بقلم: ارمين عرفي

انها نتيجة غير متوقعة من ازمة كوفيد – 19 (فيروس كورونا المستجد)؛ حيث أن وباء الفيروس التاجي هذا، الذي لا يرحم في الشرق الأوسط، دفع العديد من البلدان والكيانات إلى وضع عدائها المتبادل جانبا للتعاون في مكافحة هذا المرض.

وأحدث مثال على ذلك, اعلان المملكة العربية السعودية التي انشغلت بوقف انتشار فيروس كورونا على أراضيها وبشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي، وقف اطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوعين وذلك في الصراع الذي لا نهاية له والمكلف منذ ضد الحوثيين المدعومين من ايران.

وفي حديثه لصحيفة “لوبون” قال السفير الفرنسي السابق في اليمن، جيل غوتيه، أن “هناك رغبة لدى السعودية في الخروج من هذا النزاع الذي لا يحظى بشعبية ولا يمكنهم الفوز به” و “القضية هي الخروج من البلد دون فقدان ماء الوجه، والفيروس التاجي يعطيهم هذه الفرصة”.

وبينما سجل في اليمن اول حالة رسمية بالإصابة بالفيروس التاجي في 10 ابريل (ونلاحظ انه في غياب اختبار واسع النطاق، من المتوقع ان يكون العدد اعلى بكثير من ذلك)، يبدو ان الهدنة قد استغرقت وقتا طويلا.

وباستقرار الامن في شمال غرب البلد، اتهمت الرياض الحوثيين، الذين رأوا في وقف اطلاق النار السعودي بأنها “مناورة سياسية وإعلامية”، اتهمتهم باستئناف القتال في اليومين الماضيين، في حين يواصل التحالف من جانبه قصفه الجوي.

الإمارات تساعد إيران:

في حين انسحبت عسكريا من اليمن في يوليو 2019، تخوض الامارات العربية المتحدة، اليوم، على أراضيها معركة ضد عدو غير مرئيا: فيروس كورونا .

ولوقف الوباء، الذي أصاب أكثر من 5300 شخص، فقد فرض الاتحاد الثري تدابير احتواء صارمة على سكانه البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، منهم فقط 12 بالمائة من مواطني الامارات، ومع غرامات تصل إلى 11500 يورو, لكنها زادت أيضا من مساعداتها في الخارج بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الدولة الأكثر تضررا من فيروس كورونا في الشرق الأوسط, ومع ذلك، لدى أبو ظبي علاقة متضاربة، على الأقل، مع طهران التي تتهمها بـ “زعزعة استقرار” المنطقة.

إن الامارات كانت من اشد الداعمين لسياسية “اقصى ضغط” الذي مارسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومع ذلك وافقت الامارات في 16 مارس على ارسال طائرتان تحتويان على 32 طنا من معدات الحماية ( اقنعة وقفازات وبدلات).

وقبل اسبوعان، أرسلت أبوظبي، بالفعل، خمسة خبراء طبيين و 7،5 طن من المساعدات كجزء من بعثة منظمة الصحة العالمية إلى لجمهورية الإسلامية, وأكد دبلوماسي خليجي، طلب عدم الكشف عن اسمه، ان “المساعدة الإنسانية جزء من الحمض النووي لدولة الامارات ” و”لذلك فان استقرار وازدهار دول الجوار مهم جدا بالنسبة لها”.

لا مشكلة مع الشعب الإيراني :

في خطوة نادرة، اتصل وزير الخارجية لدولة الامارات عبد لله بن زايد في 15 مارس الماضي بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف وذلك لتقديم ” تعازيه ” للشعب الإيراني والتأكيد على ” دعم ” بلاده “.

ويقول الدبلوماسي الخليجي أن “هذا ليس تغييرا في الاستراتيجية تجاه ايران , فالإمارات قالت منذ فترة طويلة انه اذا كانت لديهم مشاكل مع النظام الإيراني فلن يكون لديهم اية مشاكل مع الشعب” و”أبو ظبي لا تريد صراعا في المنطقة, لطالما ارادت تحدي السياسة الخارجية الإيرانية من خلال تخفيف التوترات”.

وردا على سؤال من طهران، قال العالم السياسي الإيراني حمزة صفوي، أن البلدين استأنفا بالفعل لغتهما قبل تفشي فيروس كورونا.

وفي نهاية يوليو 2019, بعد زيادة الهجمات المنسوبة إلى ايران ضد ناقلات النفط التي تبحر في الخليج الفارسي، ارسل الاتحاد، لأول مرة منذ ست سنوت، وفدا من خفر السواحل الاماراتيين للحوار في طهران.

ويقول أستاذ العلوم السياسية عضو المجلس العلمي بجامعة طهران، أن ايران والامارات العربية المتحدة تفاوضتا حول قضايا الامن الإقليمي وكذلك فتح قنوات مالية بين البلدين.

آلية الاتصالات الإسرائيلية الفلسطينية:

إن الشرق الأوسط ليس استثناء من الموجة الحالية من الاحترار الدبلوماسي في المنطقة, وفي حين أن “خطة السلام” التي اعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يناير الماضي اغلق الصدع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، هدد محمود عباس مرة أخرى بقطع التعاون الأمني مع الدولة العبرية، وبسبب ظهور “كوفيد – 19” اجبر الجانبان على التعاون في الخطة الصحية .

ويقول إيلي كارمون، الباحث في القضايا الاستراتيجية ومكافحة الإرهاب في المركز المتعدد الاتجاهات في هرتسليا (إسرائيل)، انه “بالنسبة لإسرائيل، فان الفيروس التاجي اكثر حساسية لأنه قضية امنية وصحية, ومنذ ذلك الحين، بدلت كل ما بوسعها للقضاء على خطر التلوث داخل السلطة الفلسطينية، التي أصبحت بنيتها التحتية الصحية اضعف مما عليه في إسرائيل.

لقد أنشأت تل ابيب ورام الله آلية اتصال، بشكل خاص، لوقف انتشار فيروس كورونا وتم تدريب الأطباء الفلسطينيين في المستشفيات الإسرائيلية لعلاج حالات “كوفيد -19″ .

في 18 مارس الماضي، اتصل الرئيس الإسرائيلي روؤفين ريفلين بنظيره الفلسطيني محمود عباس ليؤكد له ان تعاونهما ” حيوي لضمان صحة ” الشعبين . لكن كان مستاءا من وضع 70 الف فلسطيني يعملون يوميا في إسرائيل . واقترحت الدولة العبرية بالفعل ان تبقى على أراضيها طوال فترة الوباء ، بينما اعترضت السلطة الفلسطينية ذلك خوفا ان تلوث الضفة الغربية .

استئناف المحادثات بين حماس وإسرائيل:

ان المثير للدهشة هو أن ظهور فيروس كورونا في قطاع غزه جعل من الممكن استئناف المحادثات بين حماس وإسرائيل من أجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد وتخفيف الحصار الإسرائيلي – المصري.

ففي الـ 22 من مارس الماضي اثار الإعلان عن اول حالتين مصابة بـ كوفيد – 19 في الجيب الفلسطيني شعورا بالإلحاح في هذه المنطقة المكتظة بالسكان في العالم والتي لا تعتمد سوى على 96 جهاز تنفس فقط لسكان يبلغ عددهم مليوني نسمة.

وفي مواجهة خطر انتشار فيروس كورونا، هدد زعيم الحركة الإسلامية, الدولة العبرية بشن هجمات اذا لم تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة, وقال يحي السنوار على تلفزيون حماس في الـ 2 من ابريل ” اذا لم يكن هناك جهاز تنفس، فسوف نحرص على أن يتوقف ستة ملايين إسرائيلي عن التنفس, وبهذا قال زعيم غزة انه مستعد لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل.

ووفقا لصحيفة “هأرتس” الإسرائيلية، فان المحادثات الجارية كانت امتدت إلى اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل مقابل معلومات عن مصير مواطنين اسرائليين هما أبر منغيستو وهشام السيد، المفقودين في غزة وجثتي جنديين من جيش الدفاع الإسرائيلي، اورون شاؤول وهدار غولدين ، الذين قتلا في عملية الجرف الصامد في عام 2014.

ويقول إيلي كارمون, ليس لإسرائيل مصلحة في السماح للوضع الصحي بتدهور في غزة والتسبب في ازمة صحية, ويضيف” لكن حماس تطلب الكثير مقابل القليل, ويبدوا من الصعب على الحكومة المؤقتة في إسرائيل الموافقة على تقديم الكثير للفلسطينيين.
( صحيفة “لو بوان” الفرنسية ) ترجمة: وائل حزام
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.