تأمل إسرائيل والإمارات في تحويل جزر اليمن النائية إلى مركز محوري لجمع المعلومات الاستخبارية
غالباً ما تكون نقطة اشتعال للتوترات بين الخصوم الدوليين ونقطة الاختناق الرئيسية لمعظم حركة النقل البحري في العالم، أصبحت المياه المحيطة باليمن جائزة يتباهى بها الكثير من أجهزة المخابرات الإقليمية.
بقلم: أحمد عبد الكريم
(موقع- mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي, ترجمة: نجاة نور- سبأ)
سقطرى، اليمن- في أعقاب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات في أغسطس المنصرم، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن تل أبيب مستعدة للقيام بدور نشط على نحو متزايد في الحرب على اليمن، وهي حرب تم إطلاقها من قبل الإمارات والمملكة العربية السعودية منذ أكثر من ست سنوات.
جزر اليمن الاستراتيجية، ولاسيما الأرخبيل قليل السكان الذي من ضمنة جزيرة سقطرى الواقعة عند مصب خليج عدن في واحدة من أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم والتي لها أهمية خاصة.
ففي كثير من الأحيان كانت نقطة ساخنة للتوترات بين إيران والولايات المتحدة واليمن والتحالف السعودي، ونقطة الاختناق الرئيسية لمعظم خطوط العبور البحري في العالم، أصبحت المياه المحيطة باليمن، ولاسيما جزيرة سقطرى جائزة يتباهى بها كثيراً في المنطقة لجهاز المخابرات والأمن.
والآن، تعمل كل من الإمارات وإسرائيل على إنشاء مراكز عسكرية واستخباراتية في سقطرى التي تقع على بعد 240 كيلومتراً شرق ساحل الصومال و 380 كيلومتراً جنوب شبه الجزيرة العربية.
وفقاً لمصدر يمني، أكملت الإمارات وإسرائيل بالفعل عمليات لوجستية لإنشاء قواعد لجمع المعلومات الاستخباراتية ومنشآت عسكرية جديدة في الجزيرة, نظراً لكون الوجود في سقطرى لن يسمح فقط للتحالف الجديد بتأسيس موطئ قدم ضد المعارضة اليمنية التي يقودها الحوثيون، ولكنه سيسمح له بمراقبة عُمان وإيران وباكستان والصين، التي أقامت في السنوات الأخيرة وجوداً في اليمن بالقرب من القرن الأفريقي.
وبحسب مصدر محلي في الجزيرة وصلت في الآونة الأخيرة سفينة إماراتية إلى سقطرى محملة بأفراد من الإمارات وإسرائيل وتنقل أسلحة ومعدات اتصال.
حتى قبل الإعلان عن اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، كان البلدان يرسلان وفوداً إلى جزيرة بريم، المعروفة ايضاً باسم مييون باللغة العربية، وهي جزيرة بركانية تقع في مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وفي سقطرى، أفاد سكان محليون بأن نفس الفريق الإماراتي الإسرائيلي وصل على متن طائرة إماراتية عدة مرات على مدار العام لفحص مواقع في منطقة مومي شرقي الجزيرة ومحلية قطنان على ساحلها الغربي.
قال عيسى سالم بن ياقوت السقطري، زعيم القبائل في الجزيرة، في بيان مؤخراً إن الإمارات جلبت إسرائيل إلى سقطرى وأن الجانبين بدآ بالفعل في بناء قواعد جديدة هناك, وبفزع شديد اشتكى السقطري من “سياسة القمع والتجويع والترويع التي تنتهجها الإمارات” ضد سكان الجزيرة.
وعكساً لسياسة إسرائيل في فلسطين، اتهم السقطري أيضاً القوات الإماراتية بتغيير التركيبة السكانية للجزيرة عن قصد من خلال إسكان الأجانب في الجزيرة بشكل جماعي.
لدى إسرائيل القليل من الأصدقاء في اليمن
إسرائيل بعيدة كل البعد عن الترحيب بوجودها في اليمن والدعم المحلي للقضية الفلسطينية يكاد يكون عالمياً.
سبق أن خرجت مظاهرات كبيرة في محافظات أبين وتعز وشبوة ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل وضد أي وجود إسرائيلي في اليمن.
في مطلع سبتمبر، عُقد اجتماع لكبار المسؤولين برئاسة رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين الدكتور عبد العزيز بن حبتور، أكد فيه المجلس دعمه لـ “إعداد الدعاوى القضائية, ليتم رفعها إلى المحاكم الدولية ضد وجود محتلين أجانب”.
جميع الأحزاب السياسية اليمنية، بما في ذلك القبائل المحلية المتحالفة مع التحالف الذي تقوده السعودية، ترفض بشدة وجود إسرائيل في سقطرى أو في أي مكان في اليمن وتحت أي مسمى، ومع ذلك فمن بين كل القوى السياسية اليمنية التي لا تعد ولا تحصى، من المرجح أن يكون الحوثيون هم الأكثر استعداداً لاتخاذ إجراءات استباقية ضد الطموحات الإسرائيلية في البلد.
أفادت مصادر في جماعة أنصار الله، الجناح السياسي للحوثيين، أنه يجري بالفعل وضع خطط لاستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة لتدمير أي منشآت استخبارية وعسكرية تابعة لإسرائيل والإمارات على الاراضي اليمينة.
وقال مسئولون في محافظة المهرة الواقعة في أقصى شرق اليمن لموقع Mint Press إن التعاون الأمني بين الإمارات وإسرائيل يحظى بدعم السعودية بشكل نشط ويهدف إلى مساعدة التحالف الذي تقوده السعودية على تنفيذ هدفه الطويل الأمد المتمثل في إحكام السيطرة على المحافظة من خلال إنشاء مجمع للمخابرات على الأرض.
كما أن عمليات جمع المعلومات الاستخبارية في سقطرى ستضع عمان المجاورة تحت الرادار الإماراتي والإسرائيلي.
تتمتع عمان بحدود طويلة وعلاقات متينة مع اليمن، الأمر الذي يثير استياء السعودية والإمارات على حد سواء، كما أنها تتمتع بعلاقات ودية مع إيران، الخصم اللدود للسعودية، وهي علاقة يسعى التحالف إلى تقويضها.
كانت سقطرى هدفاً تطمع فيه الإمارات وإسرائيل منذ سنوات, استولت الجماعة المسلحة الانفصالية المدعومة من الإمارات، المجلس الانتقالي الجنوبي، بالفعل على سقطرى وأقامت علاقة سرية مع إسرائيل بعد محادثات مع مسؤولين في تل أبيب برعاية الإمارات.
في الواقع، سيطرت دولة الإمارات على أرخبيل الجزيرة منذ عام 2018, وقد قامت بالفعل ببناء قواعد عسكرية، وشبكات اتصالات، واستخدمت ثروتها النفطية الكبيرة لشراء آلاف الهكتارات من الأراضي الخاصة من السكان المحليين.
الاتصال الصيني
إن إنشاء مرفق مركزي قوي لجمع المعلومات الاستخبارية في الجزر اليمنية ليس له آثار محلية وإقليمية فحسب، بل يمثل بدعم من الولايات المتحدة محاولة جريئة للسيطرة الجيوسياسية والاستراتيجية لإسرائيل في المنطقة ويمكن أن تجني ثمارها الولايات المتحدة والمحور الإسرائيلي جنباً إلى جنب مع حلفائه العرب الخليجيين الحديثين.
الرادارات الإسرائيلية والإماراتية في سقطرى، الواقعة عند مدخل أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم، لا يمكنها فقط فحص حركة المرور البحرية والجوية في المنطقة، بل يمكنها أيضاً مساعدة إسرائيل، الحليف القوي للهند على مراقبة باكستان التي له وجهة نظر معادية لإسرائيل وتعارض بشدة التطبيع.
يمكن لكل من الإمارات وإسرائيل – والأهم من ذلك الولايات المتحدة – أن تراقب عن كثب ميناء جوادر في باكستان الذي لا يزال قيد التطوير, و”جوهرة التاج” في مبادرة الحزام والطريق الصينية، بمجرد اكتماله، من المقرر أن يتنافس الميناء مباشرة مع دبي وسيسمح للصين بتصدير البضائع إذا قررت الولايات المتحدة منع الصين من الوصول إلى مضيق ملقا.
يشعر اليمنيون بالقلق من أن وجود إسرائيل في سقطرى لا يمكن أن يشكل خطراً أمنياً فحسب، بل قد يقوض أيضاً جهود الصين لتطوير الاقتصاد اليمني في إطار مبادرة الحزام والطريق.
يدعم كل من اليمن والصين إدراج اليمن في مبادرة الحزام والطريق, حيث صرح المسؤولون الصينيون بأنهم على استعداد للمشاركة في إعادة الإعمار الاقتصادي لليمن، ويعمل المسؤولون في صنعاء بجد للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، إذ يأملون في أن تقدم فرصة لإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها ست سنوات من الحرب والعزل السعودي لليمن.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.