بقلم بيتر أوبورن
السياسية – ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي- سبأ :

محمد بن سلمان، ناريندرا مودي، فلاديمير بوتين، بنيامين نتنياهو، محمد بن زايد، جاير بولسونارو و بوريس جونسون يتشاركون جميعاً نفس السر الآثم, حيث أنهم بحاجة إلى فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر, وليس لدي أدنى شك في أنهم كانوا سيؤيدون ترامب بينما كان يتنمر في طريقة حديثه خلال المناظرة الرئاسية, وطبعاً لديهم أسبابهم الخاصة.

انتصار بايدن:
بالنسبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فإن فشل ترامب في الفوز بولاية ثانية سيكون بمثابة ضربة كارثية لطموحاته في إعادة بناء الشرق الأوسط كملك للسعودية, حيث ترتبط عائلة ترامب ارتباطاً وثيقاً بالمشروع السياسي لمحمد بن سلمان, في حين أن بايدن سيضع حدا لذلك, وبالتالي ستكون ضربة وجودية لمحمد بن سلمان.
إن هزيمة ترامب قد تزعج أيضاً ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، العقل المدبر وراء الطموحات السياسية لولي العهد السعودي.
إذا رحل ترامب، فلن يتعرض بن زايد للتهديد داخلياً، لكن خططه لوضع دولته الخليجية الصغيرة في سيطرة فعالة على الخليج والمنطقة ستكون مهدده ومن هنا كانت جاذبية التطبيع مع إسرائيل كوثيقة تأمين.
بدون ترامب، سيظل بن سلمان قادراً على أن يصبح ملكاً للسعودية، ولكن مع تولي بايدن السلطة ستعود وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون إلى الواجهة فيما يتعلق بعلاقات الولايات المتحدة مع المملكة.
ورجلهم بن نايف يقبع في السجن أو الإقامة الجبرية, وفي واشنطن، سيصبح المناخ أكثر برودة فيما يخص العلاقات مع السعودية.
لن يفعل بايدن شيئاً لتمييع تحقيقات الكونغرس في مؤامرات واغتيالات بن سلمان العديدة.
وفي الرياض، سيكون ولي العهد بالتأكيد أقل أماناً عندما يعلم أنه لا يمكنه التقاط الهاتف والاتصال بجاريد كوشنر.
نتنياهو سياسي ماهر وفطن, حيث سيتمكن من التكيف مع الرئاسة الديمقراطية، لكن بايدن لن يكرر عدم احترام ترامب لحقوق الفلسطينيين.
يرى رئيس وزراء الهند مودي أن خطاب ترامب المثير للاشمئزاز ضد المسلمين مطمئن, وبالنسبة له، سيكون بايدن شخصاً يصعب التعامل معه.
من السهل معرفة سبب دعم الرئيس الروسي لترامب, ورئاسته نزعت شرعية الديمقراطيات الغربية وعطلت الناتو, ويترك موقف ترامب الذي ينص على وضع “أمريكا أولاً” مساحة لروسيا لتفعيل أجندة سياستها الخارجية في أوكرانيا والشرق الأوسط.
إن رئاسة بايدن التي ستعود إلى السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية والولاءات والدفاع عن حقوق الإنسان والمشاركة النشطة في المنظمات الدولية ستكون سيئة بالنسبة لبوتين.
الوضع في الصين أكثر تعقيدا, فهناك تقارير تفيد بأن الحزب الشيوعي الصيني منقسم حول المرشح الذي يريدون فوزه, ولكن كما هو الحال مع بوتين، فإن احتقار ترامب للنظام الدولي يناسب سياسات الصين التوسعية بشكل أفضل.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زعيم آخر قد يكون قلقاً بشأن رئاسة بايدن, بينما يتمتع ترامب وأردوغان بعلاقة وثيقة، ويقال إنهما يتبادلان مكالمات هاتفية منتظمة، فإن بايدن مختلف.

متظاهرون يحتجون على حياة السود مهمة ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل المناظرة الرئاسية الأولى في 29 سبتمبر في كليفلاند/ أوهايو/ أ ف ب

ففي الشهر الماضي، أدانت تركيا بايدن بعد انتشار شريط فيديو للمرشح الديمقراطي الذي وصف أردوغان بأنه “مستبد”.
ومن جانبه, صرح بايدن عبر تطبيق تويتر بأنه يجب على تركيا البقاء خارج الصراع بين أذربيجان وأرمينيا, بينما اتُهم ترامب بغض الطرف عن السلوك التوسعي المزعوم لتركيا خلال فترة رئاسته، لذا من المرجح أن يتوقف هذا إذا خسر الشهر المقبل.

استنساخ ترامب:
يقول بعض مؤيديه إن رئاسة بايدن تروق لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون, لكن الحقيقة هي أن فوز بايدن سيكون كارثة لزعيم حزب المحافظين, حيث إنه بحاجة ماسة إلى فترة ولاية ثانية لترامب, لأن الرئيس الأمريكي يعطي مثل هذا الوزن لمشروع جونسون السياسي الخاص بالقومية الشعبوية وعدم احترام الأعراف والسلوك التقليدي.
ومع رحيل ترامب، سيبدو جونسون منعزلاً باعتباره الشخصية الرئيسية الوحيدة التي تمثل الديمقراطيات الليبرالية الغربية التي تتحدى الأعراف الدولية.
إن عدم احترام القانون الدولي ما زال سارياً وبشكل جيد داخل معسكر جونسون، كما يتضح من تصويت مجلس العموم الذي أقر فيه حزب المحافظين مشروع قانون السوق الداخلية، والذي يهدف إلى تجاوز أجزاء من اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الأوروبي بما يتعارض مع القانون الدولي.
وبشكل حاسم، لم يخف بايدن احتقاره لجونسون سراً, وبحسب ما ورد فأنه قد وصف جونسون بأنه استنساخ لترامب, بينما كان جونسون يكتسح الانتخابات العامة في ديسمبر الماضي.
بايدن ليس من محبي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي, وقال في اليوم التالي للاستفتاء: “كنا نفضل نتيجة مختلفة” قبل أن ينتقد “السياسيين الرجعيين والديماغوجيين الذين ينشرون كراهية الأجانب والقومية والانعزالية”, حيث أصدر تحذيرات صارمة لبريطانيا بشأن العواقب على السلام في أيرلندا الشمالية إذا انسحبت بريطانيا من اتفاقية الجمعة العظيمة, وقال في وقت سابق “لا يمكننا أن نسمح لاتفاق الجمعة العظيمة بأن يصبح ضحية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.”

عامل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الحقيقة هي أن احتمالية إبرام بريطانيا صفقة تجارية سريعة ومواتية مع الولايات المتحدة وهي مهمة جداً لنجاح خروج جونسون من الاتحاد الأوروبي، هي التي ستتراجع عن الأفق إذا فاز بايدن في 3 نوفمبر القادم.
أعتقد أن جونسون يشعر بالتحفظ تجاه ترامب, وبعد كل شيء، مرت بضع سنوات فقط منذ أن قدم نفسه على أنه زعيم عالمي ليبرالي، على عكس الزعيم القومي الذي أصبح عليه اليوم.
لقد حدثت الكثير من التغيرات منذ ذلك الحين, ويعرف القراء المنتظمون لهذا العمود أن جونسون هو مجرد الوجه العام للترويكا الثلاثي الذي يحكم بريطانيا.
العضوان الآخران في الترويكا، دومينيك كامينغز ومايكل جوف وهما في الواقع مظاهر للبارون الصحفي روبرت مردوخ الذي كان أقرب حليف إعلامي لترامب منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.

بوريس جونسون يحيي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدى وصوله إلى قمة الناتو في واتفورد /4 ديسمبر 2019/ أ ف ب

حتى أن مايكل جوف سافر عبر المحيط الأطلسي لإجراء مقابلة مع ترامب في البيت الأبيض في عام 2017، وبحسب ما ورد كان مردوخ في الغرفة, وعلاوة على ذلك، هناك تقارير موثوقة عن تعاطف جونسون مع ترامب وسياسته.
في مقابلة حديثة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة، كيم داروتش، إنه لاحظ كيف بدا جونسون “مفتوناً” بترامب واستخدامه للغة: “المفردات المحدودة، بساطة الرسائل، احتقار سياسة الصواب، والصور التي تثير الحماس في بعض الأحيان، وفي أفضل الأحوال العلاقة المتقطعة مع الحقائق والحقيقة”.

حملة شرسة مشتركة:
هذا ينبغي أن يكون مفاجئا مراراً وتكراراً، حيث كانت بريطانيا والولايات المتحدة مدفوعين بنفس التيارات العالمية.
في الأربعينيات من القرن الماضي، قاد ونستون تشرشل وفرانكلين روزفلت العالم الحر ضد الدكتاتورية الفاشية, وخاض رونالد ريغان ومارجريت تاتشر معركة مشتركة ضد الطغيان السوفيتي.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، خاض جونسون وترامب حملة شرسة مشتركة ضد الديمقراطية الليبرالية، مستخدمين الأكاذيب والباطل لخوض معاركهم, ولا عجب أن أمثال جونسون وبن سلمان وبوتين يريدون بشدة فوز ترامب.
مشهد المناظرة الاولى لم يكن نقاشا, لقد كانت مباراة بطيئة أفسدت سمعة الديمقراطية الأمريكية, لكن ترامب متأخر بشدة في استطلاعات الرأي لدرجة أنه كان بحاجة إلى الضربة القاضية من أجل ضمان الفوز في المنافسة.
كان فشله في توجيه الضربة القاتلة بمثابة خيبة أمل شديدة لأنصاره في الولايات المتحدة, لكن سيكون لها أيضاً ديكتاتوريون وشعبويون غير مستقرون في جميع أنحاء العالم.
اليوم، سيشعر بن سلمان و بن زايد ومودي ونتنياهو وبوتين وجونسون بأن نكسة ترامب خلال المناظرة الاولى تعني أن قبضتهم على السلطة قد تُفلت أيضاً.

*موقع ” ميدل إيست آي” البريطاني.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.