المحرر السياسي

شكل اليمن على مدى عقود طويلة من الزمن، مطمعاً لقوى الاستعمار نظرا لموقعه الاستراتيجي المتميز وثرواته الطبيعية، ما جعله مقصداً للدول الاستعمارية في احتلاله ونهب خيراته والسيطرة على موقعه الهام.

وتضاعف الاهتمام باليمن في العصر الحديث، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، إذ أخذت هاتان الدولتان تختلق الذرائع للانقضاض على البلاد والسيطرة عليها وما يحصل حالياً في اليمن لا يخرج عن دسائس وحيل استعمارية لإضعاف البلاد وتجزئتها من خلال حرب طويلة الأمد لتمزيق اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي وإيجاد بؤر للصراع بين أبناء الوطن الواحد، ما يسهل عملية الاحتلال والسيطرة والتحكم بمقدرات البلاد.

إن أساليب الاستعمار قد تطورت كثيراً في العصر الحديث واتخذت أشكالاً أكثر حداثة، فلم يعد مقبولاً الدخول بقوات عسكرية لاحتلال البلدان إلا فيما ندر ويصبح الاستعمار الحديث عن طريق إيجاد كيانات محلية هزيلة تُدار بالريموت من خارج حدود الأوطان أو إضعافها اقتصادياً بهدف السيطرة على القرار السيادي فيها.

ذلك ما أكده قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابة الأخير بمناسبة العيد السادس لثورة الـ21 من سبتمبر بقوله” إن الأمريكيين وضعوا أنظارهم على اليمن قبل ثورة الـ21 من سبتمبر بدافع عدائي واستعماري وبدوافع غير مشروعة أبرزها الموقع الاستراتيجي لليمن والثروة الطبيعية”.

وفي العصر الحديث لم يعد احتلال الدول بدوافع سياسية، بل أصبحت المسألة الاقتصادية هي الأهم والأساس للاحتلال، حيث تبدلت المعادلات وأصبحت السياسة تتبع الاقتصاد، وتطويع البلدان والسيطرة عليها أصبح يمر من الزاوية الاقتصادية، فطنت دول العالم بأهمية ذلك من خلال بحثها عن مكامن الثروات الاقتصادية لبناء اقتصاد قوي ومتين تبني عليه قراراتها السيادية والسياسية وترسم خططها الاقتصادية.

وهاهي الجمهورية اليمنية اليوم تعاني، الأمرين الهجمة الاستعمارية الأمريكية البريطانية وخيانة الدول العربية لها والوقوف موقف عدائي منها تحت مسمى زائف يٌدعى تحالف إعادة الشرعية المزعومة.

إن أدق توصيف لدول الخليج ذكره الصحفي والمحلل السياسي المصري محمد حسنين هيكل عندما قال ” لقد تأسست دول الخليج ضد حقائق الجغرافيا وضد منطق التاريخ، نشأت على أساس وظيفي تؤديه لخدمة المشروع الاستعماري”.

ومع الأسف نعيش اليوم ما تنبأ به الصحفي والكاتب الكبير هيكل بما نراه ونشاهده من دور وظيفي لدول الخليج في اليمن بتلقي الأوامر بالريموت من واشنطن وتنفيذها، لا تحكمها أي اعتبارات لا تاريخية ولا دينية ولا عربية ولا إنسانية وليست دول استعمارية قادرة على أن تحتل وتفرض سيطرتها وإنما هي خادمة للاستعمار تعمل بأوامره وتخدم مصالحه.