الإتفاق الإماراتي الصهيوني .. خيانة بامتياز
السياسية – محفوظ الفلاحي
في خطوة تعتبر بكل المقاييس خيانة مؤلمة للأمتين العربية والإسلامية ولقضيتهم الأولى ، القضية الفلسطينية ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توصل دويلة الإمارات والكيان الصهيوني إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما .
وازاء ذلك تبرز أمامنا الكثير من الأسئلة عن هذا الاتفاق من حيث توقيته قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الأمريكية ، وهل هناك تأثير لهذا الاتفاق على عملية السلام في المنطقة وعلى القضية الفلسطينية ؟ وهل الاتفاق طوق نجاة لنتنياهو وترامب وما هي المكاسب التي يمكن أن تحققها الإمارات من هذا الاتفاق؟ ومن الرابح والخاسر من تطبيع العلاقات بين الإمارات وإلكيان الصهيوني؟ وهل تحذو دول خليجية أخرى حذو الإمارات في إقامة علاقات مع هذا الكيان؟.
علاقات دبلوماسية كاملة:
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوم الخميس الـ13 من أغسطس الجاري الاتفاق بين اسرائيل والإمارات على إقامة علاقات رسمية بينهما ، وصدور بيان مشترك من ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يعلنون فيه عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الإمارات وإسرائيل وتبادل الاستثمارات بين البلدين وتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات التربية والتعليم والتجارة والسياحة والأمن ، مع الإشارة إلى “تجميد” خطة إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
ومن المقرر ان يلتقي في الأسابيع المقبلة وفدان من إسرائيل والإمارات لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار والسياحة والرحلات المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة ، إضافة إلى إنشاء سفارات متبادلة كما ستنضم البلدان إلى الولايات المتحدة في إطلاق “الأجندة الاستراتيجية للشرق الأوسط”، بحسب البيان المشترك.
الرئيس ترامب وصف هذه الخطوة بأنها اختراق تاريخي وتوقع مسؤولون أمريكيون أن تليها اتفاقات مماثلة بين إسرائيل ودول عربية ، ويأتي إعلان اتفاق التطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي، تتويجا لسلسلة طويلة من التعاون والتنسيق والتواصل وتبادل الزيارات بين البلدين.
ويمثل هذا ثالث اتفاق للتطبيع بين إسرائيل والدول العربية منذ إعلان دولة إسرائيل عام 1948، إذ كانت مصر قد وقعت أول اتفاق ثنائي مع إسرائيل عام 1979، تلتها الأردن عام 1994.
ردود الافعال:
كانت خارطة ردود الأفعال تجاه هذه الاتفاقية متوقعة سواء على الصعيد الإسلامي الرافض والمندد لهذا الاتفاق أو في الجانب الغربي المؤيد والداعم لإسرائيل والعربي المؤيد بحكم اتفاقاتهم المسبقة أو التي يتوقع أن تحذوا حذو الإمارات ، وقبل ذلك كان الموقف الفلسطيني الموحد والرافض بقوة لهذه الخطوة.
الموقف الفلسطيني:
في البداية يجب أن نقف على موقف صاحب الشأن وهو الجانب الفلسطيني الذي كان أول وأبرز الرافضين لهذا الاتفاق الذي قوبل بتنديد واسع من القيادة وفصائل بارزة ، مثل “فتح” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان “تعلن القيادة الفلسطينية رفضها واستنكارها الشديدين للإعلان الثلاثي الأمريكي، الإسرائيلي، الإماراتي، المفاجئ، مقابل إدعاء تعليق مؤقت لمخطط ضم الأراضي الفلسطينية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها”.
وأكد أبو ردينة أن الاتفاق “نسف المبادرة العربية للسلام”، وهو “خيانة للقدس والأقصى وقرارات القمم العربية والإسلامية والشرعية الدولية وعدوانا على الشعب الفلسطيني”.
وأضاف أن القيادة الفلسطينية تدعو الأشقاء العرب لعدم الرضوخ والاستسلام للإدارة الأمريكية ، وعدم السير على خطى الإمارات.
كما أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أنه ، بناء على تعليمات الرئيس عباس ، تم استدعاء السفير الفلسطيني من الإمارات وبشكل فوري.
وبدورها عبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” عن رفضها الاتفاق بين إسرائيل والإمارات ، وقال موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس إن “هذا الاتفاق هو “مكافأة للاحتلال الإسرائيلي ، وتشجيعاً له على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني”.
وقالت الحركة إن “المستفيد الوحيد من هذا الاتفاق هو العدو الإسرائيلي”، مضيفة أنه “سيشجع على ارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات بحق شعبنا ومقدساته”.
وأدانت الحركة كل شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، واعتبرته طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية.
بدورها شجبت حركة الجهاد الإسلامي بشدة هذا الاتفاق ، واعتبرت التطبيع “استسلاما وخنوعا ولن يغير من حقائق الصراع بل سيجعل الاحتلال أكثر إرهاباً “.
موقف إسلامي رافض :
تصدرت اليمن مواقف الدول الإسلامية الرافضة لهذه الخطوة ، فقد أكد المتحدث باسم الحكومة وزير الإعلام ضيف الله الشامي ، إن “إعلان العلاقات المباشرة بين الإمارات وكيان العدو الصهيوني وصمة عار يستنكرها كل من ما زال يحمل في عروقه دماء العروبة والحرية”.
ولفت الشامي إلى أن “البيان الأمريكي الصهيوني الإماراتي المشترك يعطي رسالة تحدٍ من قبل أعداء الأمة ضد كل المسلمين والأحرار في العالم، وهذا أمر مستنكر ومرفوض”.
بدوره قال عضو المجلس السياسي الأعلى ، محمد علي الحوثي ، أن ” الإعلان الإماراتي يؤكد أن الحروب التي تشارك فيها الإمارات أتت تنفيذاً للسياسات الأمريكية وأنها مفتعلة لتدمير علاقات الشعوب العربية”.
من جانبه يرى المتحدث باسم أنصار الله محمد عبدالسلام تعليقا على الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي ، أن ذكرى انتصار المقاومة تتزامن مع هرولة “منافقو العرب” للتطبيع مع “إسرائيل”، وقال عبدالسلام، في تغريدة له على “تويتر”، “تأتي ذكرى انتصار المقاومة، فيما يهرول منافقو العرب للتطبيع مع كيان مهزوم”.
ويؤكد عبد السلام، أنه “ثمة فرق بين من يحتفل بانتصار ومن يحتفل بهزيمة”، مشيراً إلى أن “هذه الحرب خرج منها “إسرائيل” والولايات المتحدة بهزيمة مذلة، في وقت يقوم منافقو العرب بالهرولة للتطبيع مع إسرائيل”.
وقال المتحدث باسم انصار الله ، إن “إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية ، ونحن في اليمن نُستهدف لأننا لم نتخلَّ عن فلسطين”، مشيراً إلى أن “السعودية لا تريد أن تظهر في البداية وإلا فهي راعية “صفقة القرن”، منوهاً إلى أن “السعودية والإمارات هما حلقة في سلسلة المشروع الصهيوني في المنطقة”.
إيران بدورها نددت بهذا الاتفاق ووصفه رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف في تغريدة على صفحته الشخصية على تويتر ، اتفاق الإمارات مع الكيان الصهيوني بأنه تسوية مذلة وخيانة لقيم الأمة الإسلامية والقضية الفلسطينية.
وقال : نحذر الخونة الحاليين ومن ينوي الانضمام إلى هذا المشروع من أن النضال ضد الكيان الصهيوني سيستمر بقوة.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن بيان لوزارة الخارجية الايرانية القول إن “الجمهورية الإسلامية تعتبر خطوة العار التي أقدمت عليها أبو ظبي لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني خطيرة”.
وأضاف البيان أن” التاريخ سيثبت أن هذا الخنجر الذي طعنت به الإمارات الشعب الفلسطيني وجميع المسلمين في الظهر سيؤدي إلى تعزيز قوة المقاومة وبلوغ الوحدة ضد الكيان الصهيوني والرجعية”.
ووصف الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي بأنه “غباء استراتيجي ولن يؤدي إلا إلى تقوية محور المقاومة”.
تركيا هى الاخرى نددت بالاتفاق واعتبرته “خيانة لحقوق الشعب الفلسطيني” وانتقد المتحدث باسم الرئاسة ، إبراهيم قالن، اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل. وقال في تغريدة على موقع تويتر: “إن التاريخ سيسجل هزيمة الأطراف التي خانت الشعب الفلسطيني وقضيته”.
وقالت وزارة الخارجية التركية إن “تاريخ وضمير شعوب المنطقة لن ينسى ولن يغفر سلوك الإمارات المنافق في إبرام الاتفاق مع إسرائيل”.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة ستدرس إمكانية سحب سفيرها من أبو ظبي ردا على اتفاق التطبيع المبرم بين الإمارات وإسرائيل.
وشدد أردوغان في كلمة ألقاها في مدينة اسطنبول على دعم تركيا المستمر للشعب الفلسطيني وتابع: “نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، لم ولن نترك فلسطين لقمة سائغة لأحد أبدا”.
واعتبرت تركيا أن “جهود الإمارات للقضاء على خطة السلام التي وضعتها جامعة الدول العربية بقيادة السعودية ، وبدعم من منظمة التعاون الإسلامي في عام 2002، مقلقة للغاية”.
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ايضاً رفض اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، ووصفه بـ”الخيانة العظمى”.
وقال الاتحاد، في بيان ، إن “اتفاق (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، و(ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد)، خيانة عظمى، ومكافأة كبرى لجرائم المحتلين الصهاينة بالقدس الشريف وبحق الفلسطينيين”.
وأضاف، أن الاتفاق ، الذي تضمن تعليق إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية ، بمثابة “اعتراف ضمني بحق إسرائيل في بسط سيادتها على الضفة المحتلة”.
وناشد الأمة الإسلامية بأن يكون لها “موقف حاسم من هذه التنازلات بالرفض والعمل على الحفاظ على قضيتنا الأولى وحقوق الفلسطينيين من خلال خطة استراتيجية”.
كما دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، الفلسطينيين إلى توحيد جهودهم للحفاظ على قضيتهم بكل ما هو متاح، وطالب جميع العلماء والمفكرين والسياسيين بالقيام بواجبهم تجاه القضية الفلسطينية.
وشدد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على أن الأمة لن تضعف عزيمتها بمثل هذه الخيانات التي هي غثاء كغثاء السيل ، فالحق هو الذي يبقى وينتصر بالنهاية.
ترحيب غربي مشروط:
رحبت الأمم المتحدة ودول غربية رئيسية على رأسها بريطانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا بالخطوة على أساس أن تعليق الضم المزمع لمناطق بالضفة الغربية “يجب أن يصبح إجراء نهائيا” وأن “استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بهدف إنشاء دولتين في إطار القانون الدولي والمعايير المتفق عليها، وهو الخيار الوحيد لإرساء سلام عادل ودائم في المنطقة”.
وأكدت على ضرورة التوصل إلى تسوية شاملة في الشرق الأوسط ، وأن يكمن عنصرها الرئيسي في حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية على أساس القاعدة القانونية الدولية المتفق عليها أممياً ، بما يشمل قرارات مجلس الأمن الدولي ومعاهدة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين الأساسي.
مواقف عربية مؤيدة:
وكما كان متوقعاً فقد جاء الترحيب العربي من دولتين فقط الأولى هي مصر التي سبق وأن وقعت اتفاقية مماثلة مع إسرائيل عام 1979 ، إذ قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تغريدة على تويتر ، أنه “يثمن جهود القائمين على هذا الاتفاق من أجل تحقيق الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط وإحلال السلام”.
والدولة الاخرى هى مملكة البحرين وهى الدولة التي من المتوقع أن تلحق بالإمارات إذ كشفت تقارير صحفية إسرائيلية نقلا عن مصادر مطلعة في واشنطن، إن مملكة البحرين ستقدم قريبا على هذه الخطوة وتطبع علاقاتها مع إسرائيل”.
أما بالنسبة للأردن وهي الدولة الثانية التي سبق وأن وقعت اتفاق تطبيع مع إسرائيل فقد شددت على ضرورة أن يكون هذه الاتفاق “مرتبطاً بما ستقوم به إسرائيل فإن تعاملت معه كحافز لإنهاء الاحتلال وتلبية حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 ستتقدم المنطقة نحو تحقيق السلام العادل، لكن إن لم تقم إسرائيل بذلك ستعمق الصراع الذي سينفجر تهديداً لأمن المنطقة برمتها”.
خطورة وأبعاد الاتفاق:
بعيداً عن المبررات الواهية والعبارات الجوفاء الذي ساقها المطبلون لهذا الاتفاق بإنه اختراق لحاجز الوهم واختراقاً سياسياً ونفسياً وأمنياً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط ، ومكسباً ملموساً للقضية الفلسطينية ، تبرز أسئلة كبيرة بهذا الشأن ليس فقط ما الذي حصلت عليه الإمارات إزاء هذا التنازل المجاني للكيان الصهيوني؟ فهل أنهى هذا الكيان الاحتلال للأراضي الفلسطينية والعربية؟ وهل حصلت على اعتراف الكيان الصهيوني بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ؟ وهل تراجع عن ضم القدس والجولان المحتلين؟.
إن الادعاء بأن الاتفاق بين تل أبيب وأبو ظبي هو سبب لتجميد الضم ، بينما العالم كله يعرف أن التجميد لا علاقة له ببطولات وهمية لحكام الإمارات ، بل بأزمة إسرائيلية داخلية لم يتمكن بنيامين نتنياهو وبني غانتس من حلها”.
والاتفاق الذي تمّ تقديمه كتعويض لحكومة بنيامين نتنياهو عن عدم السير قدما بإجراءات ضم الضفة ، وهو ما رفضه نتنياهو الذي قال إنه “أجّل” خطط الضم في الضفة الغربية، لكن تلك الخطط لا تزال مطروحة “على الطاولة”.
كما أضاف: ” لا يوجد تغيير في خطتي بفرض سيادتنا على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية ، أنا ملتزم بهذه الخطة ، وهذا أمر لم يتغير والمسألة لا تزال مطروحة على الطاولة” ويعلم نتنياهو أنه سيواجه برد فعل عنيف من داخل حزب الليكود الذي يقوده إذا تراجع علنا عن الضم.
كما أن خطوة الضم وبدون الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي تواجه شبه إجماع دولي على إدانتها بوصفها خرقاً للقانون الدولي وخطوة قد تقود إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وانهيار فرص السلام ، وقد تزامن هذا الرفض مع رسالة وقعها أكثر من 1000 برلماني أوروبي تثير “مخاوف جدية” بشأن المقترحات الإسرائيلية وتدعو إلى اتخاذ ردود مناسبة للتعامل معها في وقت دعت دول أوروبية إلى بحث إمكانية اتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية بحق إسرائيل في حال مضيها قدماً بهذه الخطوة.
يأتي هذا بينما أعلن مسؤولون أمريكيون أن البيت الأبيض لم يصل بعد إلى قرار نهائي بشأن موقفه من خطة الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة على الرغم من اجتماعات استمرت لثلاثة أيام لبحث الأمر ، مشيرين إلى أن واشنطن تريد استخدام إجراءات الضم المرتقبة كورقة ضغط على الفلسطينيين وأنها تشعر بالقلق من أن السماح لإسرائيل بالتحرك بسرعة كبيرة في هذه الإجراءات يمكن أن يبدد الآمال في جذب الفلسطينيين إلى محادثات حول خطة ترامب للسلام.
كما تمثل خطة الضم نقطة خلاف وانقسام في إسرائيل فشريك نتنياهو في الائتلاف الحكومي ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس كان قد صرح بأنه يعارض البدء بإجراءات الضم من جانب واحد ، مؤكداً أنه يريد على الأقل أن يضمن عدم معارضة العاهل الأردني الشديدة للخطة.
إن الهدف الحقيقي من الاتفاق هو تقديم الإمارات الحصة المطلوب منها تقديمها إلى حملة دونالد ترامب الانتخابية اليائسة ، ويقول مراقبون إن الصفقة تمثل دفعة دبلوماسية لترامب قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم التي تبدو صعبة بشكل متزايد ، ضد خصمه الديمقراطي جو بايدن ، وأشاروا إلى أن نتنياهو سيرحب بفوز دبلوماسي لترامب كحليف طويل الأمد في واشنطن، وكان نتنياهو قد قال في أكثر من مناسبة إن رئاسة ترامب للولايات المتحدة تعد فرصة تاريخية لن تعوض لإسرائيل.
وتمثل هذه الخطوة امتدادا لسياسة تطبيعيه تنتهجها أنظمة الخليج مع العدو الصهيوني بهدف تطويق الشعب الفلسطيني ، ومن ثم وضعه أمام خيار التكيف مع استمرار الاحتلال وإضفاء الشرعية عليه ما يؤدي إلى إهدار الحقوق الفلسطينية ، ويسقط حق العودة كما يشكل هذا الاتفاق ضوء أخضر لإسرائيل للاستمرار في بناء المستعمرات وسرقة الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس والمساس بالمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية والتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ما اسمته أبوظبي “اتفاق سلام تاريخي ” و”خطوة جريئة” واستعداد لـ”فتح سفارة” ما هو إلا نسف لكل فرص التسوية الحقيقية ، وفي مقدمتها المبادرة العربية وحل الدولتين.
فقد جسدت الصفقة ” معادلة ‘السلام مقابل السلام’ في مقابل معادلة ‘الأرض مقابل السلام’… التي كانت تربط التطبيع مع الأنظمة العربية بالتوصل إلى تسوية نهائية حول القضية الفلسطينية.
إلا أن اليمين الإسرائيلي ، وبلسان نتنياهو ، عمد إلى عكس طرح معسكر الانبطاح العربي أمام إسرائيل، بدعوته إلى التطبيع كمقدمة للتسوية.
ختاماً فإن الاتفاق الاماراتي الصهيوني يشكل تطوراً خطيراً خاصة أنه يعكس خروج الإمارات عن الإجماع العربي والإسلامي وضربها عرض الحائط بكل مقررات القمم العربية والإسلامية التي طالما أكدت رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني أو التوصل لأي اتفاقات سلام معه قبل حل القضية الفلسطينية حلا عادلاً وشاملاً بناءً على قرارات الشرعية الدولية.