حالة ترقب تسود الأراضي المحتلة الفلسطينية بشأن صلاحية المحكمة الجنائية في التحقيق بارتكاب إسرائيل جرائم حرب
السياسية : عبد العزيز الحزي
تسود حالة من الترقب في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، من احتمال صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية في غضون الـ24 ساعة القادمة، بشأن صلاحية المحكمة بالتحقيق في ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
وبحسب صحيفة “إسرائيل اليوم” اليمينية المتطرفة الجمعة فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن هيئة القضاة في المحكمة سيتبنون موقف المدعية العامة، فاتو بنسودا، بأن للمحكمة صلاحية التحقيق مع الإسرائيليين وإدانتهم بارتكاب جرائم حرب .
وأشارت الصحيفة إلى أنه، “على الرغم من أن إسرائيل والولايات المتحدة لم توقّعا على معاهدة روما، التي تستند إليها المحكمة الجنائية الدولية، والإعلان صراحة أن المحكمة ليس من اختصاصها التحقيق في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وإدعاء إسرائيل أن المحكمة لها اختصاص فقط على الالتماسات المقدمة من دول ذات سيادة، والسلطة الفلسطينية ليست دولة، إلا أنه في حال قررت إجراء تحقيق، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى ملاحقة مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين، بمستويات مختلفة تبدأ برئيس الحكومة ورئيس أركان الجيش، وفي حال رفضهم المثول أمام المحكمة، فإنه بإمكان الأخيرة إصدار مذكرات اعتقال بحقهم في معظم دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة، ما يعني أن المسؤولين الإسرائيليين قد يمتنعون عن السفر إلى هذه الدولة خشية الاعتقال وتسليمهم للمحكمة.
وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، قد أعلنت في 20 ديسمبر أن لديها “قناعة بأن هناك أساسا معقولا للمضي قدما في التحقيق بشأن الوضع في فلسطين.” وقد أمضت الأعوام الخمسة الماضية تراجع الدلائل المبدئية كجزء من التحقيق الأولي في حرب غزة عام 2014، وفي المستوطنات الإسرائيلية ومؤخرا في قتل وإصابة متظاهرين فلسطينيين قرب السياج الحدودي في غزة.
وفي وقت سابق، طلبت المدعية العامة من الدائرة التمهيدية الأولى، “إصدار قرار” لتأكيد أن المحكمة قد تمارس اختصاصها في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة.
وأوضحت بنسودا أن “هذا القرار تم اتخاذه بشكل صارم لأغراض تحديد قدرة المحكمة على ممارسة اختصاصها ونطاق هذه الولاية القضائية بموجب النظام الأساسي.”
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد زعم في بداية العام الحالي، أن قرار المدعية العامة فاتو بنسودا، “حوّل المحكمة الجنائية الدولية إلى أداة سياسية لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل، وأن بنسودا تجاهلت تماما الحجج القانونية التي قدمتها إسرائيل لها”.
وكانت دولة فلسطين قد رفعت للجنائية الدولية ثلاثة ملفات تتعلق بارتكاب إسرائيل “جرائم حرب”، وهي الحرب على غزة والاستيطان والأسرى.
وطالب وزير الخارجية رياض المالكي، الشهر الماضي، من الدائرة التمهيدية الأولى بالتسريع في إصدار قرارها والإسراع في البت في الولاية الجغرافية للمحكمة الجنائية الدولية على الأرض الفلسطينية المحتلة، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، بما يساهم في فتح تحقيق جنائي في الحالة (فلسطين)
وشدد المالكي على أن دولة فلسطين ستستمر في التعاون مع مؤسسات القانون الدولي، بما فيها المحكمة الجنائية، من أجل ردع الجرائم ومساءلة مرتكبي الجرائم الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني، وإحقاق العدالة.
وعبرت صحف عربية عدة عن ترحيبها بقرار المحكمة الجنائية الدولية إجراء تحقيق شامل في “جرائم حرب مزعومة” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووصفت الصحف هذا القرار بأنه “أربك قادة إسرائيل” وأحدث “رعباً وتخبطاً” في الأوساط الإسرائيلية، وأن قادة الاحتلال بانتظار مصيرهم المحتوم”.
ورأت أن “كل الدلائل تشير إلى أن المئات من قادة دولة الاحتلال السياسيين والعسكريين والأمنيين يتعرضون للملاحقة القضائية، على جرائم الحرب التي اقترفوها بحق الشعب الفلسطيني”.
وفي عالم ينادي بتكريس حقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على القواعد من المهم أن يدافع المجتمع الدولي عن قرار المدعية العامة للمضي قدما في التحقيق – حسبما قال مايكل لينك المقرر الخاص.
وقال المقرر الخاص “في عالم ينادي بتكريس حقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على القواعد، من المهم أن يدافع المجتمع الدولي عن قرار المدعية العامة للمضي قدما في التحقيق.”
وأضاف أنه “يجب أن يكون القانون الدولي هو أساس التماس العدالة لضحايا جرائم الحرب في هذا الصراع الذي لا نهاية له، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم بقوة القوانين والمؤسسات التي أنشأها ورعاها.”
لا استثناءات في التحقيق
ولفت المقرر الخاص الانتباه إلى أن المدعية العامة تعتزم التحقيق فيما إذا كان أعضاء من حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة قد ارتكبوا جرائم حرب منذ يونيو 2014. وأضاف يقول “إذا ما قادت الإثباتات التي جمعتها المدعية العامة إلى العثور على دلائل تدين هذه المنظمات، ينبغي دعم هذه الجهود أيضا.”
وشدد على أن نظام روما الأساسي وجِد ليُطبق على الجميع وهذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على الدعم السياسي والشعبي المطلوب لقيام المحكمة بمهماتها.
وحث المقرر الخاص على عرض مسألة الولاية القضائية على الدائرة التمهيدية وحلها بأسرع ما يمكن، مشيرا إلى المخاوف القائمة بشأن عجلة العدالة التي تدور ببطء.
وختم المقرر الخاص بيانه بالقول “إن تأخير العدالة هو حرمان من العدالة. وإذا انتقلت مزاعم جرائم الحرب إلى مرحلة التحقيق الرسمي، فيجب بذل كل جهد ممكن للمضي قدما في عمل مكتب المدعية العامة بطريقة سريعة ومعقولة ومتسقة مع الإنصاف القانوني، كي يتسنى للعديد من ضحايا هذا النزاع أن يأملوا بشكل واقعي أن تحقيق العدالة سيسود في حياتهم.”
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.