اليمن: إيجاد طرق أخرى للمواجهة ضد الحرب السعودية على الكهرباء
بقلم: احمد عبدالكريم
السياسية- ترجمة: نجاة نور- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”:
وسط حرارة الصحراء الحارقة، تعاني المحافظات الجنوبية في اليمن من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر.
تعتبر ساعة ونصف من وجود التيار الكهربائي متبوعة بانقطاع لمدة 12 ساعة هو الوضع القائم حالياً، ويمكن أن تكون قاتلة في بعض الأحيان.
الآن، بالكاد يمر أسبوع دون أن ينظم مواطنو المناطق الجنوبية مظاهرات حتى تلين السلطات وتستعيد الطاقة مؤقتاً حتى انقطاع التيار الكهربائي التالي، ولا محالة من تنظيم الاحتجاج مرة اخرى.
بدأ المئات من اليمنيين الغاضبين في النزول إلى الشوارع منذ ما يقرب من شهر في مدينة المكلا، أكبر محافظات البلد التي مزقتها الحرب، متجمعين للاحتجاج على تدهور الخدمات العامة وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة, والذي يتركهم بانتظام دون كهرباء.
أشعلوا النيران في الإطارات واشتبكوا مع مسلحين مدعومين من الإمارات الذين استخدموا الذخيرة الحية لتفريقهم.
أغلقت المتاجر أبوابها حيث أطلق نشطاء حملة عصيان مدني ضد ما يقولون إنه “فساد منهجي وفشل في توفير الخدمات العامة الأساسية، لاسيما انقطاع التيار الكهربائي اليومي”.
قال صلاح بن هامل، عضو المجلس المحلي بالمكلا “تصل ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى 8 ساعات في اليوم، وأحياناً إلى 24 ساعة، لا نستطيع النوم بسبب ارتفاع درجة الحرارة”, متهماً السلطات المدعومة من الإمارات بتجاهل معاناة السكان.
كما هو الحال في المكلا ، ترك انقطاع التيار الكهربائي العديد من المدن الكبرى في الظلام منذ عام 2015، عندما بدأت الحرب.
دمرت الأسلحة الغربية الموردة للسعودية وحلفائها في التحالف خطوط نقل الطاقة ومحطات الطاقة ومنشآت أخرى، كما أن الحصار شبه الكامل يمنع اليمنيين من إعادة البناء، تاركين الخدمات الحيوية مثل الصحة والمياه والصرف الصحي محرومة من الامدادات.
ووفقاً لبيانات متطابقة من كل من وزارة الكهرباء اليمنية والمنظمات غير الحكومية، استهدف التحالف الذي تقوده السعودية أكثر من 5000 محطة طاقة وأجزاء أخرى من البنية التحتية الحيوية للطاقة, معظمها تقع بعيده عن أي مواقع قتال أو موقع عسكري.
يعيش 90% من إجمالي السكان الآن بدون كهرباء، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية وشبه الحضرية.
في 26 أغسطس 2016، أفادت منظمة العفو الدولية أن القنابل الأمريكية التي أسقطتها الطائرات السعودية دمرت محطتين لتوليد الكهرباء في حرض وميدي في محافظة حجة.
كما أصابت ثماني قنابل محطة الكهرباء الرئيسية في عمران مما أدى إلى تدمير محولين.
في 24 يوليو 2015، قصف التحالف السعودي مجمعاً يضم موظفين وعائلاتهم في محطة توليد الكهرباء، مما أسفر عن مقتل وجرح أكثر من 300 شخص.
في 13 أبريل 2016، دمرت الطائرات الحربية السعودية محطة الكهرباء الرئيسية في محافظة تعز.
وفقاً للمؤسسة العامة للكهرباء اليمنية، فإن الأضرار المالية الناجمة عن هذه الهجمات المتعمدة على البنية التحتية تصل إلى أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي.
الهجمات على الشبكة كبيرة:
ومع ذلك، فإن تأثيرات تلك الهجمات أعمق بكثير, فمن الناحية الاجتماعية، أدى انهيار شبكة الكهرباء في البلد إلى الحد من قدرة الأطفال على الدراسة في المساء وأجبر بعض العائلات على إخراج أطفالهم من المدرسة تماماً لجلب المياه، حيث لم تعد المضخات الكهربائية تعمل.
تم إغلاق محطات ضخ المياه، مما اضطر الناس، وخاصة النساء والأطفال إلى حمل المياه اللازمة للاستخدام اليومي على رؤوسهم لمسافات طويلة.
من الناحية الاقتصادية، أدى نقص الكهرباء إلى تدهور الاقتصاد المحلي المتعثر بالفعل في اليمن.
فقد تم إغلاق المنشآت الصناعية الصغيرة التي نجت من الحرب بسبب نقص الكهرباء وتوقف التصنيع تقريباً.
من الناحية الصحية، ساءت احوال الخدمات الصحية العامة بشكل ملحوظ, حيث أصبح انقطاع التيار الكهربائي طويل الأمد منتظماً للغاية في كثير من الأحيان في المرافق الصحية التي تعمل بشكل جزئي.
تساهم حالات الانقطاع أيضاً في انتشار فيروس كورونا والأوبئة الأخرى, حيث أن الكهرباء مطلوبة لضخ المياه النظيفة، مما يجبر البعض على شرب المياه السطحية الملوثة بالكوليرا والبكتيريا الأخرى.
خلال حربها ضد اليمن، سعت الإستراتيجية السعودية إلى هدم الدولة وإضعافها لجعل التعافي مستحيلاً على الأقل خلال العشرين عاماً القادمة.
ولهذا يجعل التدمير المنهجي البلد أكثر اعتماداً على “يد المساعدة” بعد الحرب.
يمنع الحصار السعودي، على وجه الخصوص، دخول الوقود إلى البلد, حيث أثر على إنتاج الكهرباء, لذا يضطر السكان إلى دفع رسوم اشتراك شهرية قدرها 1200 ريال يمني لمنتجي القطاع الخاص، حتى عندما لا يستهلكون الكهرباء.
عندما يشتد نقص الوقود بشكل خاص، يرتفع هذا السعر إلى 350-400 ريال للكيلو واط، قبل الحرب كان سعره سبعة ريال يمني.
تخريب الشبكة الكهربائية:
قال وزير الكهرباء والطاقة، عاتق حسين عبّار، لـ “MintPress” وهو يقف في حالة صدمة بالقرب من برج الكهرباء المدمر في باران: “لقد استُهدفت المحطات الكهربائية وخطوط النقل والأبراج بالقنابل الأمريكية والذخائر العنقودية”.
وقال: “بنفس السوء، أطنان من العبوات الناسفة والألغام الأرضية والألغام المضادة زرعتها قوات التحالف ومرتزقتها تحت الأبراج والخطوط”.
إن الحجم الهائل للحملة السعودية، التي غالباً ما تشهد تنفيذ مئات الضربات الجوية المتفرقة يومياً، إلى جانب طبيعتها العشوائية، لم تترك اليمن واحدة من أكثر الدول تلوثاً في العالم فحسب، بل حولت المناطق الكبيرة التي تمر عبرها خطوط الكهرباء، أو حيث توجد أعمدة كهربائية الى حقول مليئة بالألغام والقنابل غير المنفجرة.
قال عبد القادر مطهر مدير عام النقل في مؤسسة الكهرباء “لدينا 490 برجاً كهربائياً في خط صنعاء- مأرب الذي يمر عبر منطقة نهم، معظمها الآن مدمر أو متأثر بالغارات والقصف والذخائر غير المنفجرة”.
وقال رئيس المركز اليمني التنفيذي لمكافحة الألغام الذي تدعمه الأمم المتحدة “إن الكمية الكبيرة من الألغام والذخائر غير المنفجرة التي تنتشر الآن بالقرب من خطوط نقل الكهرباء كثيرة”.
“سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تتمكن الفرق من الوصول إليهم لبدء عملية إعادة البناء”.
حتى لو كانت البنية التحتية جاهزة لبدء إصلاح الشبكة، فإن إزالة المخلفات غير المنفجرة والعبوات الناسفة والألغام الأرضية تتطلب إنهاء الحرب المدعومة من الولايات المتحدة والحصار الاقتصادي، حيث سيتعين إحضار المعدات والآلات الخاصة، مثل الحفارات المدرعة المخصصة لاستخراج تلك المتفجرات، إذ يبدوا توفيرها بالوقت الحالي احتمال ضئيل في بلد غير قادر على تأمين حتى أساسيات الحياة.
