“المونيتور”: الولايات المتحدة والإمارات تواصلان الضغط لتطبيع السودان مع “إسرائيل”
قد يكون السودان مستعداً لإقامة علاقات مع "إسرائيل"، لكنه يحتاج أولاً إلى أن تزيله الولايات المتحدة من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ترجمة : هيثم مزاحم *
كتبت الصحافية الإسرائيلية رينا باسيست مقالة في موقع “المونيتور” الأميركي تناولا فيه احتمال توقيع السودان اتفاق تطبيع مع “إسرائيل”. وقالت الكاتبة إن ثلاثة أحزاب سودانية عقدت مؤتمراً مشتركاً في الخرطوم الأربعاء 30 أيلول / سبتمبر الماضي، دعت فيه النظام إلى قبول صفقة أميركية لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”. وقال مبارك الفاضل رئيس حزب الأمة: “يقتصر الاقتراح الأميركي حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة [في 3 تشرين الثاني / نوفمبر]، ولا ينبغي أن نفوت هذه الفرصة التاريخية. وبعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، سندخل في أزمة كبيرة في السودان إذا لم نوافق على العرض المقدم في الامارات. فلن يتم حذف السودان من قائمة الارهاب لسنوات عديدة اذا لم نستغل الفرصة المتاحة”.
وأضافت الكاتبة أنه بالنسبة لـ”إسرائيل”، فقد عزز المؤتمر الصحافي المشترك الانطباعات حول استعداد الخرطوم لإبرام اتفاق قريباً. وقال دبلوماسي إسرائيلي رفيع “للمونيتور” إن الكرة الآن في ملعب السودان، ويجب أن تقرر الخرطوم الآن ما إذا كانت ستقبل أم لا الاقتراح الذي قدمه المسؤولون الأميركيون في أبو ظبي قبل حوالى 10 أيام بشأن صفقة رباعية.
وتابعت باسيست أن “الصفقة قيد التنفيذ بعيدة كل البعد عن البساطة: فإسرائيل ستحقق علاقات مع دولة أفريقية ذات أهمية استراتيجية على شواطئ البحر الأحمر. وستحصل الولايات المتحدة على نظام انتقالي معزز في بلد خرج من سنوات من الديكتاتورية. وسيتم شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وسيتلقى كذلك مساعدات مالية سخية؛ وستحصل الإمارات العربية المتحدة على مجد دبلوماسي بسبب التوسط في مثل هذه الصفقة، إلى جانب فاتورة ضخمة تدفعها”.
فلسنوات عديدة، اعتبر السودان نفسه في حالة حرب مع “إسرائيل”، رغم أنه لم يشارك في حرب “يوم الغفران” عام 1973. وعلى مدار ما يقرب من ثلاثة عقود وتحت حكم الرئيس السابق عمر البشير، عززت البلاد العلاقات مع إيران ودافعت عن القضية الفلسطينية. لكن بعد قطع العلاقات مع إيران عام 2015، وخاصة بعد الإطاحة بالبشير في نيسان / أبريل 2019، تغير الخطاب الدبلوماسي في الخرطوم. لم يتخذ السودان قراراً علنياً بعد بشأن تطبيع العلاقات، لكن جميع المؤشرات تشير إلى أنه يسير على الطريق الصحيح لمثل هذه الخطوة.
في 3 شباط / فبراير، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سراً في أوغندا برئيس مجلس السيادة السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان. بعد اللقاء، أعلن نتنياهو على الملأ وأعلن أن البلدين العدوين اتفقا على العمل معاً لتطبيع العلاقات. منذ ذلك الحين، أعرب مسؤولون سودانيون عن وجهات نظر متناقضة حول إقامة علاقات مع “إسرائيل”. يحكم السودان الآن حكومة انتقالية مؤلفة من ضباط عسكريين ومسؤولين مدنيين، ويبدو أن الجيش السوداني هو من يدفع الخرطوم لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”. إذ تخشى القيادة المدنية من أن يرفض الشعب السوداني قبول مثل هذه الخطوة، وخاصة بعض الفصائل الإسلامية المتطرفة التي تم تنحيتها جانباً بعد سقوط البشير. فإثارة الغضب العام في هذه الفترة الانتقالية هو آخر شيء تحتاجه الحكومة الآن.
وقال خبير إسرائيلي في شؤون إفريقيا لـ”المونيتور”: إن القيادة المدنية في السودان تواجه صعوبة في قبول تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، غالباً بسبب القضية الفلسطينية، وهي تفضل الفصل بين قضية شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والعلاقات مع “الدولة اليهودية”. ولكن حتى القيادة المدنية تبدو وكأنها توافق الآن.
وقال الخبير الإسرائيلي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، “على عكس الجيش السوداني، فإن القيادة المدنية لا تنجذب بالضرورة إلى القدرات العسكرية الإسرائيلية أو إمكانية التعاون الأمني”.
وكما سبق ذكره، فإن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، هي الخطوة الأولى والضرورية قبل تعافي الاقتصاد السوداني. وبالنسبة للقيادة المدنية السودانية، فإن السؤال ليس متعلقاً بإقامة علاقات مع “إسرائيل”، بقدر ما هو مسألة إرضاء الولايات المتحدة. وحدها الولايات المتحدة – بمساعدة دول الخليج العربية – تستطيع إخراج السودان من الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها.
ففي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 أيلول / سبتمبر، أشار رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى هذه المسألة بالذات. وقال: “همنا الأساسي هو الحصول على إعفاءات من الديون ومعاملة تفاضلية. هذا جزء من عمل أصدقائنا في مؤتمر برلين. كما يجب إزالة اسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب … نشيد بجهود الحكومة الأميركية والكونغرس الأميركي لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وخلصت الكاتبة إلى أن “إسرائيل” تدرك جيداً الآراء المتباينة داخل القيادة السودانية حول إقامة علاقات دبلوماسية معها، وهذا هو السبب في أنها لم تسلط الأضواء على هذه القضية في الأسابيع الأخيرة. فهي تسمح لواشنطن بالقيام بالأعباء الثقيلة. وعلى عكس الإمارات العربية المتحدة، لا تتوقع “إسرائيل” تدفق العلاقات التجارية إذا أقيمت العلاقات مع السودان، ولا تتوقع حماساً كبيراً للتطبيع في شوارع الخرطوم. وليس من المتوقع أن يتدفق السياح الإسرائيليون إلى السودان (لأنهم يحلمون بالسفر إلى دبي)، حتى لو تم توقيع اتفاقية تطبيع، على الرغم من أن العديد من الإسرائيليين فضوليون لسماع ومعرفة المزيد عن هذا البلد الضخم، الذي كان يعتبر عدواً حتى وقت ليس ببعيد.
مع ذلك، فوجئ الإسرائيليون بالسماع في الصحافة حول الافتتاح القريب المتوقع لـ”جمعية الصداقة السودانية الإسرائيلية”. وزعم تقرير أن آلاف السودانيين أبدوا اهتماماً بالانضمام إلى الجمعية. ولم يتم إنشاء جمعية مماثلة في “إسرائيل” بعد.
لكن في صباح الخميس الأول من تشرين الأول / أكتوبر، وضع سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، حداً للآمال في اتفاق تطبيع إسرائيلي مع السودان أو سلطنة عمان. وفيما يتعلق بالسودان، قدر العتيبة أنه ينوي المطالبة بسعر أعلى من الولايات المتحدة، مثل مساعدات مالية أكثر بكثير مما تم اقتراحه في اجتماع أبو ظبي.
* المصدر : الميادين نت
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع