فيروس كورونا: بعيداً عن الوباء، اليمنيين يتمتعون بأوقات رمضانية معتادة بشكل غير متوقع
أمراة تبيع الخبز “الحوح”وهو خبز إسفنجي مسطح أحد أصناف الإفطار في اليمن في سوق بمدينة تعز في 25 أبريل 2020/ تصوير: خالد البنا/ ميدل ايس أي.
ومن المفارقات أن كوفيد- 19, ترك اليمنيين من بين عدد قليل من المسلمين في العالم قادرين على الاحتفال بشهر رمضان كالمعتاد.
(موقع “ميدل ايس أي” البريطاني – ترجمة نجاة نور- سبأ)
في جميع أنحاء العالم، يجد المسلمون أنفسهم لأول مرة غير قادرين على الاحتفال بشهر رمضان المبارك كالمعتاد، حيث تم إغلاق المساجد في معظم البلدان وسط تهديد خطر جائحة فيروس كورونا.
نظرا لأن الدول قد نفذت إلى حد كبير أوامر عدم الازدحام والحجر الصحي والاجتماعي لإبطاء انتشار الفيروس، تم إغلاق الأماكن العامة، بما في ذلك دور العبادة.
في اليمن، أبلغت السلطات عن حالة واحدة مؤكدة لفيروس كورونا في محافظة حضرموت في 10 أبريل, ولكن تم الاعلان مؤخراً أن المريض الوحيد قد شفي تماماً، وبذلك أصبح اليمن رسميا خالياً من الفيروس في الوقت الحالي.
ونتيجة لذلك، أصبحت اليمن من البلدان النادرة إلى حد ما التي تعتبر خالية من الفيروس، حيث احتفل العديد من الناس في البلد بالأيام القليلة الأولى من رمضان الذي بدأ يوم الجمعة كالمعتاد.
ظافر مراد، وهو صاحب متجر في الخمسينيات من عمره, يسكن في العاصمة صنعاء، قال لـ “ميدل إيست آي”: “خلال السنوات الخمس الماضية، عانى اليمن وكان العالم كله يشاهد معاناتنا على شاشة التلفزيون, ولكن اليوم يحدث العكس, لقد تكيفنا مع المعاناة والان نشاهد العالم كله يعاني من فيروس كورونا”.
الاحتفال برمضان:
أضاف مراد أن سكان العاصمة وخلال الأيام القليلة الأولى من رمضان ذهبوا للتسوق في الأسواق حيث كانت مزدحمة وصلوا في المساجد كما هي العادة: لقد ذهبت إلى الأسواق لشراء السلع، وكل الأسواق تقريباً مكتظة، كما ذهبت أيضاً للصلاة في المسجد والكثير من الناس هناك، وكالعادة يقدم الإفطار في موائد الافطار الجماعي في المسجد”.
لطالما أقام اليمنيون موائد الإفطار الجماعي في المساجد، حيث يقدمون وجبات مجانية للمحتاجين، لأن العطاء الخيري هو جزء رئيسي من شعائر رمضان.
وأضاف مراد: “الحمد لله، في حين أن الحياة تغيرت للأسوأ في العالم كله حيث لا يمكنهم الاستمتاع بشهر رمضان، فإننا نمارس حياتنا الطبيعية, حتى دخل متجري أصبح أفضل مما كان عليه في السنوات السابقة”.
وقال وليد عبد الحميد، 35 سنة، لـ ميدل ايست أي, إنه قضى الليلة الأولى من رمضان في الشارع يحتفل، ثم ذهب إلى منزل أحد الأصدقاء للعب الورق في أمسية مليئة بأجواء المتعة والترفية البسيطة التي اصبحت كالأمنيات للكثيرين الآن:” في الليلة الأولى احتفلت بشهر رمضان مع أطفالي وأصدقائي في الشارع و خلال النهار أخذت أطفالي وذهبت لشراء الحلويات الرمضانية والطعام من السوق, كل الناس وليس الأطفال فقط، سعداء بالاحتفال بشهر رمضان لأن هذا الشهر المبارك يجعلنا ننسى معاناتنا و نحظى ببعض الأيام الجميلة”.
ونوه عبد الحميد أن السلطات رفعت القيود المفروضة على بعض مناطق مدينة تعز الجنوبية الغربية، حيث لم تعد هناك حالات أخرى مؤكدة مصابة بفيروس كورونا في اليمن غير تلك التي تم الاعلان في محافظة حضرموت, مضيفاً, لقد كانت هناك بعض الإجراءات الاحترازية ضد الفيروس الذي اتخذتها السلطات، بما في ذلك إغلاق المساجد أيام الجمعة، ولكن تم رفع ذلك الحظر واستأنفنا حياتنا العادية, لا أحد يدخل اليمن في الوقت الحاضر ولا توجد حالات في اليمن، لذلك أعتقد أنه لا حاجة للسلطات لفرض أي قيود, وحالما توجد حالات، سيتخذ الناس على الفور تدابير وقائية بأنفسهم من تلقاء انفسهم”.
وبالنسبة لعبد الحميد، فإن شهر رمضان هذا العام هو الأفضل في تعز منذ أن بدأ التحالف بقيادة السعودية هجوماً عسكرياً ضد الحوثيين في عام 2015.
فخلال السنوات الخمس الماضية، كانت هنالك معارك تدور خلال شهر رمضان ولم نستمتع (بالعطلة) إلى أقصى حد، ولكن هذا العام لا توجد معارك في الوقت الحالي وها نحن نحتفل به قدر الإمكان.
حاول عبد الحميد، وهو موظف في شركة خاصة، الفرار من اليمن والحرب، لكن تكلفة السفر كانت باهظة للغاية بحيث لم يستطع الهروب, وأوضح قائلاً: “حاولت دخول المملكة العربية السعودية، لكنني لم أستطع الدفع للحصول على تأشيرة، ولم أجرؤ على الدخول مع المهربين، لذلك لم أغادر اليمن, لم أكن سعيداً بالبقاء في اليمن ولكنني اليوم سعيد لاني أقضي رمضان مع عائلتي ولم اصبح كأصدقائي الذين هاجروا إلى السعودية وأصبحوا الان حبيسين المنزل”.
هرب أحمد البالغ من العمر 38 عاماً، من اليمن إلى السعودية في العام 2016, حيث قال أحمد لـ ميدل ايست أي, إنه كان يستمتع بشهر رمضان في المملكة، لكن كل شيء تغير هذا العام, فقد كان رمضان جيدا في السعودية، وفي كل عام كنت أذهب إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة لزيارة قبر نبينا محمد، لكن هذا العام، أقضي رمضان في المنزل ولا يمكننا حتى الذهاب إلى المسجد لأن خطر الفيروس يهددنا جميعاً في السعودية”.
إن أسوأ مشكلة يواجهها أحمد هو أنه فقد وظيفته كعامل يومي، حيث اصبح عاجزاً عن إرسال المزيد من التحويلات المالية إلى عائلته في اليمن, وبدلاً من ذلك، وجد نفسه في وضع غير متوقع حيث اضطر إلى الطلب من أقاربه في الوطن بإرسال بعض المال له, حيث قال :”هذا هو أسوأ شهر رمضان في حياتي وأنا نادم على اليوم الذي قررت فيه دخول السعودية, آمل أن أعود إلى اليمن هذه الأيام، لكن هذا صعب المنال”.
تدابير وقائية:
أعلنت منظمة الصحة العالمية بأن فيروس كورونا اصبح جائحة عالمية في 11 مارس.
في الوقت الذي تكافح فيه العديد من الدول في جميع أنحاء العالم لاحتواء الفيروس، فإن تفشي المرض في بلد مزقته الحرب مثل اليمن سيكون مدمراً لامحالة, ومن جانبها, تعمل منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الإنسانية الدولية على رفع مستوى الوعي عن الفيروس في اليمن وتطلب من الناس تجنب الأماكن المزدحمة والحفاظ على مسافة كافية بين الأشخاص غير المنتمين لنفس الأسرة, ومع ذلك، فإن معظم اليمنيين لم يطبقوا هذه النصائح، معتبرين أن فيروس كورونا لا يمثل حالياً تهديداً على البلد.
أشار رياض الحمادي وهو طبيب يعمل في تعز لـ ميدل ايست أي, إلى أن حتى أولئك الذين كانوا ملتزمين بالإجراءات الوقائية الصادرة عن المنظمات ووزارة الصحة توقفوا عن القيام بها لأن منظمة الصحة العالمية لم تسجل أي حالات للفيروس في اليمن, كما حذر من أنه إذا ضرب المرض اليمن فجأة، فسوف ينتشر بطريقة دراماتيكية، حيث يعاني النظام الصحي في البلد من ضغوط شديدة بعد سنوات من الحرب, يمكن أن يصيب الفيروس محافظات أخرى في أي وقت، لذلك يجب على الناس الاخذ بالاعتبار جميع الاحتياطات اللازمة, يمكننا الاستمتاع بشهر رمضان في منازلنا، ولكن للأسف معظم اليمنيين لا يدركون خطر فيروس كورونا”.
يعتقد مراد، أنه لا توجد أي فرصة لدخول الفيروس إلى اليمن على وجه التحديد بسبب الصراع, فاليمن تحت الحصار السعودي منذ عام 2016 وتم إغلاق مطار صنعاء منذ ذلك الحين، فكيف يصل الفيروس إلى اليمن؟ نظراً لأنه ليس من السهل الدخول إلى اليمن أو المغادرة منها، لذلك أعتقد أن ذلك يساعد على حمايتنا من الوباء, اتمنى أن لا يدخل الفيروس إلى اليمن”.”
ننوه بأن الاسماء تم تغيريها كما كتب في التقرير الأصل.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.