لماذا يَكشِف ترامب الآن دراسة خطّةً لاغتِيال الرئيس الأسد؟
وهل “فكّرت” إيران فِعلًا باغتِيال السّفيرة الأمريكيّة في جنوب إفريقيا؟ وكيف لا نَستبعِد الأُولى ونَرى في الثّانية “فبركةً” مقصودةً لأهدافٍ خطيرة؟
بعد التّصريحات التي أدلى بها اليوم وكشَف فيها عن مُناقشته خطّةً لاغتِيال الرئيس السوري بشار الأسد، والتّهديدات التي وجّهها لإيران بردٍّ أكبر ألف مرّة إذا حاولت اغتِيال سفيرته في جنوب إفريقيا، بعد هذه التّصريحات، والتّهديدات، بات هذا الرّجل يحتاج إلى اقتِياده إلى أحد المُستشفيات المُتخصّصة لفَحص مدى سلامة قِواه العقليّة، لأنّه ربّما يُعاني من مرضٍ مَعروفٍ لدى الأطبّاء النّفسيين يُسمّى “الإسقاط”.
لا نَستغرِب أن يكون الرئيس ترامب قد طلب من أجهزة مُخابراته خطّةً لاغتِيال الرئيس الأسد، وأنّه ناقش هذه الخطّة مع مُساعديه وعارضه بشدّةٍ وزير دفاعه جيمس ماتيس الذي طرَده لاحقًا مثلما كشف اليوم في مُقابلةٍ مع “فوكس نيوز” محطّته المُفضّلة، لأنّه رجلٌ دمويٌّ فاشلٌ، يرى حبل مِشنقة السّقوط في الانتِخابات الوشيكة يقترب من عُنقه، حيثُ من المُتوقّع أن يُواجه قضايا خطيرة بعد خُروجه من البيت الأبيض قد ينتهي في حالِ خسارته خلف القُضبان، أُسوةً بمُعلّمه بنيامين نِتنياهو.
عندما نقول إنّه قد يُعاني من مرض “الإسقاط”، فإنّه يُريد بمُقتضاه أن يُلقي بتُهم الاغتِيال هذه على إيران، عندما سرّبت أجهزته تقريرًا إخباريًّا مُفبركًا إلى مجلّة “بوليتيكو” الأمريكيّة يقول بأنّ إيران درست من بين خِياراتٍ أخرى، اغتِيال السيّدة لانا ماركس، سفيرة الولايات المتحدة في جنوب إفريقيا، انتقامًا لاغتيال اللّواء قاسم سليماني رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وهذا لا يعني أنّ إيران بريئةٌ كُلِّيًّا من هذه التٍهمة، إنّما لأنّها لا يُمكن أن تُقدم عليها في هذا التّوقيت، فلماذا تذهب إيران إلى جنوب إفريقيا الدولة الصّديقة لها، وللعالم الإسلامي، من أجل اغتيال سفيرة أمريكيّة من بين 170 سفيرًا في العالم لأنّها كانت صديقة للرئيس ترامب فقط، فعندما أرادت الانتقام للحاجّ قاسم سليماني، الرّجل الثّاني فيها، أرسلت الصّواريخ علانيّةً لقصف قاعدة “عين الأسد” الأمريكيّة غرب العِراق، وحرّضت حُلفاءها لاستِصدار قانون عن البرلمان العِراقي بطرد جميع القوّات، والقواعد الأمريكيّة، في بلاده، وكان لها ما أرادت، فقد جرى تخفيض هذه القوّات إلى النّصف كخطوةٍ أُولى، والقواعد إلى ثلاثٍ بعد أن كانت 13 قاعدة.
اعترف ترامب بأنّه درس خطّةً لاغتِيال الأسد تَعكِس حالة الإحباط التي يعيشها بعد فشل تسع سنوات من الحرب أنفق فيها لوحده 90 مليار دولار من أجل تغيير نظامه، ذهبت جميعها وبإقرارٍ رسميٍّ منه أدراج الرّياح، ونجح الجيش العربي السوري في استِعادة أكثر مِن 80 بالمِئة من الأراضي السوريّة.
إنّها عقليّة ديكتاتوريّة مُستترة تعكس الغطرسة والعنصريّة والنّزعات الدمويّة التي لا تليق بدَولةٍ عُظمى تدّعي الديمقراطيّة، واحتِرام حُقوق الإنسان، وإدارة شُؤون العالم نحو الحرية والعدالة.
الرئيس ترامب يعيش ذروة التخبّط بسبب تراجع حُظوظه الانتخابيّة، وفشله في إدارة أزمة انتشار الكورونا، وبقاء جميع خُصومه في السّلطة وخاصّةً لرؤوساء الصين وسورية وكوريا الشماليّة وروسيا والمُرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بينما يستعدّ هو لحزم حقائبه والرّحيل مَهزومًا ومُهانًا مِن البيت الأبيض.
سياسة ضبط النّفس الإيرانيّة أفشلت كُل مُخطّطاته لإشعال فتيل الحرب، ولم يبق أمامه إلا 45 يومًا للإقدام على هذه المُغامرة، أو المُقامرة، التي يسعى إليها لكسب الانتخابات، ومثلما أسقطت الثورة الإيرانيّة الرئيس جيمي كارتر وحرمَته من ولايةٍ ثانيةٍ، قد تَفعل الشّيء نفسه للرئيس ترامب.. واللُه أعلم.
* إفتتاحية “رأي اليوم”