السياسية – رصد :

في 26 مارس 2015، شنّ تحالف العدوان السعودي هجوماً عسكرياً على اليمن وذلك عقب قيام السعودية بتشكيل تحالف ضم 17 دولة عربية وغربية لاستهداف هذا البلد الفقير. وكان أحد الأهداف الرئيسة للسعودية منذ بداية عدوانها العسكري على اليمن، هو منع هذا البلد الفقير من لعب دور مهم في محور المقاومة ولأن هذا الهدف السعودي لم يتحقق بالطبع بعد ما يقرب من خمس سنوات على حربها العبثية على أبناء الشعب اليمني. في الواقع، من خلال الغزو العسكري لليمن، حاول السعوديون جلب حكومة الرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي” الموالية للنظام السعودي إلى السلطة وذلك من أجل توسيع دائرة العمق الاستراتيجي السعودي في جنوب شبة الجزيرة العربية.

ومن ناحية أخرى، يعرف المسؤولون السعوديون أن اليمن يعتبر ملاذاً جيداً للإرهابيين التكفيريين بسبب موقعه وطبيعته الجغرافية. وهكذا، وبالإضافة إلى توسيع العمق الاستراتيجي السعودي في اليمن، فقد سعى القادة السعوديون إلى إنشاء ملاذ آمن للإرهابيين في اليمن. وحتى أنه في هذا الصدد، قال “أسامة بن لادن”، الزعيم السابق لجماعة القاعدة الإرهابية، أنه “إذا خسرت الجماعة مواقعها في أفغانستان ذات يوم وقررت الاستقرار في مكان آخر، فستختار اليمن”. والسبب في ذلك هو الظروف الجغرافية الصعبة لليمن والمسافة الكبيرة بين مدن هذا البلد. ومع ذلك، وعلى الرغم من اختلاف الظروف الجغرافية بين اليمن وفلسطين تماماً، فإنّ وصول الطرفين إلى بعضهما البعض صعب للغاية ولا يوجد لدى الطرفين حدّ مشترك بينهما، لكن الروابط بينهما أقوى في إطار محور المقاومة من أي وقت مضى. لذلك يمكن القول إن الدولة التي حاولت السعودية تحويلها إلى ملاذ آمن للإرهابيين التكفيريين، أصبحت في وقتنا الحالي أحد أذرع محور المقاومة في المنطقة أو حتى في العالم.

لذلك، فمن الواضح جداً أن الروابط بين اليمن وفلسطين اليوم هي روابط متينة، بنحوِ تجاوزت كل الحدود الجغرافية. لذلك، في الوقت الحاضر، يمكن ذكر اليمن كواحدة من أقوى الأطراف في محور المقاومة. ويمكن إرجاع ذلك إلى مواقف اليمنيين الوفية والدعمة لمحور المقاومة وخاصة القضية الفلسطينية. وفي هذا الصدد، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية، أن زعيم حركة “أنصار الله” اليمنية اتخذ مراراً وتكراراً وفي مناسبات مختلفة مواقف حازمة وقوية لدعم الفلسطينيين، على عكس القادة الأغنياء في الدول العربية الأخرى وشدد على ضرورة تحرير القدس المحتلة، مؤكدا أن الكيان الصهيوني هو العدو الأكبر والأخطر ليس على الفلسطينيين فحسب، بل على الأمة الإسلامية كلها.

وبسبب هذه المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، كتب “اسماعيل هنية”، الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، رسالة إلى المكتب السياسي الأعلى في اليمن. ولقد أشاد بمواقف أبناء الشعب اليمني المؤيدين للقضية الفلسطينية. وكتب “هنية” في الرسالة “نعرب عن تقديرنا لمواقف القادة اليمنيين والشعب اليمني المؤيد للقضية الفلسطينية.” ومن جانبهم، قال قادة حركة “أنصار الله” رداً على رسالة حماس: “نؤكد موقفنا الثابت والمبدئي تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الرئيسة للأمة الإسلامية ونعرب أيضاً عن دعمنا الكامل للمقاومة الفلسطينية وخياراتها العادلة ضد المحتلين”. كما دعا قادة حركة “أنصار الله” اليمنية إلى اتخاذ إجراءات جادة وفعالة لدعم القضية الفلسطينية.

وأكد المكتب السياسي لـ”أنصار الله” في اجتماعه الأخير الموقف الثابت تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة ودعمه الثابت للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال وتبني خياراتها العادلة والمشرفة ضد الكيان الصهيوني الغاصب وأن هذا الموقف يمثل دينا وعقيدة لا يمكن نسيانه والتخلي عنه. وأشار المكتب السياسي لـ”أنصارالله” إلى دور الشعب اليمني البارز والمتقدم في نصرة شعب فلسطين ومقدسات الأمة والى اهتمام القيادة بالقضية الفلسطينية .وقد أوصى الإجتماع بالتحرك الجاد والفاعل لكل المكونات والهيئات الرسمية والحزبية والشعبية بالاضطلاع بدور فاعل ومؤثر لنصرة القضية الفلسطينية على المستوى الرسمي والشعبي محليا وإقليميا واعتبار التجاهل عن ذلك جريمة مشتركة مع الكيان الصهيوني وتواطؤ واضح يخدم المشروع الصهيوامريكي.

وقد أبرزت المبادرة، التي اقترحها سابقًا السيد “عبد الملك الحوثي”، زعيم حركة “أنصار الله” اليمنية حول القضية الفلسطينية، تقارب الجانبين من بعضهما البعض تحت مظلة محور المقاومة. وفي هذا الصدد تحدث السيد “عبد الملك الحوثي” في ​​خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة للحرب اليمنية، عن استعداد صنعاء الكامل للإفراج عن طيار وأربعة ضباط سعوديين مقابل إطلاق سراح معتقلي حماس في السعودية. وقال السيد “الحوثي”: “ندين بشدة محاولة السلطات السعودية اختطاف ومحاكمة أعضاء من حركة حماس. كما أننا نعلن استعدادنا الكامل للإفراج عن أحد الطيارين المأسورين مع أربعة ضباط وجندي سعودي، مقابل إطلاق سراح المختطفين من حركة حماس”. مضيفاً: إنّ النظام السعودي لاحق خلال السنوات الماضية العديد من الفلسطينيين بتهمة دعم بعض حركة حماس وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية. وفي هذا الصدد، ينبغي القول إن مبادرة السيد “عبد الملك الحوثي”، تُظهر أن اليمنيين يتمتعون أيضًا بقوة مساومة عالية؛ وبهذه الطريقة يمكنهم حتى لعب دور مؤثر بين السعودية وحركة المقاومة الإسلامية حماس. وهكذا، فإن مبادرة السيد “عبد الملك الحوثي” تشير إلى أن اليمنيين أصبحوا يمتلكون قوة مناورة عالية على مستوى البعد السياسي.

كما أن هناك قضية مهمّة أخرى شوهدت في مبادرة السيد “عبد الملك الحوثي” وهي أن اليمن يتحرّك حالياً على طول محور المقاومة ونحو تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تردد فيه العديد من الدول العربية الآن شعارات شنيعة للقضاء على القضية الفلسطينية، وذلك لأنها في الواقع تدعم السياسات القمعية لأمريكا والكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة. إن اليمن يسير في اتجاه خط المقاومة وفي طريق تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، بينما تسعى الدول العربية التي تدّعي حماية تطلعات الفلسطينيين إلى تجاوز بعضها البعض والتسابق في مسير تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. لذلك، تُظهر مبادرة “أنصار الله”، أن اليمن بخلاف الدول العربية الغنية، يدعم بإخلاص القضية الفلسطينية.

إن هذه المواقف البطولية من الشعب اليمني تتلاقى مع الجهود العسكرية التي تقدمها القيادة اليمنية في الجيش واللجان الشعبية عبر تخريج دورات عسكرية تحت اسم فلسطين والقدس، ما يؤكد ان القدرات اليمنية في مختلف المجالات هي في خدمة القضية الفلسطينية وان السلاح هدفه الاساس هو التوجه لصدر العدو الاول للامة اي العدو الاسرائيلي، وما الحروب التي تحاول إشغال هذا السلاح كالعدوان السعودي الامريكي الاماراتي على اليمن سوى احد الاساليب لإلهاء الشعب اليمني الحر عن قضية فلسطين وعن العدو الذي اغتصب ارضها، حيث يعتقد بعض الحكام انه بهذه الطريقة يمكن اخراج اليمن من الحضور على الساحة العربية والاسلامية، لكن الرد دائما يكون يمنياً حكيماً وواعياً وثابتاً في ساحات القتال وساحات السياسة والنضال، بأن اليمن مهما زادت جراحه لا ينشغل عن قضايا أهله وإخوته أيا كانت هوية السيوف التي تطعنه بالظهر سعودية او اماراتية او غيرها.

وفي الختام، يمكن القول أنه أصبح من الواضح تمامًا أنه تم اليوم إنشاء رابط متين بين اليمن وفلسطين في إطار محور المقاومة؛ رابط لم تتمكن السعودية وحلفاؤها الصهاينة من قطعه. لذلك، أصبحت الدولة التي تحلم السعودية بتحويلها إلى عمق استراتيجي لها، جزءًا لا يتجزأ من محور المقاومة.

* المصدر : موقع الوقت التحليلي
*المادة : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع