بقلم: سودارسان راغافان

 (صحيفة “واشنطن بوست” الاميركية، ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ)

القاهرة- أثار إعلان الحكم الذاتي من قبل أكثر الجماعات اليمنية الانفصالية الجنوبية نفوذاً مخاوف من أن الصراع في اليمن قد يتصاعد في الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة إلى وقف لإطلاق النار على الصعيد الوطني لمنع انتشار فيروس كورونا.

قالت دولة الإمارات العربية المتحدة، الداعم الرئيسي للانفصاليين، أنها تعارض الإعلان وحثت الجماعة على احترام اتفاق السلام الذي وقعته العام الماضي مع الحكومة المعترف بها دولياً والتي تؤكد السيطرة المشتركة على الجنوب.

ودعت المملكة العربية السعودية -التي تقود إلى جانب الإمارات تحالف إسلامي سني إقليمي يقاتل في اليمن الانفصاليين- إلى إلغاء تحركهم، واصفة إياه بأنه “عمل تصعيدي”.

كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها، وحثت الأطراف المتناحرة على الالتزام باتفاق السلام المعروف باتفاق الرياض, ويبدو أن الاتهامات بالتأخير في تنفيذ الهدنة قد دفعت المجلس الانتقالي الجنوبي في نهاية الأسبوع إلى اتخاذ قرار وإعلان الحكم الذاتي.

كانت التوترات أحدث صدمة في جنوب اليمن بعد مقتل اربعة عشر شخصا على الأقل بينهم خمسة أطفال في فيضانات مفاجئة الأسبوع الماضي في مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية.

البلد الأكثر فقرا في العالم العربي، هو بالفعل في قبضة أشد أزمة إنسانية في العالم بعد أكثر من خمس سنوات من الصراع, وهذا الشهر تم الكشف عن أول حالة مصابة من مرض كوفيد -19، المرض الناجم عن الفيروس الجديد، مما أثار مخاوف من أن المرض قد ينتشر بسرعة في وقت تواجه فيه اليمن تخفيضات كبيرة في تمويل المساعدات الإنسانية.

قال مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن في تصريح له: “إن آخر تحول للأحداث كان مخيّب للآمال، خاصة وأن مدينة عدن ومناطق أخرى في الجنوب لم تتعاف بعد من الفيضانات وتواجه خطر فيروس كورونا, الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب على جميع الأطراف السياسية التعاون بحسن نية والامتناع عن اتخاذ إجراءات تصعيدية ووضع مصالح اليمنيين في المقام الأول>

إن العداوات الجديدة هي تذكير بالحروب المتعددة التي تخنق اليمن, في حين أن الصراع الأساسي والأكثر شهرة، هو بين التحالف بقيادة السعودية ضد الشماليين المعروفين بالحوثيين، الا أن المعركة من أجل مدينة عدن الساحلية الإستراتيجية ومناطق أخرى في الجنوب تشمل حليفين داخل التحالف.

تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، بينما تدعم السعودية الحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي, وجميعهم ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران، لكن الخلافات داخل التحالف تتأجج منذ أكثر من عامين.

كان المجلس الانتقالي الجنوبي، التي يفضل فصل جنوب اليمن عن شماله، في نزاع منذ فترة طويلة مع الحكومة اليمنية التي يحكمها الشماليون منذ عقود.

رفضت المجموعة والإمارات تحالف هادي مع حزب الإصلاح الإسلامي المؤثر, ينظر السعوديون إلى الإصلاح على أنه جزء من نسيج اليمن السياسي, لكن الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي يعارضان أي دور للإصلاح بسبب صلاته بجماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة إسلامية سياسية إقليمية وصفها الإماراتيون وحكام عرب آخرون بالإرهابيين.

وفي أغسطس الماضي، سيطر مقاتلو المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن بعد أربعة أيام من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل ما يصل إلى اربعين شخصا وإصابة 260 وإرغام عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار من المدينة الواقعة على طرف شبه الجزيرة العربية, حيث دفع ذلك التحالف إلى استهداف حلفائه بضربات جوية.

في نوفمبر، وقع المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اتفاقية سلام في العاصمة السعودية الرياض ورحبت به السعودية والإمارات والقوى الغربية على أنها تمهد الطريق لحل سياسي أوسع ينهي الحرب الأهلية في اليمن والأزمة الإنسانية التي تركت الملايين على حافة المجاعة وعرضة لتفشي الأمراض.

دعا الاتفاق على وجه الخصوص إلى حكومة تتكون من أعداد متساوية من الجنوبيين والشماليين إلى أن تصبح القوات الانفصالية تحت سيطرة الحكومة وأن يعيد المجلس الانتقالي الجنوبي جميع المباني الحكومية التي استولى عليها.

لكن محللين قالوا إن اتفاق الرياض لم يتناول شكاوى الجنوبيين الأساسية أو قضيتهم الرئيسية بشأن الانفصال وتراجعت المواعيد النهائية مرارا وتكرارا للاندماج العسكري وإنشاء حكومة لتقاسم السلطة من التكنوقراط وعليه يقوم كل طرف بلوم الآخر.

في غضون ذلك، تركز الاهتمام الدولي على وقف إطلاق النار السعودي مع الحوثيين وظهور فيروس كورونا, حيث تشتت القوى الإقليمية مع بداية صيام شهر رمضان.

قالت إليزابيث كيندال، الباحثة في جامعة أكسفورد: “كانت هذه لحظة مناسبة أمام المجلس الانتقالي الجنوبي لاتخاذ موقف وأضافت أن الفيضانات أطلقت أيضاً مباراة تسجيل نقاط سياسية بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، وكلاهما قدم استجابة ضعيفة وكانت بمثابة دليل على عدم قدرة الطرف الآخر على الحكم, خلال عطلة نهاية الأسبوع، أصبح من الواضح أن انعدام الثقة تعمق مرة أخرى.

قال نائب رئيس المجلس الانتقالي، هاني علي بريك، من خلال تغريدة متهماً حكومة هادي بوضع عقبات أمام الاتفاق واتهمها بالفساد وسوء الإدارة.

وقبل ساعات أعلن الانفصاليون حالة الطوارئ في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى, كما أعلنوا عزمهم على السيطرة على الميناء والمطار والبنك المركزي ومناطق حكومية أخرى.

رفض مسؤولون في ثلاث محافظات جنوبية – شبوة وحضرموت وسقطرى – إعلان الحكم الذاتي وقال وزير الخارجية اليمني إن الإعلان “استئناف لتمرده المسلح” وحذر من “عواقب وخيمة وخطيرة”.

وتأتي خطوة الحكم الذاتي مع ضعف حكومة هادي جراء المكاسب العسكرية الحوثية الكبيرة وإشارات إلى أن السعوديين يبحثون عن طريقة للخروج من الحرب وقالت كندال عن الحكومة “هذه مجرد ضربة أخرى لمصداقيتها, ويمكن أن يضر أيضا آفاق السلام.

قال بيتر ساليسبري، كبير المحللين بشأن اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، إن الإعلان “يجعل وقف إطلاق النار والتسوية السياسية أكثر صعوبة, حيث فتحت صفقة الرياض الطريق لحكومة يمنية أكثر تمثيلا، مما أعطاها مصداقية أكبر للتفاوض مع الحوثيين, وإذا انهار الاتفاق، فسيتم ابعاده من الطاولة, كما أن المجلس الانتقالي الجنوبي من الجماعات التي تقاتل الحوثيين على الأرض إذا لم يكونوا جزءا من اتفاق وقف إطلاق النار، فيمكن للحوثيين القول بأنه لا يوجد وقف لإطلاق النار”.

وقالت كيندال:”الفائزون على المدى القصير هم بالطبع الحوثيين، لأن أي عودة للخلافات في اوساط التحالف تصرف الانتباه وتشتت الطاقة والموارد بعيداً عن الحرب ضدهم”.

 

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.