بقلم: بوبي غوش#

 السياسية:(موقع “بلومبيرج –Bloomberg” الأنجليزي, ترجمة: انيسة معيض-سبأ)

وصل الفيروس التاجي كورونا إلى ارض اليمن, البلد التي تقع في اطراف شبه الجزيرة العربية، ذلك البلد الفقير حتى قبل أن تدمرها خمس سنوات من الحرب، يواجه الآن أزمة أربكت أغنى دول العالم وأكثرها امناً.

يمكن للدبلوماسية الحذرة والمستدامة من قبل جيرانها والقوى الكبرى في العالم أن تخفف على الأقل من المذبحة المدنية التي يهدد الوباء بتفاقمها.

وكحد أدنى، تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تقوم بتغيير قراراتها القاسية والتي قد تكون كارثية ليس فقط ايقاف تمويل منظمة الصحة العالمية ولكن أيضاً الكثير من مساعدتها المباشرة لليمن.

من الصعب أن نتخيل دولة لديها القليل من الاستعداد لموجهة هذا الوباء وهي الأكثر عرضة له, فبحسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 80٪ من سكان اليمن “في بوتقة الحاجة”, ويصنف أكثر من 3.65 مليون يمني على أنهم “نازحون”.

لم يكن النظام الصحي في البلد ملائماً على الإطلاق، بعد أن دمرته الحرب: سواء استهدفه المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران والذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن أو تحالف الدول العربي بقيادة السعودية الذين يخوضون حرباً ضدهم، وقد استهدفوا المستشفيات والعاملين الصحيين بشكل متكرر, كما أدت الحرب إلى انتشار سوء التغذية ونقص حاد في الأدوية الاساسية، مما ترك العديد من اليمنيين دون حماية من مسببات الأمراض.

أدت هذه الظروف بالفعل الى أكبر تفشي للكوليرا في العالم في 2018، وكانت هناك هجمات أقل منذ ذلك الحين, واليوم, أصيب أكثر من مليون يمني بالمرض، في حين لقي حوالي 3800 الف شخص مصرعهم.

يتطلب الوضع جهود إنسانية هائلة فقط لمنع الفيروس التاجي من قتل عدد أكبر من اليمنيين الذين لقي الكثير منهم مصرعهم بسبب الكوليرا.

وقد حذرت وكالات الإغاثة بالفعل من قدوم “الكابوس”, لكن العديد من البلدان والوكالات التي من المتوقع أن تدير دفه مثل هذا المشروع مشغولة بمحاربة الوباء في بلدانها وفي البلدان التي وصل فيها الفيروس في وقت مبكر.

لذا، لم يكن بوسع الولايات المتحدة أن تختار لحظة أسوأ لخفض عشرات الملايين من الدولارات من مساعدات الرعاية الصحية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، ملقية باللوم على المتمردين في تحويل مسار توزيع المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

والأكثر خطورة هو قرار إدارة ترامب بوقف المدفوعات لمنظمة الصحة العالمية التي كانت تجهز المستشفيات اليمنية لمواجهة هجوم الفيروس.

وفي كلتا الحالتين، سيتحمل المدنيون العبء الأكبر من تبادل إطلاق النار السياسي الذين لم يكونوا السبب فيه.

على الرغم من أن الفيروس التاجي كورونا دفع المملكة المتحدة والدول المتقدمة الأخرى إلى زيادة مساعدتها لليمن من خلال منظمة الصحة العالمية ، والدول التي ساهمت بشكل كبير في تدميرها – المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران – يجب أن تقوم بالجهد الإنساني الثقيل – بما ان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لديها ما تقدمه – أو على الأقل الابتعاد عن هذا المجهود.

الخطوة الأولى هي التأكد من أن وقف إطلاق النار الذي أعلنه الائتلاف العربي لمدة أسبوعين أمر متبادل من جهة الحوثيين ، ومدد إلى أجل غير مسمى. وكل طرف يتهم الآخر باستخدام التهدئة لتحقيق مكاسب عسكرية. المشاحنات بعد الاتفاق أمر لا مفر منه في الحرب ، لكن الوقت الثمين يضيع. يجب على الأمم المتحدة أن تتأكد من أن القتال توقف تماماً وتتوسط  للتمديد.

المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، بعد أن قامت بعمل جيد نسبياً في إدارة الوباء في بلديهما ، لديهما المزيد من الموارد لتقديمها اليمن. ويمكن لصندوق النقد الدولي ، الذي أدرج اليمن في قائمة 25 دولة سيقدم لها تخفيف الديون ، أن يفعل المزيد.

إن إيران ، التي فشلت بشكل فادح في إدارة أزمة الفيروسات لديها ، ليس لديها الكثير لتدخره. (وسوف ترون انها ستبحث عبثا عن مساهمات مباشرة كبيرة لليمن من الصين وروسيا). لكن النظام في طهران يمكنه استخدام نفوذه مع الحوثيين – الذين ليس لديهم رعاة آخرين – لإجبار المتمردين على العمل مع السعوديين والإماراتيين.

حتى أفضل الجهود والنوايا لن تمنع الوباء من الانتشار في مناطق أخرى عبر اليمن. العوامل الثقافية والاقتصادية تزيد من المخاطر. الإدمان المجتمعي على القات ، وهو نبات مخدر معتدل ، سيجعل من الصعب فرض عمليات الحجر الصحي: حتى لو تجنب اليمنيون التقليد المتمثل في مضغ اوراق القات في مجموعات ودية ، يجب أن يحصلوا على إمدادات جديدة منه كل يوم. وعلى أي حال ، تعمل الغالبية العظمى من الناس في القطاع غير الرسمي ، بأجر يومي ،وفي وظائف لا يمكن القيام بها من المنزل.

بعبارة أخرى ، اليمن لا يمكنه الانتظار: ألأسوأ فالأسوأ من السيناريوهات والحالات موجود هنا بالفعل

# بوبي غوش كاتب عمود وعضو هيئة تحرير بلومبيرج. يكتب في الشؤون الخارجية ، مع التركيز بشكل خاص على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الواسع

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.