تحليل/ هل سينهي دونالد ترامب أزمة الخليج؟
بقلم: سيباستيان بوسوس*
السياسية- ترجمة: أسماء بجاش- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الاجنبي “سبأ”:
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمزمع عقدها في نوفمبر المقبل, يحرص الرئيس دونالد ترامب على تحقيق النجاح والمكاسب على صعيد السياسة الخارجية, ومن الوارد أن يقرر في القريب العاجل تسوية الخلاف الدائر بين دول الخليج.
بعد أن أعلن البيت الأبيض ثالث عملية سلام تشهدها منطقة الشرق الأوسط بين دولة إسرائيل والإمارات العربية المتحدة في منتصف أغسطس الماضي، أكد بعض الدبلوماسيين الأمريكيين رفيعي المستوى في الأيام الأخيرة وقبل الانتخابات الرئاسية, أن الحصار المفروض على الدوحة من قبل أبو ظبي والرياض منذ 5 يونيو 2017, يمكن أن يشهد انفراج قريب.
والواقع أن القرار الذي اتخذته الرياض وأبو ظبي بين عشية وضحاها فيما يخص عزل الدوحة في 5 يونيو 2017، بحجة دعمها “للإرهاب الدولي” وبالتالي تمويله، يبدو أقل قابلية للشروع في الدفاع عنه.
ومن جانبها, قد وجدت الإمارة الصغيرة – قطر- سبلاً لإنعاش اقتصادها والتعويض عن عزلتها الإقليمية من خلال إيجاد شركاء جدد وعملاء جدد وإعادة ضخ عدة مليارات من الدولارات في نظامها المصرفي وذلك بفضل قوة صندوق الثروة السيادية.
لكن ليس هذا كل شيء, ففي يوليو الماضي، تبنت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة في الأمم المتحدة، موقفاً ضد أعضاء اللجنة الرباعية للحصار، حيث اتهمت إياهم بإغلاق مجالهم الجوي بشكل غير قانوني أمام الخطوط الجوية القطرية.
القضايا الإقليمية:
سعت الدوحة على مدى السنوات الأربع الماضية إلى تأكيد دورها كوسيط في الأزمات الإقليمية، حيث استضافة العديدة من جولات المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان الأفغانية.
ناهيك عن أهمية قاعدة العديد العسكرية وهي أكبر قاعدة عسكرية خارج الولايات المتحدة، والتي كانت ضرورية لدول التحالف الدولي خلال حربه ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”.
وفي مواجهة التحديات الإقليمية، لم يعد من الممكن أن يستمر عدم الاستقرار في الخليج، والانهيار شبه التام لمجلس التعاون الخليجي منذ بداية الأزمة, فجميعها لا تساعد في ضمان الاستقرار.
وبالتالي, فأن الدوحة، من خلال قربها الإيديولوجي من طهران وأنقرة، يمكن أن تمثل في المستقبل مركزاً أكثر أهمية للمناقشات.
ولهذا السبب وضع البيت الأبيض مسألة إنهاء الحصار المفروض على الدوحة في ميزان المفاوضات الأخيرة بين إسرائيل والإمارات، مع السماح للأخير بالحصول على أحدث طائرات الشبح في العالم من طراز إف-35.
في الآونة الاخيرة, أكد ديفيد شينكر مستشار وزارة الخارجية الاميركية الذي يحظى باحترام كبير في الشرق الاوسط, أن هناك مؤشرات وعلامات على “انفراج” ومرونة في استئناف المفاوضات بين طرفي الأزمة الخليجية تحت المظلة الأمريكية, كما يرى أيضاً, أن هذه ستكون مسألة أسابيع للوصول إلى أمل في “نهاية سعيدة” لهذه الأزمة التي لا تزال تعاني من جمود منذ ثلاث سنوات.
وفي الوقت نفسه، شهدت الكتلة السعودية الإماراتية صدعاً إلى حد ما, عندما قام محمد بن زايد بنسج تقارب واضح مع إيران في يوليو 2019, كما ظهر هذا الصدع ايضاً مرة أخرى من خلال الحرب في اليمن حيث يتبع السعوديون والإماراتيون أجندات مختلفة.
رحلة الفرصة الأخيرة:
بعد أن أيقن دونالد ترامب بفشل الوساطة الكويتية والعُمانية، عمل على تكليف جاريد كوشنر بمحاولة المصالحة بين طرفي الأزمة الخليجية.
كما كانت جولة وزير الخارجية مايك بومبيو الأخيرة والتي اعتبرت الأكثر حيادية إلى حد ما, وسيلة لتعويض وقوف صهر ومستشار الرئيس الأمريكي إلى جانب الامارات وإسرائيل, لذا كانت هذه الرحلة بمثابة الفرصة الأخيرة قبل الانتخابات الأميركية المزمع إجراءها في نوفمبر القادم, إذ يسعى ترامب على الأقل إلى تحقيق بعض “النجاح” في منطقة الشرق الأوسط التي لم يكن لديه فيها سوى القليل منذ دخوله البيت الأبيض في العام 2016.
كما أنه لا يستطيع، بشكل غير مباشر، أن يفعل الكثير من دون الوسيط الإماراتي والسعودي والقطري لحل أزمات محلية معينة.
وكان من الأحرى, إيجاد مخرج من الحرب المميتة في اليمن التي يشنها بن سلمان وبن زايد قبل كل شيء، من أجل تجنب مقتل ما يقرب من 400 ألف شخص.
وإذا لم يفعل ذلك، فلنأمل أن يخرج على الأقل ورأسه مرفوع من خلال حل أزمة كان المسؤولاً عنها بصورة جزئيةً، وذلك عندما وافق من على منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” الرياض وأبو ظبي ضد الدوحة في أوائل يونيو 2017.
* سيباستيان بوسوس: حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية ومتخصص في العلاقات الأوروبية العربية ومتعاون علمي في جامعة بروكسل الحرة، وباحث في العلوم السياسية وقضايا الشرق الأوسط في العلاقات الأوروبية العربية/الإرهاب والتطرف, ومؤلف كتاب “داعش والتتمة”.
* صحيفة “جون أفريك- jeuneafrique” الفرنسية .
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.