبأ”)
يمثل المرشحين للرئاسة الأمريكية “بايدن وترامب” مستقبلين متميزين لبعض النخب السياسية في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما لصناع القرار في دولة إسرائيل ومجموعة من الملكيات العربية الغنية بالنفط.
فقد سبق وأن أشادوا بالرئيس ترامب عندما أخذ الإنجاز الرئيسي الذي حققه سلفه باراك أوباما في المنطقة إلى مستوى آخر, والذي نص على وقف مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الاتفاق النووي الإيراني من خلال إعادة فرض العقوبات وحملة “الضغط الأقصى” على النظام في طهران.
كما سعى إلى تبني توجه جديد في التعامل مع عملية السلام الإسرائيلية -الفلسطينية، والتي تصب في مصلحة اليمين الإسرائيلي بالكامل.
وبينما أن هذه الجهود أثارت سخط الشارع الفلسطيني، فقد قوبلت في أغلبها باحتجاجات خانقة من جانب الزعماء العرب في أماكن أخرى.
وعلى كل من الجبهتين، فإن النصر الديمقراطي في نوفمبر القادم, قد يمثل تحولاً جذرياً, حيث سوف تحاول إدارة بايدن إصلاح الضرر الذي سببه الرئيس ترامب فيما يخص الاتفاق النووي وتهدئة التوترات مع النظام الإيراني.
وهذا من شأنه أن يعمل على تهدئة وتيرة العلاقات الدافئة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي النافذ الأمير محمد بن سلمان.
ترامب والشرق الأوسط:
يقول الرئيس ترامب وحلفاؤه إنه في غضون سنوات قليلة، تمكنت الإدارة الأمريكية من تحقيق إنجازات سياسية في منطقة الشرق الأوسط, أكثر مما حققه أسلافه على مدى العقود القليلة الماضية.
وتشمل تلك إنجازات سياسية “الاتفاقات الإبراهيمية” الأخيرة التي قامت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في حفل أقيم في البيت الأبيض.
ومن غير المعروف ما إذا كانت العديد من الدول العربية الأخرى سوف تقتاد بهذا المثال بصرف النظر عن هاتين الملكيتين الصغيرتين اللتين لم تكونا أبداً في حالة حرب مع الدولة اليهودية.
ولكن الاختراق الدبلوماسي يؤكد حقيقة متغايرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث قد ترى عدد من القوى العربية أنه من مصلحتها أن تتبنى قضية مشتركة مع إسرائيل في مواجهة النظام الإيراني غير المرن والولايات المتحدة الأمريكية غير المبالية على نحو متزايد.
وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، قال غالبية الإسرائيليين إنهم يفضلون فوز ترامب على بايدن لفترة رئاسية جديدة, وهذا ليس بالأمر المستغرب.
سبق وأن قدم الرئيس ترامب مجموعة من الهبات السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي, بما في ذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مدينة القدس ومرتفعات الجولان, من دون تقديم أي تنازلات للشعب الفلسطيني الذي لا يزال يكافح الاحتلال العسكري.
ورغم ذلك فإن “خطة” السلام التي خضعت لمناقشات مطولة ــ والتي تم رفضها من قبل الفلسطينيون جملة وتفصيل ــ قد تشكل الأساس لضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية.
ولكن نتنياهو يواجه معارك قانونية وسياسية عصيبة وشرسة في الداخل، حيث يشير بعض الخبراء في تل ابيب إلى أن ارتباط ترامب الوثيق برئيس الوزراء الإسرائيلي, لم يخدم المصالح الإسرائيلية في حقيقة الأمر.
يقول نيمرود نوفيك مستشار الرئيس السابق ورئيس الوزراء الاسرائيلي شيمون بيريز والزميل في المنتدى السياسي الاسرائيلي:”من حيث المظاهر ـ أي نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، أو “معاهدة السلام” مع البلدان التي لم نخوض معها الحرب قط ـ فإن إسرائيل تعمل بشكلٍ أفضل كثيراً”.
وأضاف”من حيث الجوهر، فأن تحديين خارجيين رئيسيين فقط ــ الحاجة إلى حل الصراع مع الفلسطينيين والحاجة إلى كبح طموحات إيران النووية والإقليمية ــ فإننا في حال أسوأ كثيرا”.
لقد أضرت العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب بالاقتصاد الوطني الإيراني، ولكن الحد الأقصى من الضغوط فشل في كبح جماح المغامرات الإيرانية مع الدول المجاورة لها، كما أدى إلى تآكل الضمانات ضد امتلك النظام الإيراني للقنبلة النووية.
حتى الآن، سخر المسؤولون الإيرانيون من احتمالات المفاوضات مع إدارة ترامب، حيث تشير كل الدلائل إلى أن الانتخابات في إيران المزمع أجرائها في العام القادم, تشير إلى تعزيز التيار المتشدد في البلد.
بايدين ومنطقة الشرق الأوسط:
لطالما أشار المسؤولون الإيرانيون من خلال العديد من التصريحات والخطب إلى أنه بالنسبة لهم, لا يهم من سوف يفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
ومن جانبه, أشار رئيس البرلمان الإيراني, محمد باقر قاليباف, في تصريح له في الشهر الماضي:” أن العداء الأميركي لهذه الأمة -الإيرانية- متأصل بعمق ولن يطرأ أي تغيير على السياسة الأميركية التي تسعى إلى الإضرار بالأمة الإيرانية سواء تم انتخاب ترامب أو بايدن رئيساً للولايات المتحدة”.
ولكن هذا يتناقض مع الاعتراف السائد في إيران بأن إدارة بايدن قد تحاول إحياء الاتفاق النووي ورفع بعض العقوبات الخانقة التي تم إعادة فرضها على الاقتصاد الإيراني.
كما يتوقع خبراء اقتصاديون, بأن طهران سوف تتمكن في القريب من البدء في تصدير ما يصل إلى مليوني برميل يومياً, وذلك في حال تمكن بايدن من كسب الانتخابات الرئاسية أمام ترامب.
أشار علي أوميدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أصفهان إلى أن غالبية الشعب والنخبة في إيران يفضلون وصول بايدن إلى سدة الحكم, لكن مع وجود اختلافات.
وفي المجلس الأطلسي، أضاف أن هناك معسكرات متشددة ترى وجود مكاسب سياسية للنظام الإيراني في ظل تصعيد التوترات مع الرئيس ترامب.
وقال بايدن، الذي يتلقى الكثير من الدعم من الحزبين في السياسة الخارجية في واشنطن، إنه سيعرض على النظام الإيراني “مساراً موثوقاً للدبلوماسية”.
ومن المرجح أن يحصل على المزيد من الدعم من الحلفاء الأوروبيين، الذين كانوا يحاولون يائسين في السنوات الأخيرة إبطاء هرولة كرة الهدم التي يركلها الرئيس ترامب على الساحة العالمية.
وفي حين رحب بايدن بالتقارب الذي جمع دولة الامارات مع اسرائيل، وعد بإعادة تقييم العلاقات مع السعودية.
ويبدو انه سوف يولي المزيد من الاهتمام لوكالة الاستخبارات الأميركية التي تربط بين ولي العهد محمد بن سلمان وقضية مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشوجي كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست.
ويقول بايدن ايضاً إنه سوف يستجيب لدعوة الكونجرس المطالبة بإنهاء المساعدات الأميركية لجهود الحرب التي تقودها السعودية في اليمن (سواء بدأت هذه العمليات تحت إشراف إدارة أوباما أو لا).
ويقول الخبراء أن رئاسة بايدن ستثير قضية الحقوق الفلسطينية أكثر من أي إدارة سابقة، في محاولة لإحياء الاحتمال الذي طال أمده لحل الدولتين.
ويرى نيمرود نوفيك أنه في حال عكست حكومة بايدن مسارها على الجبهتين- إعادة العلاقات مع الفلسطينيين وتجديد الحوار مع إيران، وكل ذلك في اتصال وثيق مع إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الإقليميين الآخرين – يمكننا أن نجد أنفسنا في وضع أكثر استقراراً في منطقة الشرق الأوسط”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.