بقلم: مارين هنيديوت

قبل خمس سنوات من الآن، خاض التحالف الدولي بقيادة المملكة العربية السعودية حرباً شرسة لصد الحوثيين الذين سيطروا على أجزاء شاسعة من المناطق الشمالية لليمن, بما في ذلك السلطة المركزية في العاصمة صنعاء, ومنذ ذلك الحين، تعثر الصراع، وأصبحت الحرب في اليمن أخطر أزمة إنسانية في العالم بحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة.

واليوم، أصبح الحوثيون أكثر من أي وقت مضى في موقع قوة، حيث يسيطرون على جزء كبير من الأراضي الشمالية وسكانها.

بعد مرور أكثر من خمس سنوات على اعلان دول التحالف العربي بقيادة الرياض بدء عملياته العسكرية في اليمن تحت مسمى عاصفة الحزم، أصبح الحوثيون الذين يتلقون الدعم من قبل ايران, يتمتعون بموضع قوة، بعد أن فرضوا سيطرتهم الكاملة على الارض ضد القوات الحكومية اليمنية المدعومة من قبل القوة الضاربة في الرياض.

فقد نفذ الحوثيون هجمات على أهداف استراتيجية في المملكة العربية السعودية خلال الثلث الاخير من العام 2019، من خلال تسير أسراب من طائرات بدون طيار متطورة يمكنها أن تجتاز مئات الكيلومترات.

لا يسيطر أنصار الله على جزء كبير من الأراضي فحسب، بل أن معظم سكان اليمن أضحى تحت سيطرتهم، كما يقول عالم الأنثروبولوجيا فرانك ميرمير، الخبير في شأن المجتمعات العربية والإسلامية والباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي: “لقد نجح الحوثيون من تحقيق ذلك, من خلال شبكة من التحالفات مع جماعات أخرى لا تشارك معهم العقيدة الأيديولوجية، لذلك تمكنوا من استبدال الحكومة الشرعية بجزء كبير من السكان”.

حكومة الفنادق:

كان على صناع القرار السعودي من جهتهم أن يتعاملوا مع الخلاف الدائر داخل المعسكر المناهض الحوثيين بجدية, ولكن تلك الخلافات اسفرت عن اندلاع اشتباكات في المناطق الجنوبية من البلد, بين قوات ما يعرف باسم “الحزام الأمني” بقيادة دولة الإمارات والقوات الحكومية التي تتلقى الدعم من قبل الرياض,

وفي يوليو من العام 2019، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي للرياض في التحالف، عن تقليص وجودها العسكري على الأراضي اليمنية.

وبحسب فرانك ميرمير, فأن الحكومة المركزية اليمنية اليوم في موقف ضعيف للغاية، حيث لا يمكنها حتى الاستقرار في عدن، عاصمة الجنوب، التي أصبحت في يد الجماعات المطالبة بالانفصال, كما تعاني الحكومة ايضاَ من الافتقار إلى الشرعية, حيث تلقت ضربات موجعة إثر تلقيها للعديد من الهزائم على أرض الميدان … ناهيك عن كون العديد من وزراء الحكومة المركزية اليمنية يعيشون الآن في الفنادق السعودية، حيث ينظر للرئيس هادي بأنه رئيس “حكومة الفنادق”.

وقف إطلاق النار لمكافحة الوباء:

في 23 من مارس المنصرم, دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء العالم, لحماية المدنيين من “براثين غضب” الفيروس التاجي الجديد.

ومن جانبهم، قال الحوثيون إنهم “منفتحون على جميع الجهود والمبادرات”, ودعا رئيس المجلس السياسي الاعلى في الحركة الحوثية مهدي المشاط، ، في بيان له، إلى “الهدوء الكامل والحقيقي، وبناء الثقة وتهيئة مناخ يفضي إلى نجاح الحل السياسي الشامل”.

كما عرج فرانك ميرمير, على أن هذه هي الخطوة التي تشتد الحاجة إليها من جانب مختلف أطراف الصراع, ومن الواضح أن هناك جانبا رمزيا لقبول وقف إطلاق النار هذا، لأن جميع الأطراف شاركت في إضعاف النظام الصحي الحالي”.

فقد خلف هذا الصراع المشتعل منذ أواخر مارس من العام 2015, عشرات الالاف من الضحايا, جلهم من المدنيين, واليوم أصبح زهاء 24 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية, ناهيك عن تدمير شبه كامل للبنية التحتية للبلد.

وعلى عكس الوضع الحاصل في سوريا أو ليبيا اللتان تعيشان حالة حرب, كما هو الحال في اليمن، لم يسجل البلد سوى حالة إصابة واحدة بـ”كوفيد-19″، لكن المنظمات غير الحكومية تخشى وقوع كارثة في حال انتشر الوباء في البلد الذي يعيش فيه أكثر من ثلاثة ملايين شخص في مخيمات داخلية مكتظة بنازحين.

(موقع” فاتيكان نيوز- Vatican News” الفرنسي ) – ترجمة: أسماء بجاش
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.