بعد تعقيدات الأوضاع على الأرض… هل بات السلام بعيدا عن اليمن؟
السياسية – رصد:
كشفت الاشتباكات الأخيرة بين قوات الشرعية اليمنية والانتقالي في أبين وشبوة، إضافة إلى الجبهات المشتعلة مع أنصار الله حجم التعقيدات في المشهد اليمني داخليا وخارجيا.. ما الذي ستؤول إليه الأمور.. توافقات جديدة أم تصعيد؟
استحالة الحلول العسكرية
قال القيادي في الحراك الجنوبي باليمن عبد العزيز قاسم، “عند الحديث عن الخيارات الاستراتيجية للتحالف وبشكل خاص السعودية تجاه الحرب في اليمن خلال الفترة القادمة، لابد من أخذ الظروف الخارجية الإقليمية المرتبطة باليمن وتأثيراتها العميقة على المنطقة برمتها وليس على اليمن فحسب”.
وأضاف لـ”سبوتنيك”، “أن ما جرى من إقالات للقيادات في التحالف جاء نتيجة الارتباك والفشل في إدارة ملف الحرب رغم كل الامكانيات العسكرية والسياسية والمالية والإعلامية والدعم الأممي لجهود التحالف، ومع ذلك لم يتحقق نجاح يرتقي لأدنى مستوى الدعم والإمكانيات وبالنظر إلى جوهر ومضمون هذه الإجراءات يمكن وصفها بالمتأخرة، ومن جهة أخرى وإذا قمنا بالمراجعة الشاملة للملف اليمني لإيجاد خيارات وبدائل أخرى، نجد أنفسنا أمام حقيقة مفادها أن أي سيناريوهات قادمة من جانب التحالف هى تحصيل حاصل فقد استخدمت كل الوسائل بما فيها الحسم العسكري والسياسي، ويبدو المشهد معقد إلى حد كبير، يستحيل القول معه بإمكانية اللجوء للحسم العسكري”.
خيارات صعبة
وأشار القيادي بالحراك إلى أن “السعودية أمام خيارات صعبة أحلاها مر، وفي ذات الوقت لديها خيار عبر الاتجاه جنوب اليمن لتعزيز سلطة الشرعية وإيجاد حالة من التوافق بين الانتقالي والحكومة الشرعية، وهو ما يلوح في الأفق من خلال لقاءات الانتقالي بالحكومة، عبر هذا يمكن للسعودية تحقيق جزءا من فرض شروط سياسية في تسوية شاملة مع الحوثيين تضمن عدم تهديد السعودية، رغم أن الاحتمال ضئيل في صمود التوافق بين الانتقالي وما يسمى بالحكومة الشرعية لاختلاف الأجندات والأهداف تبعا لكل طرف”.
غياب الاستراتيجية
وتابع، “أمام هذا الوضع المتردي والمتدهور على صعد مختلفة ونتائجه ومآلاته القادمة، لا يمكن منطقيا تحميله لجهة واحدة بل ثمة عوامل كثيرة أنتجت هذا الكم الهائل من الأزمات والفشل منها ما يتعلق بغياب الاستراتيجية والمشروع الواضح لدى السعودية، باعتمادها على الثقل المالي دون رقابة ودراسة طبيعة القوى وأهدافها التي يصب هذا الدعم لصالح مشروعها الخاص، وشيء آخر من أسباب الفشل تعاطي السعودية مع دوائر اجتماعية مغلقة تقليدية، باستراتيجية بالية عفى عليها الزمن وتغييبها للقوى السياسية والعسكرية التي تمتلك الخبرات والكفاءة العلمية، ناهيك عن غياب التناغم العملياتي العسكري والسياسي والإعلامي بين التحالف والقوى المنضوية في إطاره، كما كان التحالف عامل مساعد للحوثيين فضلا عن تردي الأوضاع في المحافظات الجنوبية وبروز مواجهات وصدامات عسكرية بينها، يمكن هنا أن نجزم أن الصعوبات جمة ولا يمكن حلحلتها إلا في تعزيز دور الحكومة الشرعية وفق اتفاق صارم يحدد الحل النهائي للقضية الجنوبية أولا كخط مستقبلي والشروع في تنفيذ الجوانب الأخرى، لأن الإخفاق الذي حدث في صنعاء كان نتيجة تمسك الشرعية بتنفيذ الجانب العسكري وهو نفسه الذي يدور في عدن الآن، وكان الأولى البدء بتنفيذ الجانب السياسي باعتباره سببا وليس نتيجة”.
أفق مغلق
من جانبه قال رئيس مركز جهود للدراسات باليمن عبد الستار الشميري، إن “الوضع السياسي والعسكري مغلق الأفق تماما في اليمن، وما يقوم به المبعوث الأممي من تقديم إحاطات أو توضيحات هى إجراءات روتينية يقوم بها غريفيث لضمان بقائه، لأن الوضع في اليمن أصبح معقدا أكثر مما كان في بداية الحرب”.
وأضاف رئيس مركز جهود لـ”سبوتنيك”: “الحوثيون اليوم ينازعون الشرعية على أهم معاقلها وهى مأرب، والاشتباكات جارية وهناك تقدم طفيف لهم، وسقوط مأرب بيد الشمال أو بقائها تحت نيران الحوثيين يعني أن الأمور عادت إلى مربعها الأول، ولكي تحافظ الشرعية على مأرب التي تعد أهم مراكز الثروة والنفط، هذا الأمر يجعل من الحرب معركة مفتوحة على كل الاحتمالات وتجعل التحالف العربي وكأنه بدأ بعاصفة الحزم من جديد”.
العودة للمربع الأول
وأكد الشميري أن جولات وتحركات المبعوث الأممي لا تقدم ولا تأخر وتستخدمه الأطراف كورقة يبثون من خلاله ما يريدون من الرسائل، والمشهد اليمني يمكننا أن نقول أنه عاد في الشمال إلى المربع الأول، أما الجنوب فيمكننا القول أنه طوق نفسه بحماية كبيرة.
وأوضح رئيس مركز جهود أن الجنوب اليمني بعد اتفاق الرياض سوف يشهد حلحلة في بعض المناطق وستكون هناك مناوشات بينية قد تستمر لأشهر وسوف تتم عمليات إعمار وسيكون هناك شبة استقرار، وستكون المحافظات الجنوبية ملاذ آمن لكل اليمنيين، نتيجة الدعم الإقليمي وبشكل خاص من السعودية والإمارات، وسيمسك المجلس الانتقالي الأمور بقبضته مع إتاحة شىء من الشراكة على ضوء اتفاق الرياض لأنه أصبح بالفعل الرقم الصعب جنوبا.
وتابع: “أما شمالا فسوف تظل المعارك مضطربة كما هى عليه الآن، وسيظل الحوثيون يطمحون في مأرب حتى يسجلوا نقطة اللاعودة، لأنهم إن سيطروا على مأرب سيكونون قد أطبقوا قبضتهم وتكون الشرعية ملزمة بمواصلة الحرب لمدة ست أو سبع سنوات على الأقل أو التسليم بوجود الحوثي كقوة عسكرية والرضا بالواقع، كما يمكن للشرعية فتح جبهة مناوئة وهى جبهة الحديدة المطوقة باتفاق أممي”.
استهداف الجنوب
من جانبه حذر المحلل السياسي اليمني الدكتور علي الزامكي من استهداف الحاضنة الشعبية الجنوبية من الداخل والتي تشكل الرصيد الوطني العظيم من الداخل عبر التجويع والتركيع، والذي يعد أحد أدوات التمزيق والتدمير الداخلي، وهو عمل مخطط له من داخل فنادق الخارج.
ودعا عبر عدد من الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي الجنوبيين إلى التوحد حول الجنوب وعدم التفريط فيه أو المقايضة عليه، فكل ما ترونه منذ اتفاق الرياض الأول حتى إعلان المجلس تعليق مشاركته، إنما هو اختبار حقيقي لوحدتكم الداخلية الجنوبية ودراسة مدى قدرة عامل الزمن على إنتاج بيئة جنوبية صالحة لتمزيقكم من الداخل إلى جماعات وأفراد متناحرة متنافرة و تيار “العيسي” كان نقطة انطلاق ذلك المشروع الخارجي.
نهايات متشابهة
وأشار الزامكي إلى أن “استمرار الحرب طويلا بتلك العقلية التي نشاهدها في شقرة سوف تؤدي إلى انهيار تام للمناطق المؤيدة لدول التحالف وسوف تتحول إلى ردة فعل قوية من داخل المناطق المحررة ضد التحالف، وسوف يستغلها الحوثي ضد التحالف وسيكون مصير المملكة كمصير عفاش”.
وأوضح الزامكي أنه “إذا تجاهلت الشرعية المطالب الحقيقية المرتبطة بالخدمات العامة للناس و المرتبات في مناطق الجنوب والتي طرحها المجلس في بيان تعليق المشاركة، هنا يتوجب على المجلس الانتقالي العودة إلى ممارسة عمل الإدارة الذاتية في الجنوب”.
وأكد الزامكي أن “استمرار الحرب في أبين سوف يؤدي إلى تنامي القاعدة و الدواعش والإرهاب، لكن تقسيم الجنوب عبر أدوات الإرهاب لن ينجح، ومن يعتقد أن الإرهاب سوف يشغل أبناء المثلث “عدن – لحج – أبين” في الحرب مع الإرهاب لتحقيق التقسيم فإنه كالذي يشعل النار فوق جسمه، وإن استعادة شبوة إلى عدن سوف يؤدي إلى اسقاط مشروع التقسيم القائم على تكديس القاعدة والإرهاب في أبين، واستعادة شقرة حتى تخوم شبوة ستكون نقطة الانطلاق لاستعادة شبوة، وهذه من الأولويات الوطنية الجنوبية، وإن لم يحدث هذا فالمخرج الأجنبي للحرب يرغب في استمرارها في أبين، وتهيئة الأرضية لتنامي القاعدة والدواعش ليجد مبرر وحجة للتدخل العسكري تحت مبرر ملاحقة الإرهاب وخلق الفوضى في ظل الحرب العبثية”.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
وبالمقابل تنفذ جماعة “أنصار الله” هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
* المصدر : موقع وكالة سبوتنيك عربي
* المادة تم نقلها حرفيا من الموقع ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع