السياسية || مبارك حزام العسالي*

في خضم العدوان الأمريكي الغاشم على اليمن، والذي يقوده الرئيس ترامب دعمًا للكيان الصهيوني في عدوانه على غزة، ألقى الرئيس المشاط خطابًا قويًا ومُفعمًا بالثقة، رسم فيه ملامح المرحلة القادمة وأكد على جاهزية اليمن لمواجهة هذا العدوان. لم يكن الخطاب مجرد رسالة داخلية، بل كان صرخة مدوية تحمل في طياتها تحليلًا عميقًا للواقع الراهن ورسائل واضحة للخارج، مُرتكزًا على قوة داخلية متماسكة وإيمان راسخ بالنصر.

وحدة القيادة والشعب: الركيزة الاستراتيجية
أبرز ما في خطاب الرئيس المشاط هو التأكيد المتكرر على الوحدة الاستراتيجية التي يتمتع بها اليمن. هذه الوحدة ليست مجرد شعار، بل هي واقع مُجسد في وحدة القيادة المتمثلة بالسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ووحدة الشعب الذي يقف صفًا واحدًا تحت هذه القيادة. هذا الانسجام بين القيادة والشعب، مدعومًا بحكومة ومؤسسات رسمية، يُشكل قوة استراتيجية حقيقية يتكئ عليها اليمن في مواجهة العدوان الأمريكي. هذه الوحدة تُعد نقطة قوة فريدة في منطقة تشهد انقسامات وصراعات متعددة الأطراف.

رسائل واضحة للمتورطين والمترددين
حمل الخطاب رسائل واضحة ومباشرة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن اليمن أو دعم العدو الإسرائيلي. فمن جهة، أكد الرئيس المشاط على الجاهزية الكاملة للدفاع عن البلاد والنيل من أي معتدٍ أمريكي. هذا ليس مجرد تهديد، بل هو إعلان عن قوة ردع تستند إلى إمكانيات وقدرات تم تطويرها في ظل سنوات من المواجهة. ومن جهة أخرى، وجه نصيحة للمترددين والقوى الإقليمية لتجنب التورط في هذه المعركة، محذرًا إياهم من العار والخزي والهزيمة التي ستلحق بهم جراء دعمهم للعدو الإسرائيلي. هذه اللهجة الحازمة تعكس إدراكًا لأبعاد الصراع ورغبة في تحييد أطراف قد تُستغل لخدمة أجندات أمريكية.

تمييز الصفوف: معركة بين الحق والباطل
أكد الرئيس المشاط بوضوح على طبيعة المعركة الحالية، نافيًا عنها أي عناوين زائفة مثل "مسلم يقتل مسلم" أو "شرعية". بل حصرها في كونها معركة بين "يهودي ومسلم"، أي بين المعتدي الصهيوني ومن يقف في وجه عدوانه، بدعم أمريكي مباشر. هذا التوصيف الدقيق يهدف إلى تمييز الصفوف بوضوح وقطع الطريق على أي محاولات لتزييف الحقائق أو تضليل الرأي العام. كما أكد على الصرامة الشديدة التي ستتخذها الأجهزة الأمنية والقضائية ضد كل من يقف مع الأمريكي والإسرائيلي في هذه المعركة، مشددًا على يقظة الأجهزة الأمنية ورصدها لكل المتورطين.

تقدير الشرفاء ورفض الإغراءات
في لفتة تقدير واضحة، أشاد الرئيس المشاط بالشرفاء من أبناء اليمن الذين رفضوا الإغراءات والمحاولات الرامية إلى ثنيهم عن دعم القضية الفلسطينية. وصفهم بـ "الجبال" التي "دعست بأقدامها على كل المحاولات والإغراءات"، مؤكدًا على قوة الموقف وعدالة القضية التي تفوق أي مكاسب مادية زائلة. هذا الثناء يعكس عمق الالتزام الأخلاقي لدى قطاعات واسعة من الشعب اليمني.

استشراف النصر وتطهير الصفوف
حمل الخطاب في طياته بشارات بقرب النصر، مؤكدًا على أن الله سيميز الخبيث من الطيب. وربط الرئيس المشاط بين هذه المرحلة والـ "زلزلة" التي تسبق النصر وفق السنة الإلهية، مشيرًا إلى أن ما يشهده اليمن من اهتزازات ومواقف قوية وإرجاف ما هي إلا مرحلة تطهير للصفوف قبل أن يتحقق النصر بالشكل الذي يليق به. هذه النظرة الإيمانية تبعث الطمأنينة في نفوس الداعمين وتزيد من عزيمتهم.

رسائل خاصة لواشنطن وترامب
لم يغفل الرئيس المشاط توجيه رسائل خاصة إلى الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب. فبالنسبة لمن يراهنون على ترامب، طرح تساؤلات استنكارية حول ما يرونه فيه بعد تجربتهم له، مؤكدًا أنه غرق في مستنقع اليمن وزرع السخط لأمريكا في قلوب العالم. كما حمّل ترامب مسؤولية العار والخزي الذي لحق بالأمريكيين بسبب شراكته الأساسية في "الإجرام الصهيوني"، داعيًا الشعب الأمريكي إلى إدراك هذه الحقيقة ورفض سياساته الطائشة. هذه الرسائل القوية تُظهر وعيًا عميقًا بالسياسة الأمريكية وتأثيرها على المنطقة.

استعداد عسكري وقوة داخلية متكاملة
على الصعيد العسكري، أكد الرئيس المشاط على أن اليمن لم يتضرر بنسبة 1% مما قام به الأمريكي، مشيرًا إلى أن رجاله تجاوزوا منظومة الاعتراض "الكهرومغناطيسي" التي كانت تتباهى بها واشنطن. هذا التأكيد على القدرات العسكرية المتنامية يُعزز من قوة الردع اليمنية. كما طمأن الشعب بأن هناك إجراءات لازمة لإيقاف العقوبات الأمريكية، وأعلن عن عزم مركز العمليات الإنساني على إدراج شركات الأسلحة والنفط الأمريكية ضمن العقوبات اليمنية.

خلاصة القول:
إن خطاب الرئيس المشاط يُمثل وثيقة قوة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. إنه تحليل مُحكم للوضع الراهن، وتأكيد على وحدة الصف الداخلي، ورسائل واضحة وحازمة للخارج، واستشراف واثق للنصر القادم. يُظهر الخطاب يمنًا صامدًا، مُتمسكًا بمبادئه، وقادرًا على مواجهة العدوان الأمريكي مهما عظمت، مُستندًا إلى قوة إيمانه، ووحدة قيادته وشعبه، وعدالة قضيته. إنه صوت اليمن القوي الذي يتردد في وجه العاصفة، مُعلنًا عن مرحلة جديدة من الصمود والعزة.

*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب