بجهود إماراتية.. هل يتحول اليمن إلى مركز للاستخبارات الإسرائيلية؟
السياسية – رصد :
يوسف حمود*
– منذ متى تسيطر القوات الموالية للانتقالي على سقطرى؟
منذ يونيو 2020.
– ما الخطوات التي بدأت بها الإمارات في سقطرى؟
إنشاء قاعدة عسكرية.
– ما أهمية باب المندب القريب من سقطرى؟
ممر حيوي لشحنات نفط دول الخليج، وأحد الطرق البحرية الأكثر نشاطاً في العالم.
بعد أن أصبحت علاقاتها مع “إسرائيل” رسمية وعلينة استخدمت الإمارات قوتها وتغلغلها في المنطقة لتوسيع تلك العلاقات ولو على حساب دولٍ أخرى، كما يجري مؤخراً في اليمن.
ويبدو أن هدف دخول الإمارات ضمن تحالف عسكري لليمن تقوده السعودية لم يكن استجابة للحكومة الشرعية هناك، بل للسيطرة على الموانئ والسواحل وفرض سيطرتها الكاملة عبر مليشيات تدين لها بالولاء، وهو ما أثبتته 6 سنوات من الحرب حتى اليوم.
ولم يكن خافياً ما تقوم به الإمارات من تحركات لنشر قواعد عسكرية واستخبارية في اليمن، لكن إعلان علاقتها الأخيرة مع “إسرائيل” يطرح تساؤلات حول ما إن كان اليمن، الذي يملك موقعاً استراتيجياً مهماً، سيتحول إلى مركز للاستخبارات الإسرائيلية بمباركة إماراتية، وسط غيابٍ كلي لحكومة البلاد التي تعيش في الرياض.
قاعدة ومرافق استخبارية
مؤخراً كشفت منظمة دولية، أواخر أغسطس 2020، عن إنشاء الإمارات و”إسرائيل” بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية في جزيرة سقطرى اليمنية، التي يسيطر عليها “الانتقالي” الموالي لها منذ يونيو 2020.
وقالت منظمة “ساوث فرونت” الأمريكية إنها حصلت على معلومات من مصادر عربية وفرنسية تفيد بأن “إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة ستنشئان بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية.
وذكرت في تقرير لها أن أبوظبي “نجحت في تحويل جزيرة سقطرى إلى مركزها، وستحظى بكل الفرص لتحويل ميزان القوى لصالحها إلى أبعد من ذلك”.
كما كشفت قناة “الجزيرة الإخبارية”، في 29 أغسطس 2020، عن نقل الإمارات خبراء عسكريين من جنسيات أوروبية وضباطاً إماراتيين إلى جزيرة أرخبيل سقطرى اليمنية.
ونقلت القناة عن مصادر قولها إن طائرة تابعة لشركة إماراتية خاصة سيَّرت أربع رحلات إلى جزيرة سقطرى، مشيرة إلى أن الإمارات تعمل على بناء قاعدة عسكرية غربي سقطرى تشرف على موقع استراتيجي.
وجاءت هذه الأنباء بعد نحو أسبوعين فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 13 أغسطس 2020، توصل “إسرائيل” والإمارات إلى اتفاق لإقامة علاقات رسمية بينهما، كان المجلس الانتقالي الجنوبي الممول من أبوظبي من أوائل المرحبين به.
إنهيار الدولة اليمنية
لم يستبعد الباحث في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية سيف مثنى، إقامة القاعدة العسكرية ووجود استخبارات إسرائيلية في اليمن، مرجعاً ذلك إلى “انهيار الدولة اليمنية وعدم الاستقرار في البلاد”.
وأكد أن ذلك الانهيار الذي شهدته حكومة اليمن “مهد الطريق للإمارات لتحول اليمن إلى ثكنات عسكرية، وتسهيل أي شيء يخص الحرب الجيوسياسية، خاصة في سقطرى”.
ويرجح في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن القاعدة العسكرية المزمع إقامتها “ستكون بالقرب من مركز سقطرى، وستعمل في الخطوط الأمامية”، مشيراً إلى أن حجة وجود “إسرائيل” هي مراقبة قوات الحوثيين، خاصة مع التهديدات الحوثية المستمرة لقصف “إسرائيل”، سواء عن طريق سوريا أو لبنان، وأيضاً تراقب التحركات البحرية الإيرانية في المنطقة.
ويشير إلى أن وجود الاستخبارات الإسرائيلية في اليمن “يهدف إلى تحليل الحركة البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر، خاصة بعد أن استأجرت قيادة التحالف ميناء في إرتريا لتعزيز لوجستياتها وقاعدة عملياتها”.
كما يعتقد أن لجوء الإمارات لإقامة قاعدة عسكرية والاستعانة بخبرات إسرائيلية وأوروبية “لتكون مقابل القاعدة التركية في القرن الأفريقي، خاصة مع التوترات الأخيرة بين الأخيرين”.
تقارب مكشوف وتخطيط مسبق
عقب إعلان اتفاق التطبيع الإماراتي “الإسرائيلي” سارع المجلس الانتقالي لإعلانه تأييد تلك الخطوة، الذي قال إن اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل “يعد قراراً شجاعاً من قائد حكيم”، في إشارة إلى ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
ويبدو أن وسائل الإعلام العبرية مهتمة بشكل كبير بما يدور في جنوب اليمن، فقد نشرت صحيفة إسرائيلية تقريراً قالت فيه: “خلف الأبواب أُعلِنَ قيام دولة جديدة في الشرق الأوسط، ليس هذا فحسب إنما ستكون الصديقَ السريَّ الجديد لإسرائيل”.
وكان هذا ما ورد في تقرير نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، في 23 يونيو 2020، تحدَّث عن “قيام دولة جديدة في جنوب اليمن ستكون مدينة عدن عاصمتها”، وأشار إلى أن “قيادتها تغازل الدولة العبرية بمشاعر ودية وموقف إيجابي”.
ولعل الحديث عن القاعدة العسكرية كان مبكراً، بعدما نقلت قناة “بلقيس” اليمنية، في 5 يوليو 2020، عن مصادر قولها إن أبوظبي شرعت في إنشاء قاعدة عسكرية بجزيرة سقطرى، مشيرة إلى أن الموقع يعد من أهم المواقع الجبلية الاستطلاعية المطلة على البحر، وسيستحدث كموقع عسكري لأول مرة.
وفي 1 يوليو 2020، أعلنت قوات الانتقالي في سقطرى استحداث معسكر خاص بمراقبة الحركة البحرية في الخليج الهندي في جزيرة سقطرى.
حلم “إسرائيلي” قديم
ويؤكد رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، محمد عبد السلام، أن حلم “إسرائيل” بالوجود الدائم في باب المندب والقرن الأفريقي قديم، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال وجدت من حرب الحوثيين في اليمن “فرصة في الوجود الإماراتي لتحقيق الحلم”.
واتهم في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أبوظبي بالسعي “لإثبات جدية تحالفها وتطبيع علاقتها مع إسرائيل من خلال دعم طموح تل أبيب في البحر الأحمر والمحيط الهندي”.
ويرى أن تأكيد وصول خبراء إماراتيين وإسرائيليين إلى جزيرة سقطرى لدراسة مواقع في الجزيرة لعمل قواعد عسكرية دائمة “يشير إلى أن الإمارات استخدمت حرب اليمن لتحقيق أهداف إقليمية لا علاقة لها بأهداف عاصفة الحزم التي جاءت لاستعادة الدولة في اليمن وإنهاء الانقلاب”.
وأضاف: “هذا الأمر يعطي أكثر من علامة استفهام على مجريات الحرب في اليمن والداعمين الرئيسيين للانقلاب، ومن خلال اعتراف قادة خليجيين بدعم الإمارات للحوثيين بملايين الدولارات للانقلاب على حكومة الوفاق (حكومة يمنية عام 2014) يمكن القول بأن جرجرة اليمن لحرب أهلية كان حجة للتدخل، ومن ثم تهيئة الظروف للسيطرة على مناطق استراتيجية مثل باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن”.
كما رأى أن الحوثيين “قدموا خدمات جليلة ومبررات للتدخلات الإقليمية التي تسببت بمحاولة إسرائيل للتواجد العسكري في اليمن”، متسائلاً في الوقت ذاته عن “موقف السعودية كقائدة للتحالف وشريكة للحكومة اليمنية من محاولات الإمارات وإسرائيل الهيمنة على باب المندب وسقطرى؟”.
باب المندب و”إسرائيل”
ويظهر اهتمام الإمارات بسيطرتها على مناطق محدودة باليمن من أجل بسط نفوذها على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، وعلى أهم ممر يربط البحر العربي بالأحمر وهو مضيق باب المندب، الذي يشرف على أهم الطرق الدولية التي تصل شرق العالم بغربه، والقريب أيضاً من جزيرة أرخبيل سقطرى.
وكان لافتاً اهتمام “إسرائيل” بمضيق باب المندب منذ وقتٍ مبكر، حيث سبق أن هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أغسطس 2018، أن إيران ستواجه بقوة ومن خلال تحالف عسكري دولي أي محاولات إيرانية لإغلاق مضيق باب المندب على البحر الأحمر عبر حلفائها الحوثيين في اليمن.
وأضاف: “إذا حاولت إيران إغلاق مضيق باب المندب فأنا متأكد من أنها ستجد نفسها في مواجهة تحالف دولي سيكون مصمماً على الحيلولة دون حدوث ذلك، وهذا التحالف سيشمل أيضاً كل الأفرع العسكرية لإسرائيل”.
ومضيق باب المندب الذي يفصل شبه جزيرة العرب عن القرن الأفريقي والبحر الأحمر عن بحر العرب ممر حيوي لشحنات نفط دول الخليج وأحد الطرق البحرية الأكثر نشاطاً في العالم.
* المصدر : الخليج أونلاين
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع