عملية جيزان ونجران وعسير ومأرب
ناجي الزعبي *
تندرج العملية العسكرية التي نفذها الجيش واللجان الشعبية اليمنية في جيزان ونجران وعسير ومأرب في سياق الدفاع عن النفس والرد على العدوان الاميركي الصهيوني والرجعي العربي المستمر منذ ستة سنوات .
وهي معركة مفروضة على شعبنا اليمني منذ ستة سنوات ، فالعدوان مستمر والمجازر بحق المدنيين وتدمير البنى التحتية مستمر ولم يتوقف ، برغم التوقع عن قرب اعلان اتفاق سلام وبرغم الانذارات اليمنية المتكررة ، ولماذا يتوقف فالقاتل والمقتول ، والمال الممول عربي ، والمليارات تتدفق للخزائن الاميركية ، والامن الصهيوني مستمر .
اتت هذه العملية بعد توجيه اكثر من انذار للمعتدين وكنا ننتظر اتفاق سلام ، لكن المجازر السعودية نسفت كل المساعي للسلام اثر مجزرة حجة التي اتت العملية رد عليها وبالتزامن مع مجزرة تنومة بحق الحجاج كدليل على المخزون الوجداني بالذاكرة اليمنية التي لم تنسى دماء الابرياء وتثأر لهم ، ودليل على ان المعتدين ماضون في عدوانهم
بات واضحاً بان العدوان لن يتوقف طالما ان هناك مصلحة صهيو اميركية ، لكن عندما تتهدد المصالح الاميركية والامن الصهيوني ، ويشعر العدو بالالم والهلع وخطر الهزيمة سيتوقف المعتدي الاميركي الحقيقي وسيصدر املاءاته لادواته السعودية والامارات ومرتزقتهم بالتوقف.
وقد اخذ الجيش واللجان الشعبية يستهدفون هذه المصالح والاهداف التي تؤثر استراتيجياً على مجريات المعركة كما جرى في العملية الاخيرة  .
ان استهداف المطارات ، والموانئ ، ومصافي النفط ، ومحطات توليد الكهرباء وتنقية المياه ، ومراكز الاستخبارات ، ووزارات الدفاع ، وغرف العمليات ، والقصور التي تستخدم كغرف عمليات ستفرض على مجريات المعركة التوقف عن العدوان ، فهذا العدو لا يفهم سوى لغة القوة ، والشهوة للمال والدم ونهب الثروات ، كما حصل بعين الاسد ، واسقاط طائرة القلوبال هوك ، واسقاط الطائرة الاميركية التي تقل خبراء اميركيين عسكريين بافغانستان ، ووصول ناقلات النفط الايرانية لفنزويلا ، وسورية برغم قانون قيصر .
كان الظهور غير المسبوق لرئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اليمني اللواء عبدالله الحاكم رسالة للمعتدين بامتلاك بنك اهداف ومعلومات خطيرة على المستوى التكتيكي كاجتماع العسكريين السعوديين بمرتزقتهم بمأرب والاستراتيجي كاستهداف مصفاة النفط العملاقة بجيزان ومرابض الطائرات وثكنات الطيارين الذين يرتكبون المجازر والدمار , وقد سبق ان استهدفت وزارة الدفاع ومراكز الاستخبارات ومطار الملك خالد بالرياض وهذا خرق امني لافت ، ويؤكد على دقة الصواريخ والطائرات المسيرة في اصابة اهدافها ، وعلى دخول اسلحة جديدة لم يعلن عنها .
إن امتلاك الجيش واللجان الشعبيةللاسلحة والمعدات الجديدة وللمنظومات التقنية والاستخبارية الدقيقة هو اضافة نوعية للقدرات العسكرية ، ويذكر بامتلاك محور المقاومة وايران القمر الصناعي العسكري الذي يوفر المعلومات بدقة ، وامتلاك حزب الله للصواريخ الدقيقة ، وامتلاك المقاومة بغزة لاسلحة توفر مقومات الصمود والنصر .
كما ان تصوير هذه العمليات دحض للاكاذيب السعودية ويؤكد امتلاك الجيش واللجان الشعبية لمنظومة طائرات مسيرة ، قاذفة وانتحارية ، وطائرات توجيه النيران واستطلاع ، وتجسس، ويؤكد امتلاكهم للبنية التحتية والكوادر المدربة لاستخدام هذه الطائرات اضافة للصواريخ البالستية والمجنحة .
ان استخفاف واكاذيب المُعتدى ونفيه المستمر لوقوع اصابات يخدم المُعتدَى عليه ويصب في صالحه ، فعدم تقدير المعتدي لقوة خصمة هو بالضرورة عدم تخصيص القوة والسلاح والخطط لقتاله وهزيمته ، واستخفافه بتغير المعايير والمفاهيم والعقائد العسكرية بظهور الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيرة و حروب السايبر التي قلبت المفاهيم العسكرية ومكنت من يملكها من التحرك بحرية ومرونة فائقة في مسرح العمليات واستهداف اي هدف ونقطة مهما كان تحصينها وعمقها ، ووفر المليارات وهدر الطاقات الاقتصادية والجهود الفائقة واختزل سلاح المشاة ، والمشاة الالية والدروع والدبابات ، والمدفعية ، وسلاح الجو ، وقلب موازين القوة ومعادلات القتال وصنع من الاليات والدروع والدبابات اكوام من الخردة
ان اليمني المحاصر منذ ستة سنوات يُحاصر محاصريه ويهددهم بعمقهم الاستراتيجي ويعمق ازماتهم الاخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية ، ويفجر تناقضاتهم الداخلية ويعريهم امام شعوبهم وامام سادتهم الاميركيين والصهاينة ويرفع عنهم الغطاء ويعجل بالاطاحة بهم ، فما حاجة شعوبهم التي تدفع اكلاف عمالتهم وما حاجة سادتهم للمهزومين الذين وعدوا بتحقيق النصر خلال ٤٨ ساعة ، وبعد مضي هذه السنوات هاهم مهددين بقصورهم ومطاراتهم وموانئهم ومصافي نفطهم وبعمقهم الاستراتيجي وهو العدو الصهيوني .
ان اعادة اليمن لحظيرة التبعية للسعودية والعدو الصهيوني والاميركي وقاعدة صهيو اميركية والسيطرة على موانئه وجزره كجزيرة سوقطرة وميناء عدن وباب المندب واباحة جنوب اليمن وثرواته للذئاب المتأهبة للانقضاض عليه كاردوغان والمستعمرين الاوروبيين امر بمثابة فانتازيا سياسية وخيال مريض لا يحسن قراءة الواقع .
الشعب اليمن خزان فداء ورافد للثورة وحاضن للجيش واللجان الشعبية، ومعين لا ينضب من الرجال والتضحية والفداء ، ومن الابداع والصمود والبطولة وارادة النصر.
وهو اليوم صاحب الكلمة الاعلى بباب المندب والبحر الاحمر ولن يمكن العدو الصهيوني من استباحة هذا الجزء العزيز من الوطن العربي وقد اصبح رقماً محلياً واقليمياً ودولياً صعباً لا يمكن تخطيه .
كما ان سورية تنتصر وحزب الله يزداد قوة ومنعة والمقاومة بغزة تجعل منها قلعة حصينة ، والحشد الشعبي بالعراق يواصل تطهير العراق وتهديد قوات الغزو الاميركي بغرب آسيا كلها بالتظافر مع محور المقاومة.
لقد بات الجيش واللجان يستطيعون الوصول لاي هدف ونقطة واستهداف الرياض وبقيق وخريص وابو ظبي ودبي والتهديد باستهداف العدو الصهيوني يؤكد ذلك .
لكن الحقيقة الثابتة ان العدوان لن يتوقف مالم تكن هناك مخاطر عميقة وخسائر اقتصادية وعسكرية باهظة تتسبب بالعجز عن تمويله ، والاذى الذي يلحق بالمصالح والامن الصهيوني اميركي .
ومن الجلي ان اليمنيون يعون ذلك جيداً ويعملون عليه .
* كاتب أردني – عميد ركن متقاعد
* المصدر : موقع إضاءات الإخباري