بقلم: بنديكت لوتود

باريس, 24 يونيو 2020(صحيفة :لوفيجاروا- lefigaro” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش-سبأ)

أطفال سوريون نازحون يحضرون ورشة عمل نظمها مجموعة أطباء متطوعون حول كيفية الوقاية من جائحة “كوفيد-19” مع آبائهم في مخيم بالقرب من بلدة عطية في محافظة إدلب السورية، المتاخمة للحدود مع تركيا، في 16 مارس 2020/ تصوير: عارف وتاد / وكالة الصحافة الفرنسية

الحروب, أو العنف, أو الاضطهاد, أو انعدام الأمن الغذائي أو تغير المناخ, جميعها أسباب دفعت بزهاء  79.5 مليون شخص إلى الفرار من ديارهم أو بلدانهم خلال العقد المنصرم, وذلك بحسب آخر تقرير سنوي صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (HCR)، الذي تم نشره في 18 يونيو الجاري, حيث أشار التقرير إلى أن هذا الرقم قد تضاعف, كما أخذ في الازدياد بصورة مستمرة خلال عقد من الزمان, حيث كان هناك 41 مليون نازح قسري في العام 2010, بيد أن العام 2018, سجل 70.8 مليون شخص.

ومن بين 79.5 مليون شخص, قالت المفوضية السامية أن قرابة  26 مليون لاجئ (محميين بموجب القانون)، و 3.6 مليون فنزويلي نزحوا خارج البلد و 45 مليون نازح داخلي، بالإضافة إلى 4.2 مليون طالب لجوء, أضف إلى ذلك أن من بينهم, يشكل القاصرون زهاء 40٪ منهم, وهذا “رقم قياسي محزن” بالنسبة سيلين شميت، المتحدثة باسم المفوضية السامية في فرنسا، حيث قالت أن هذا الرقم أيضاً أعلى رقم تم تسجيله منذ  سبعة عقود منذ إنشاء مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحتى الآن.

80٪ أجمالي عدد النازحين في الدول النامية:

يبين التقرير أن 80% من الأشخاص الذين تم تشريدهم من ديارهم ينتهي بهم المطاف في البلدان النامية وغالباً ما تكون البلدان المجاورة لهم, إذ يعانون في الأصل من انعدام الأمن الغذائي أو غيره من المخاطر المرتبطة بالكوارث المناخية، وهذا ما يزيد من صعوبة احتوائهم.

تعتبر تركيا البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من النازحين, حيث بلغ عددهم 3.6 مليون شخص, وتأتي كولومبيا في المرتبة الثانية بعدد 1.8 مليون شخص ومعظمهم من الفنزويليين, وتليها باكستان وأوغندا بعدد 1.4 مليون شخص، ثم ألمانيا بعدد 1.1 مليون شخص.

68% يأتون من خمس دول: سوريا، فنزويلا، أفغانستان، جنوب السودان و بورما

في العام 2019، شكل أكثر من ثلثي العدد 68% من أصل 79.5 مليون نازح، جاءوا من خمسة بلدان فقط وهي, سوريا: 6.6 مليون شخص، وفنزويلا: 3.7 مليون شخص، أفغانستان: 2.7 مليون شخص، جنوب السودان: 2.2 مليون شخص, ووبورما: 1.1 مليون شخص.

ومعظم حالات النزوح القسري هذه تستمر لعدة سنوات, وفي حين تمكن عدد قليل من الحلول من الظهور, لم يتمكن سوى 300 ألف شخص من العودة إلى أوطانهم بحلول العام 2019.

الصراعات الجارية والأزمات الجديدة الناشئة:

كيف يمكن لنا أن نفسر هذه الزيادة المطردة على مدى العقد الماضي؟ فمن ناحية، من خلال استمرار العديد من الصراعات التي لم تحل في أجزاء مختلفة من العالم, بدأ الصراع في سوريا ولا يزال مستمراً في سرد فصوله منذ العام 2011, وفي أفغانستان، تواترت الحروب الأهلية بما فيها تدخلات القوى لأجنبية منذ العام 1979, أدى إلى عملية تشريد مستمر للسكان.

وفي جنوب السودان، تستمر الحرب الأهلية منذ العام 2013, والتي جاءت بعد الحرب الأهلية الأولى التي استمرت منذ العام 1983 إلى العام 2005.

