مصطفى محمّد علي*

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، أن اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات سيتم تسميته “الاتفاق الإبراهيمي”.

من جانبه أشار السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، إلى أن الاتفاق الابراهيمي جاء تيمنا بـ “أبو الديانات الكبيرة كلها !!!”.

وقال: “لا يوجد شخص يرمز بشكل أفضل إلى إمكانية وحدة هذه الديانات الثلاثة العظيمة أكثر منه (إبراهيم عليه السلام).

فما هي الإبراهيمية ؟ ولماذا هذا الوصف بالذات؟؟؟

باختصار … هي بوتقة لصهر الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام واليهودية والمسيحية، لينتج عنها ديانة جديدة يدعو إليها بنو صهيون، يزعمون أنه من خلالها يعم السلام، والأخوة الإنسانية والمشترك الديني، وذلك من خلال جمع نقاط الاشتراك بين الديانات الثلاث وتنحية النقاط المختلف فيها جانبا.

وبالطبع ستكون نقاط الالتقاء على اليهودية فقط، حيث أن المسلمين يعترفون بالديانات الثلاثة، بينما النصارى يعترفون باليهودية والمسيحية فقط، أما اليهود فلا يعترفون إلا باليهودية.

لذا فلن تكون نقاط اتفاق إلا ما وجد في اليهودية.

وقد بدأ التخطيط لهذا المشروع عام ١٩٩٠، وبدأ تنفيذه عام ٢٠٠٠، وبدأت مأسسته داخل وزارة الخارجية الأمريكية عام ٢٠١٣م.

آليات التنفيذ:

أولا : استغلال إسم سيدنا إبراهيم عليه السلام، باعتبار أن ذكره يحمل القبول والقدسية والتقارب، ويمثل المشترك بين الأديان، ومن هنا كانت التسمية ” الإبراهيمية “.

ثانيا : الجمع بين رجال الدين والسياسة (أصحاب القبول والتأثير في الشعوب) ليعملوا معًا لوضع المتفق عليه دينيًّا على الأرض، وترجمته سياسيًّا لحل الصراعات المتشابكة ، ووضع خريطة جديدة لإعطاء “أصحاب الحق الأصلي” حقهم في الخريطة الجديدة.

ثالثا : وضع ميثاق ، كبديل عن المقدسات السماوية، يحوي المشترك بين الأديان، ويكون له وحده القدسية، دون سائر الأديان والمقدسات.

رابعا : يتم تكوين مجموعات تنظيمية يطلق عليها “أسر السلام”، تنتشر بكافة الدول والمجتمعات التي تعاني من نزاعات دينية قائمة، ليتم حلها بتطبيق الميثاق الإبراهيمي المشترك.

خامسا : ترديد ألفاظ تتعود عليها الشعوب، ويتم إضفاء قدسية عليها، مثل : (الاتفاق الإبراهيمي – القدس المدينة الإبراهيمية – الميثاق الإبرهيمي – …) لتتعود عليها الشعوب وتصبح مسميات مقدسة عندهم، وبالتالي مع الوقت تجريم من يرفضها أو يعترض عليها.

سادسا : إيجاد شعائر تعبدية جديدة يجتمع عليها أصحاب الأديان الثلاثة.

سابعا : العمل على جذب المريدين وحل مشاكلهم المادية، خاصة في الدول الفقيرة، لضمان ولاءهم للفكرة.

إجراءات على الأرض:

1 – مؤتمر دافوس، الذي عُقدت على هامشه لجنة المائة التي تهدف بدورها إلى الوصول للمشترك الإبراهيمي، والتقارب بين القيادات الروحية والسياسية وتوفير سبل الدعم الممكن.

2 – قامت الولايات المتحدة عام 2013، بإنشاء فريق عمل حول الدين والسياسة في وزارة الخارجية بقرار من “هيلاري كلينتون”، يضم 100 عضو نصفهم رجال دين من الديانات الثلاثة، يعملون جنبًا إلى جنب مع الدبلوماسيين بالوزارة، ولا يزال هذا الفريق قائمًا في ظل إدارة “ترامب”.

3 – تزكية الصراعات الدينية القائمة على الأرض بين أنصار الدين الواحد، وأهمها الصراع السني-الشيعي، فهو الممهد لقبول هذا الفكر باعتبار أن سلوك أتباع الدين الواحد هو دليل على غياب التسامح داخل هذا الدين، وهو ما سينفر أتباعه، وسيجعلهم يقبلون بالمشترك الإبراهيمي.

4 – التواصل مع الشباب، باعتبارهم أساس الحركة المجتمعية، وهم المستقبل، على أن يتم تدريبهم مع غيرهم من أتباع الأديان الإبراهيمية، والوصول إلى طقوس دينية جديدة مستحدثة بين الأديان الثلاثة للبدء في إقناع مجتمعاتهم بتطبيقها بالفعل داخل دور العبادة.

5 – انتشار الجمعيات النسائية، باعتبارها أهم سبل تحرير المرأة بالمنطقة، خاصة التي تعاني من تهميش اقتصادي، حيث تحتل المرأة مكانة مهمة داخل هذا الفكر لأنها أساس الأسرة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط.

6 – قامت الخارجية الأمريكية بإنشاء “شبكة الشبكات” والذي يتضمن (القادة الروحيين – أسر السلام – مراكز الفكر الإبراهيمية – …) لنشر الفكرة بين المجتمعات المختلفة، مثل :

– قامت أسر السلام بإزالة الألغام من منطقة غور الأردن تحت شعار السلام العالمي.
– قامت جامعة فرجينيا بإنشاء مركز الدراسات الإبراهيمية.

– جمعيات دعم الحوار الإبراهيمي والشعائري، التي أنشأها ” توني بلير ” رئيس الوزراء البريطاني السابق، في أفريقيا والشرق الأوسط، والذي يعمل على خلق شعائر مشتركة بين الأديان الثلاثة، مثل صلاة الكورونا التي أقيمت مؤخرا، والتي دعا إليها السيسي، والتي شارك فيها أصحاب الديانات الثلاثة.

– حاولت منظمة الأونروا فور وصول “ترامب” إلى السلطة حذف عبارة “القدس عاصمة فلسطين” من المقررات الدراسية للصف الأول إلى الرابع الابتدائي بمدارسها لتحل محلها عبارة “القدس المدينة الإبراهيمية”، كمحاولة لتغيير وتغييب هوية الأطفال خلال مرحلة التشكيل ليكونوا نواة التطبيق للمخطط المستقبلي، وتمهيدا لزرع مفهوم الإبراهيمية .

كل هذه وغيرها من الإجراءات حدثت وتحدث وستحدث، لتنفيذ خطة صهر الأديان وإهدار المقدّسات، وفرض السيطرة لدين جديد، يكرّس لسيطرة اليهود على المسار المزعوم ” المسار الإبراهيمي” والذي عند مراجعته ستجدون أنه ما هو إلا خريطة إسرائيل الكبرى التي يحلم بها اليهود.

ولكن حجر العثرة أمام هذا المخطط، هو الشعوب ومدى وعيها ويقظتها للمؤامرات التي تُحاك لها ولدينها.
فبعدما سيطر اليهود على كل زعماء العرب، والذين لا يعبدون إلا كراسيهم، إلا أنه من أفسد خطة الأونروا لزرع لفظ ” القدس المدينة الإبراهيمية” هو الشعب المقدسي العظيم الذي انتبه لهذه المؤامرة، وأجبر الأونروا على الخضوع والعودة إلى مسمّى القدس، لذا بدأت حرب إباده ممنهجة للتيار الإسلامي في جميع الدول، لإخلاء الطريق لتغييب الوعي والتطبيق الكامل لهذا المشروع.

دور الشعوب المسلمة لإفساد المخطط:

١ – فضح تفاصيل هذا المخطط وإطلاع الشعوب عليه، ونشر الوعي بين الناس.

٢ – إحياء تاريخ القضية الفلسطينية في نفوس الأجيال الصاعدة، وتنبيههم لما يحاك لهم من تغييب حقيقة الصراع بين دول الشرق الأوسط والكيان الصهيوني وداعميه.

٣ – خلق روح الرفض والمقاومة داخل الشعوب للإجراءات التي يحاول الكيان الصهيوني فرضها كأمر واقع، من خلال حكام الدول الإسلامية، مثل التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي، وما يلحق بها من دول أخرى مثل السودان والبحرين والسعودية وغيرها.

وطالما وجدت في هذه الأمّة شعوب واعية، تنافح عن دينها ومقدّساتها، فلن يستطيع هؤلاء تنفيذ مخططاتهم ونزع الإسلام من القلوب المسلمة.

* المصدر : موقع إضاءات الإخباري