(موقع إذاعة “فرانس انتر-franceculture” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)

رحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإبرام “اتفاق تاريخي بين صديقين عظيمين” تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية.

فهذا هو صيف المفاجأة الدبلوماسية, فقد تم التوقيع بين دولة الامارات واسرائيل لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما.

ومن جانبه, وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا التوحيد القياسي الذي أعلنته واشنطن في 13 أغسطس بأنه “تاريخي”.

بعد مصر في العام 1978 والأردن في العام 1994، ستكون دولة الإمارات ثالث دولة عربية تحذو حذوهما, ولكن ما هي رهانات هذا التقارب الأول من نوعه من جانب دولة خليجية؟

تشكيل جبهة مشتركة ضد إيران :

إن الهدف الأول من هذا التقارب هو إبرام تحالف بين الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة ضد خصمهم المشترك والمتمثل في إيران الشيعية.

ففي 13 اغسطس, ومن على منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” سرعان ما أعرب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن حماسه بعد الإعلان عن هذا التطبيع، مؤكداً على “اتفاق سلام تاريخي” بين “صديقين كبيرين” للإدارة الأمريكية.

ومن السهل فهم هذا النص الفرعي: فالدول الثلاث تعلن في العراء أن لها عدواً مشتركاً في المنطقة, في حين لم ترتكب طهران أي خطأ، ومن جانبها, نددت الإدارة الإيرانية بـ “الغباء الاستراتيجي لإمارة أبو ظبي وتل أبيب، الذي سيعزز بلا شك محور المقاومة [ضد الدولة العبرية] في المنطقة”.

فالإمارات تعد بهذا الاتفاق الدبلوماسي مع إسرائيل، “فهي أولاً تشكل أقوى جبهة ممكنة ضد إيران”، حسب ما اوردته صحيفة لوموند.

إن القوة المتنامية للجمهورية الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لكونها تتحدى النظام الاستراتيجي الموالي للولايات المتحدة الذي ساد في المنطقة، يشكل مصدر قلق كبير لدولة الإمارات وإسرائيل، وهما شريكان رئيسيان للولايات المتحدة, فولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد معادٍ لنظام الإيراني مثل ترامب أو نتنياهو.

ويعتقد على نطاق واسع أنه هو الذي قرر في العام 2015 إرسال قوات إماراتية إلى اليمن كجزء من تحالف عربي عسكري تقوده السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في أواخر مارس من نفس العام.

ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، قدمت أبو ظبي خلال الصراع المميت – في هذا البلد الذي يعتبر الأفقر في المنطقة- بتزويد أسلحة غربية وبالأخص أسلحة فرنسية “دون أي رقابة” للميليشيات التي يشتبه في كونها ارتكبت جرائم حرب في اليمن.

يمكن أن تكون دول الخليج الأخرى مستوحاة من ذلك:

لماذا يعتبر الاعتراف الدبلوماسي الإماراتي قيّماً جداً بالنسبة إلى السلطة التنفيذية الإسرائيلية؟

لأن المراقبون يرون إنه يمكن أن يؤدي إلى فتح الطريق أمام دول خليجية أخرى بدءا بمملكة البحرين, وذلك وفقا لذات الصحيفة, ولكن الهدف الرئيسي هو استدراج السعودية في نهاية المطاف إلى التطبيع، كما كتب الصحفي أنتوني بيلانجير، في عموده الصادر في 14 أغسطس على فرانس إنتر.

يواصل أخصائي الجغرافيا السياسية, “لأن المملكة السعودية هي الأرض المقدسة للمسلمين, والأرض التي يقع فيه الحرمين الإسلاميين: مكة والمدينة, حيث سيكون الرمز هائلاً ونحن نعلم أن محمد بن سلمان لطالما أعرب عن مدى إعجابه بالنجاح الاقتصادي لدولة إسرائيل”.

إلا ان على السعودية ان تؤجل في معظمها، طبقا لما يراه عدد من المحللين نقلاً عن  وكالة فرانس برس ولا يرى يوئيل غوزانسكي، المتخصص الخليجي في جامعة تل أبيب، أن السعودية “تأخذ زمام المبادرة على الفور” بل “تنتظر رؤية ردود الفعل في الخليج والعالم العربي وإيران وتركيا”.

ويقول المستشار السابق لعدد من رؤساء الوزراء الإسرائيليين: “سيقررون بعد ذلك كيف ومتى وإلى أي مدى يفعلون ذلك، لكنني لا أعتقد أنهم سيمضون قدماً بشكل كامل كما فعلت دولة الإمارات”.

تأجيل خطط الضم الإسرائيلية:

فائدة أخرى طرحها ولي عهد دولة الإمارات، ربما تعمل على تهدئة روع الشارع الفلسطيني، والمتمثلة في التخلي عن ضم أجزاء من الضفة الغربية من قبل دولة إسرائيل.

وقال محمد بن زايد على حسابه على تويتر: “خلال مكالمة بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء نتنياهو، تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء أي ضم آخر للأراضي الفلسطينية”.

وبدا أن الرئيس ترامب كان يتحرك في البداية في نفس الاتجاه، حيث قال إن الخطة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية “تم التخلي عنها”, في حين قال رئيس بنيامين نتانياهو انه اذا “تم تأجيل خطة الضم فإننا لن نتخلى عنها, كما تحدث السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، الذي حضر المؤتمر الصحفي، ليؤكد من جديد أن المشروع “غير مستبعد بشكل نهائي”.

وعلى أية حال، فإن هذا هو الحد الأدنى من التنازل الإسرائيلي, لأن ضم جزء من الضفة الغربية، كجزء من “خطة السلام” للشرق الأوسط التي قدمتها إدارة الرئيس ترامب في نهاية يناير ورفضتها دولة فلسطين جملة وتفصيلاً، لم يتم تنفيذها بعد.

وقد فشل التأجيل المحتمل لهذا الضم، وفي حال حدوثه، فهو إخفاء لحقيقية أن القضية الفلسطينية التي تعد هي الخاسر الأكبر في هذا الاتفاق.

وقد ندد كل من السلطة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس والإسلاميين في  حركة حماس الذين يديرون قطاع غزة بصوت واحد بخيانة دولة الامارات للقضية الفلسطينية.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.