كل الأنظار تتجه إلى محطة كهرباء مأرب:
على الرغم من الخطر، فقد تواصلت بعض فرق الهندسة الكهربائية, وقبل أسبوعين، بدأ المهندسون بالتعاون مع فرق إزالة الألغام في تقييم حجم الأضرار في منطقة نهم, وهي خطوة تهدف إلى إعادة تأهيل خط صنعاء- صافر, ويأملون في أن تكون الخطوط جاهزة عندما يتم إعادة تشغيل محطة كهرباء مأرب.
في مارس 2015، توقفت أكبر محطة كهرباء في البلد في مأرب، المسؤولة عن تشغيل معظم أنحاء البلد، وكانت تمثل نقطة تحول لقطاع الكهرباء في البلد.
تتقدم القبائل المحلية التي يدعمها أنصار الله (الحوثيون) في مأرب الغنية بالنفط، والتي تقع بالقرب من العاصمة صنعاء.
استولى الحوثيون على أكثر من 60% من المحافظة في قتال عنيف بين الجماعة المتفوقة ضد السعودية والإمارات ومقاتلين من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة الإسلامية.
اجتذب تقدم الحوثيين انتباه القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحتى الأمم المتحدة.
تم تفعيل المفاوضات حول عمليات تبادل الأسرى، لكن كل الاهتمام المتجدد يتركز على وقف تقدم الحوثيين في مأرب، آخر معقل للتحالف في شمال البلد، وليس على إنهاء الحرب.
قال تقي الدين المطاع، وكيل وزارة الكهرباء، إن “مجرد تحرير مأرب يعني إعادة الكهرباء إلى جميع المناطق اليمنية، يعني إنهاء معاناة الناس، وإنهاء معاناة الموظفين”.
وأكد أن الوزارة تخطط لبدء تشغيل محطة كهرباء مأرب في أسرع وقت ممكن.
هناك مخاوف حقيقية من أن السعودية قد تضرب محطة مأرب للطاقة ومنشآت النفط الإقليمية إذا نجح تقدم الحوثيين.
وقال مسؤولون رفيعو المستوى في صنعاء لـ MintPress إن أي هجوم من هذا القبيل سيواجه بهجمات انتقامية على “أهم المنشآت الكهربائية والنفطية في السعودية”.
وتوعد مسؤول عسكري أنه “لن يكون هناك فقط دخان كثيف يتصاعد في سماء مأرب، بل سيكون هناك دخان يتصاعد في سماء شبه الجزيرة العربية”.
اليمنيون يتطلعون إلى الطاقة البديلة:
هناك لمحات من الضوء في الظلام، لاسيما في محافظات اليمن الشمالية.
في صنعاء، تنتشر الألواح الشمسية على أسطح المنازل, لقد تدخل القطاع الخاص باعتباره المصدر الأكثر تنافسية للكهرباء في البلد، حيث قام باستيراد أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الغير مكلفة.
يبيع تجار التجزئة الإلكترونية الصغار الآن أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، بتشجيع من الطلب المتزايد وبدعم من حكومة أنصار الله المحلية، التي أعلنت مؤخراً أن الاستثمار في الطاقة البديلة سيكون معفياً من الضرائب بنسبة 100٪.
أشاد البنك الدولي بانتعاش استخدام الطاقة الشمسية في اليمن، وحث الدول التي تعاني من الحروب والأزمات على محاكاة التجربة اليمنية.
تتمتع اليمن بشكل طبيعي بإمكانيات ضخمة من الطاقة الشمسية, فالبلد, له جبال داخلية عالية، وصحراء مرتفعة، وسهل ساحلي طويل شبه صحراوي عبر البحر الأحمر وبحر العرب.
علاوة على ذلك، تتميز البلد بجو حار وصافٍ و درجات الحرارة مرتفعة بشكل عام، لاسيما في المناطق الساحلية والصحراوية.
فجغرافيا، تقع اليمن في حزام الشمس العالمي.
والسؤال المهم للعديد من اليمنيين هو ما إذا كانت السعودية ستسمح لهم بالاستفادة من هذه الثروة.
* موقع- mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.