أما في بورما، فقد اندلعت الحرب الأهلية منذ استقلال البلد في العام 1948, كما واصلت الحكومات المركزية المتعاقبة محاربة عدد لا يحصى من التمردات الانفصالية منذ ذلك الحين، في حين اندلعت حركات تمرد عرقية أخرى في أوائل الستينيات, والتي نمت وتكاثرت.

ومن ناحية أخرى، تم إضافة هذه الصراعات التي طال أمدها إلى سجل الأزمات الجديدة والأحدث عهداً، كما يتضح من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بفنزويلا، حيث بدأت بوفاة هوغو شافيز في العام 2013، والتي أدت إلى نزوح أكثر من 4 ملايين شخص.

وفي القارة الإفريقية, عانت منطقة الساحل في غرب أفريقيا خلال السنوات الأخيرة من أزمات متعددة ومترابطة، حيث تجمع ما بين الجفاف وأزمة الغذاء وانعدام الأمن العام المرتبط بالأعمال الإرهابية للجماعات السلفية الجهادية المرتبطة أما بتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية والذي يعرف كذلك باسم تنظيم داعش, ونتيجة لذلك، أصبحت منطقة الساحل الآن مكان لقرابة 3.1 مليون لاجئ ومشرد داخلي وأشخاص معرضين لخطر انعدام الجنسية, ويضاف إلى هذه الآفات المتعددة الأزمة الصحية والمتمثلة بجائحة “كوفيد-19″، والتي فأقمت من حالة الضعف الاجتماعي والاقتصادي للمشردين.

تأثير كوفيد-19على اللاجئين:

عززت المفوضية السامية من الإجراءات الوقائية, كما عملت على توفير المياه النظيفة والصابون، حيث دعمت النظم الصحية في البلدان الأكثر عرضة للخطر, مثل منطقة الساحل وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وبلدان القرن الأفريقي، ومنطقة البحيرات الكبرى، وفي بنغلاديش، وفي البلدان المجاورة لسوريا، وفي اليمن, كما شجعت الدول على إدراج اللاجئين في برامجها الصحية وبرامج الحماية الاجتماعية لمكافحة الفيروسات.

تقول سيلين شميت: “لا يزال عدد اللاجئين الذين أطبق عليهم وباء كوفيد -19 خناقة محدوداً في الوقت الراهن, ومن ناحية أخرى، فإن الأثر الاجتماعي والاقتصادي كبير, ففي العديد من المناطق، يفقد اللاجئون وظائفهم كل يوم, كما شهد الكثيرون منهم انخفاض أجورهم، وبالتالي اضطروا إلى تقييد عدد الوجبات التي يتناولونها خلال اليوم”.

ومنذ ذلك الحين، كثفت المفوضية برامجها للمساعدات الإنسانية وأطلقت مؤخرا نداءات للحصول على أموال من أجل المساعدات الخاصة بفنزويلا ومنطقة الساحل واليمن.

دعوة إلى التضامن الدولي وحشد مختلف الجهات الفاعلة:

هل سيستمر ارتفاع عدد النازحين في العالم، في زيادة الضغط على البلدان المضيفة التي تواجه صعوبات بالفعل؟ ومن الصعب التنبؤ بمستقبل ونتائج تلك الصراعات العديدة في جميع أنحاء العالم.

غير أن المفوضية تدعو إلى إيجاد حلول فعليه, حيث أبرز الميثاق العالمي للاجئين الذي تلاه المنتدى العالمي للاجئين في ديسمبر من العام المنصرم، أهمية تعبئة جميع أصحاب المصلحة في المجتمع, إذ أشار على سبيل المثال، العمل مع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص من أجل إيجاد حلول جديدة ومبتكرة، أو مع المصارف الإنمائية لتلبية احتياجات اللاجئين, وكذلك المضيفين الذين يستضيفونهم”, وأضافت، العمل على ضرورة الاستشهاد بأمثاله تمويل برامج التنمية من أجل تعليم الأطفال.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية في فرنسا: “خلال أزمة الفيروس التاجي المستجد, كان هناك الكثير من التضامن, حيث أظهرت الجائحة مدى الترابط في عالمنا, لحماية شخص ما، لذا كان لا بد من حماية الجميع, وهذا التضامن هو أيضاً ما نحتاجه لإيجاد حلول فيما يخص ملف اللاجئين”.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.